الإتهامات الصريحة والمباشرة التي وجهها رئيس دولة فلسطين السيد محمود عباس لأطراف إقليمية وعربية بمعرفتها المسبقة بسيناريوالإنقلابيين في حماس لإغتياله وفرض واقع سياسي جديد في فلسطين والمنطقة، تعيد إلى الأضواء حقيقة الدور المتداخل للعديد من الأجهزة والدوائر السرية في المنطقة في تحريك الملفات وإعداد السيناريوهات والديكورات الخلفية، وخلط الأوراق بطريقة تجعل من العالم العربي مسرحا يوميا لعروض اللامعقول بل والمسرح السوريالي بكل أساليبه الغريبة والعجيبة والمتحولة، وورود إسم دولة قطر في إتهامات الرئيس الفلسطيني ليس مجرد خطأ مطبعي؟ ولا هوضمن زلات اللسان؟ المعروفة في عالم السياسة المتحول، بل أنه تحصيل حاصل وحقيقة منهجية ثابتة باتت اليوم هي المتحكمة في المشهد السياسي الشرق أوسطي؟ فالدور القطري من خلال الكواليس غير المباشرة والأدوات المعروفة التي تمتلكها الماكنة القطرية أومن خلال الدبلوماسية القطرية المباشرة التي إصطفت في سفينة واحدة مع الأنظمة الراديكالية في المنطقة كنظامي دمشق وطهران وهما في حالة حصار واضحة المعالم وفي حالة دفاع هجومي شرس أيضا عن وجودهما وتكلسهما؟ يثير أكثر من علامات الإستفهام والتعجب وكل تساؤلات الدنيا المعروفة؟ فما هوالجامع أوالرابط بين السياسة القطرية صاحبة الوجهة الخليجية المحافظة تقليديا وبين الثعابين الشرسة التي توجه نظامي دمشق وطهران؟ وهي الأنظمة التي لا تنظر لدولة قطر إلا بكونها قاعدة من قواعد الغزوالأميركي للمنطقة برمتها؟ كيف يمكن التوافق بين الحقائق الميدانية التي نعرفها جميعا والمكشوفة على الطبيعة والتي تشكل حقيقة عارية وبديهية للسياسة القطرية التي جعلت من التطبيع مع إسرائيل فعلا بسيطا للغاية خصوصا بعد قيام الرئيس الإسرائيلي الحالي شيمون بيريز بزيارة الدوحة والتبرك بالتجول في أسواقها العامرة بل وزيارة قلعة النضال العربي والصوت المعبر عن الأصوليين من وحوش الشاشة العربية الجدد كالظواهري ومن لف لفه من المخابيل المتأسلمين وهي قناة الجزيرة صاحبة الفضل الأول في إدخال الصوت الإسرائيلي لكل البيوت العربية دون إستثناء والتي حققت من الإختراق السياسي والإعلامي الإسرائيلي للعالم العربي ما لم تستطع تحقيقه كل الدول التي أقامت علاقات مبكرة مع إسرائيل مثل مصر التي لا تزال حتى اليوم رغم مرور أكثر من ربع قرن على إتفاقية السلام تشعر بحرج كبير من العلاقات مع الدولة العبرية والتي تعتبرها خيار مر لا بديل عن معايشته رغم كل جراح الماضي ومآسيه التي لا يمكن نسيانها ومنها قضية إعدام الأسرى المصريين في حرب 1967 وهوملف محرج ومؤثر، ولعل إصطفاف الدوحة في معسكر واحد مع أنظمة طهران ودمشق بل ومغالاة الإعلام القطري في المزايدة على الشعارات القومية من الأمور العجائبية التي تستحق أن تدخل قائمة عجائب الدنيا الجديدة؟ فلوإندلعت الحرب في الخليج العربي بين الولايات المتحدة وإيران فإن أول المتضررين وأوسعهم سيكون قطر ما غيرها؟ فهي الراعية والحاضنة والقاعدة الكبرى للقيادة الأميركية في الشرق الأوسط؟ ومن قاعدتي العديد والسيلية ترسم الخطط الستراتيجية وتنفد وتنطلق الطائرات والصواريخ كما حصل في حرب العراق الأخيرة؟ فرغم حسرات وآهات ونواح ونباح الجزيرة على النظام العراقي السابق فإن مهمة إسقاطه الرئيسية تمت من الجوار الملاصق وكان كادر الجزيرة يستمع لأصوات الطائرات الأميركية وهي تدك بقاياالنظام العراقي بينما كانت الجزيرة وأهلها في حالة حزن ونواح لم تنقطع حتى اليوم؟ واليوم يبدوأن سياسة قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم قد أضحت هي المنهج المعتمد للدبلوماسية القطرية المباركة؟ فهي قد تحولت لأحد أعضاء جبهة الصمود والتصدي المنقرضة ولكنها في ساعة الحقيقة والمواجهة المباشرة لا يمكنها إلا أن تكون أمينة بالكامل لدورها الستراتيجي ولواقعها السياسي المرتبط حتى الثمالة بالإرادة الأميركية التي لا تعلوها إرادة مهما علا صراخ وعويل وتهديد قادة حزب الله أومخابيل القاعدة وشركاهم أوصراخ الطالبان أوالمحاكم أوثوار الشيشان؟ إنها اللعبة القطرية الستراتيجية الكبرى التي تقتل القتيل وتمشي في جنازته؟ وهي نفس اللعبة التي جعلت من الدوحة واحة أمان في ظل التهديدات الإرهابية وأعمال القتل والتفجير في دول المنطقة بدءا من العراق المدمى وليس إنتهاءا بالسعودية التي هي في مواجهة دائمة ويومية مع جماعات الإرهاب؟ ولكن المشكلة تكمن في أن تلك اللعبة خطيرة للغاية وهي تشبه لعبة مداعبة الثعابين الخطرة التي لا يمكن ضمان الحصانة من لدغاتها القاتلة، وتلك اللعبة إن نجحت مع النظام العراقي السابق المرتبط وقتئد مع الدوحة بأقوى العلاقات إلا أنها لا يمكن أن تنجح مع نظام الولي الإيراني الفقيه وهونظام ثعلبي ماكر لا يمكن للسياسة القطرية مضاهاته ولا محاكاته؟ فللسياسة الإيرانية من الخبرة والدهاء والمناورة ما يجعل الدبلوماسية القطرية بمثابة روضة أطفال أمامها؟ القطريون يلعبون اليوم في الوقت الضائع واحدة من أخطر الألعاب البهلوانية؟ فهل سيضمنون سيناريوهات النهاية؟ تلك هي المسألة؟
- آخر تحديث :
التعليقات