عندما يجتمع وزراء الخارجية العرب للبحث في الوضع اللبناني، لا يعود السؤال هل يستطيع العرب تقديم شيء لبنان، بل هل هناك عربي يتجرّأ على قول الكلام الذي لا مفر من قوله في حال كان الغرض مساعدة لبنان. والكلام الذي يجب قوله عربيا يختصر بعبارة بسيطة هي أن لبنان يواجه حاليا خيارين لا ثالث بينهما. أما أنه ينتمي ألى ثقافة الحياة أو يذهب ضحية ثقافة الموت التي يحاول quot;حزب اللهquot; فرضها عليه. بكلام أوضح أن لبنان بين أن يكون مجرد أمتداد للمحور الأيراني- السوري عبر الأداة الأيرانية التي أسمها quot;حزب اللهquot;، أي مجرد quot;ساحةquot; يستخدمها المحور ... أو دولة عربية سيّدة مستقلة شاركت في تأسيس جامعة الدول العربية.
لا معنى لأي أجتماع عربي لا يصدر عنه بيان يسمي الأشياء بأسمائها ويقول للنظام السوري أن لعبته مكشوفة وأنها لا تصب في النهاية سوى في خدمة أسرائيل التي تلتقى معه في الرغبة من التخلص من النموذج اللبناني لسببين على الأقل. الأول أنها تريد أن تبقى الدولة الوحيدة في المنطقة التي يمكن وصفها بquot;الديموقراطيةquot;، على الرغم من ممارستها أرهاب الدولة المتمثل بالأحتلال. أما السبب الآخر فيختصر بأن لبنان مكان تتعايش فيه طوائف ومذاهب مختلفة. وكل ما تريده أسرائيل هو تأكيد أنها دولة يهودية وأن صيغة العيش المشترك لا مكان لها في الشرق الأوسط.
ليمتلك العرب ولو مرة الجرأة الكافية للقول للنظام السوري أن عليه عدم التدخل في لبنان وأن الكل يعرف أن الذين يمنعون بقوة السلاح أنتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، أنما يفعلون ذلك بأوامر سورية. يفعلون ذلك بهدف واضح كل الوضوح هو عودة نظام الوصاية ألى لبنان وعودة الوطن الصغير رهينة لدى السوريين والأيرانيين، على غرار ما حل بالطائفة الشيعية الكريمة، بأكثريتها للأسف الشديد، التي صارت رهينة لدى quot;حزب اللهquot; ومرجعيته الأيرانية... ألى أشعار آخر.
ما يتعرض له لبنان في المرحلة الراهنة فصل آخر من الأنقلاب الهادف ألى ألغائه وشطبه عن خريطة الشرق الأوسط. لم يكن التمديد للرئيس اللبناني السابق أميل لحود في خريف العام 2004 سوى تعبير عن الأصرار على المضي في الأنقلاب. لم يكن في لبنان رئيس يتجرأ على رفض أرسال الجيش ألى الجنوب غير أميل لحود. هل هناك رئيس في العالم يتخلى عن جزء من أرض بلده لتكون تحت سيطرة ميليشيا تتلقى المال والسلاح من أيران؟ لهذا السبب وليس لغيره، يرفض النظام السوري أنتخاب رئيس جديد للبنان. أنه لا يستطيع بكل بساطة أيجاد من هو في مستوى أميل لحود أو دون هذا المستوى، ولذلك، صار الفراغ مرشحه.
لا وجود لأي سبب عربي يحول دون قول الحقائق ومواجهة النظام السوري بها والتأكيد له أن مناوراته لم تعد تنطلي على أحد. هل تقبل دولة عربية بأن تكون هناك ميليشيا مسلحة مدعومة من قوة خارجية على أرضها؟ في حال كان هناك من يقبل بذلك، يمكن عندئذ أيجاد من يستطيع الدفاع عن تصرفات النظام السوري وألجرائم التي يرتكبها في لبنان، بدءا بمحاولة أغتيال مروان حماده ومرورا بأغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي ذنبه الوحيد الدفاع عن لبنان العربي ورفضه المطلق لتحويل البلد ألى quot;ساحةquot; تستخدم في لعبة الأبتزاز الذي لا يتقن النظام السوري، ومن خلفه النظام الأيراني، غيرها.
آن للعرب أن يخرجوا من المواقف الرمادية. مثل هذه المواقف سترتد عليهم عاجلا أم آجلا وسيدفعون ثمنها على غرار ما يدفع لبنان الثمن الآن. كل ما في الأمر أن سلاح quot;حزب اللهquot; يستخدم ضد اللبنانيين. يستخدم هذا السلاح لتغطية عملية أغتيال للبنان واللبنانيين ومستقبل أولادهم. كان أغتيال رفيق الحريري فصلا من فصول العملية الهادفة ألى التخلص من لبنان. العملية مستمرة. الدليل أن التهديدات التي أطلقها الأمين العام لquot;حزب اللهquot; في أتجاه اللبنانيين، الشرفاء حقّا، في مقابلته التلفزيونية الأخيرة لا تصب سوى في أتجاه أثارة النعرات المذهبية على غرار ما يحصل في العراق. لن يستطيع السيد حسن نصرالله أستخدام أداته المستأجرة التي أسمها ميشال عون ألى ما لانهاية. لا يوجد لبناني، يمتلك حدا أدنى من الوعي، لا يعرف ما هي مهمة ميشال عون وما هي الوظيفة التي أنتدب نفسه من أجلها منذ خوضه حربي quot;التحريرquot; وquot;الألغاءquot; في العامين 1989 و1990 عندما كان يسعى ألى الحصول على مساعدات من صدّام حسين ونظامه العائلي - البعثي. حرر ميشال عون لبنان وقتذاك من اللبنانيين، خصوصا من المسيحيين الذين هاجروا في عهد حكومته بالآلاف. وألغى ميشال عون في وقت لاحق المسيحيين من المعادلة اللبنانيين عندما حول النزاع في لبنان ألى مسيحي- مسيحي وسهّل على السوري دخول قصر الرئاسة في بعبدا ومقر وزارة الدفاع في اليرزة للمرة الأولى منذ قيام دولة لبنان والجمهورية اللبنانية.
لبنان خط الدفاع الأول عن العرب. عليهم الأختيار بين الحياة والموت. اليوم لبنان، وغدا كل دولة عربية بمفردها أيا تكن المناعة التي تشعر بها، بما في ذلك سوريا. ليست هناك دولة عربية في منأى عن ثقافة الموت التي هناك من يجاول فرضها على لبنان. من يتهاون اليوم مع النظام السوري في لبنان، يتهاون مع نفسه أولا، لا أكثر ولا أقل.
اية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات