يروى عن حسن البنا أنه كان يقول إذا كررت فكرتك عشرين مرة وظننت أن الناس فهموا عليك فأنت متفاءل؟
والحمار يتعلم بأفضل من الأنسان؛ فيمكن للطفل أن يكرر الخطأ مائة مرة، ويعلم ألف مرة، حتى يستقيم عوده، ولكنه إذا استقام صار أفضل من الحمار ألف مرة، فهذا هو الفرق بين التيس وابن آدم؟
وفي كل مرة أكتب عن الاستبداد تأتيني الردود وكأني لم أكتب شيئأ؟ واكتشف أنني كنت أكتب لنفسي لا أكثر..
وفي العادة يفهم الناس على بعضهم بما يملكون من خلفية ثقافية، فإذا تحدث الصيني مع الصربي لم يفقها على بعضهما إلا بالإشارات مثل الخرسان، فيرجعان إلى لغة الصم وإنسان الكهف واللغة الأولية بدون نطق وبيان؟
وحينما أتحدث إلى إنسان، أعرف أنني لم أزده معرفة، بقدر ترسيخ ما عنده، يظهر هذا بشكل جيد، حينما يولي الإنسان دبره للآخر فيروي ما جرى بينهما فيكرر كل واحد كلماته أكثر من كلمات الطرف المقابل؟
وفي المحطات الفضائية العربية، نرى رئيس كل دولة محور العالم، والعالم كرة أرضية تدور حول شمسه البهية، وهو لايزيد عن ذرة تافهة في الكون اللامتناهي، كما هي حال كرتنا الأرضية المسكينة..
والوثنية شر طامي وبحر عميق الغور، والتوحيد عملية توليد للحق مستمرة، بجهد وجهاد.
وفي موضوع صدام المصدوم المشنوق، جاءتني الردود عن بطولته، وعن إيمانه، وأنه من أصحاب اليمين، وأن الأمة اجتمعت على بطولته وصدقه، ومن هؤلاء أرسل لي الحطاب من فلسطين، عن هذا الإعجاب اللامتناهي عن شخصية البطل، وأنه سيدخل الجنة، ولو قتل تسعة وتسعين نفسا، كما جاء في الحديث؛ فتأتي ملائكة الرحمة، فتدخله الجنان من أي باب من أبوابها الثمانية اختار!!
وتفكيرا من هذا اللون يفهمنا عن معنى السحر والضباب الذي يعيشه العربان في قصص أوليفر والسندباد البحري.
وجوابي أن الجنة والنار ليست في يد أحد فهي بيد الرحمن الرحيم، الذي كتب على نفسه الرحمة.
وصدام شقي أو سعيد ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك، فقد أفضى إلى ربه ورجع من حيث جاء، فإما كان كتابه بيمينه، وإما كان في شماله؛ فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا، فأمامه حفله برومثيوس في جبال الأولمب؟؟
قلت للأخ: هل عندك فكرة عن نوع التعذيب (الصعود؟)؟؟
إنها صخرة صماء هائلة يتصبب عرقا وهو يحملها إلى قمة الأولمب؛ فإذا وصلت تدحرجت؛ فعليه إعادة الكرة إلى أبد الآبدين، وما ينتظر صدام أفظع من برومثيوس!!
وهو ليس الوحيد من الغربان في عالم العربان.
وحجج الحطاب ليست بتلك القوة، فقد اجتمع على قبر (الأسد) في سوريا كل علماء سوريا، فوقفوا تحت ظهيرة الشمس بدون كراسي، خاشعة أبصارهم من الذل، ينظرون من طرف خفي، حتى صرفهم الجاندراما والمخابرات من قرداحة وهم يطمعون.
وفي دمشق تحول كل شيء إلى اللون الأَسود مع الأُسود..
وفي موت العجل (الناصري) رأيت من انتحر في لبنان، وخرج في جنازته من العبيد والقردة والخنازير وعبد الطاغوت أكثر ممن خرج في جنازة خوفو وخفرع ومنقرع وأخناتون، وهم يلطمون الخدود ويشقون الجيوب، والله يقول عن أكثر الناس أنهم مشركون ولا يعقلون..
وعند قدمي (لينين) خشع وبكى خمسة ملايين وهو الذي أرسل إلى المقابر خمس وعشرين مليونا، من الروس التعساء، بالمسغبة والمشنقة والخازوق الأحمر.
وعند محفة ستالين خشع الرفاق وهم يقرأون النص المقدس من الوحي المنزل من كتاب (رأس المال) تنزيلا.
وعند محفة (بومدين) كان أفراد العصابة ومعهم الجموع، يرتجفون فرقا وهلعا، أن يستيقظ من سباته، بعد أن جلبت له أحدث أدوات الطب لعله أن يصحو ويرجع إلى البطش؟
وتكرر هذا للمجرم (تيتو) الذي قتل من الناس أكثر من شعر رأسه الذي سقط؟
وكذلك الحال مع (فرانكو) الذي أرسل في الحرب الأهلية الأسبانية إلى المشانق والمخانق أكثر من مليون من الأنام؟
ومشيت أنا في ضريحه كيلومترات من الأبنية الهائلة، أكثر من آثار رمسيس الثاني، وعلى ضريحه ارتفع أعظم صليب في العالم، يتبرأ منه المسيح وبطرس والحواريون جميعا..
ولكنها مهزلة التاريخ..
وعند أمشاط قدم (ماوتس دونغ)، بكت الفتيات بخشوع، بدموع تزيد عن أمواج نهر تسيانج في همهمة وحمحمة مع تلاوة نصوص الكتاب الأحمر. وهو الذي مات في عهده أيام الثورة الثقافية ثلاثون مليون جوعا.
وحين يصلي (صدام) طول الليل، ويقرأ القرآن طول النهار، ويحج كل سنة، وقد سفك دما حراما لفرد واحد فلن ينجو، والشهيد يوقف عند بوابة الجنة لأنه لم يسدد دينه، وهو قد سفك دم مليونين من المناكيد في أقل التقادير.
والأمة الإسلامية اليوم عقلها في جيوب الجبت والطاغوت والشيوخ والمفاتي بعمائم جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود..
وأما الزكرتيه والعنترية عند صدام، وأنه استقبل الموت بجيغارة ورقبته تقص؟ فهناك من الحشاشة والزعر والحرافيش والقوادين والعيارين من هم أشجع من صدام المصدوم، ولم يصبح الزعر يوما قديسا ولا اللص شهيدا..
ولكن كل كلامي لا يفيد إلا في كسب العداوة وشدة النفرة، كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة...
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف، تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات