لكل قضية صغيرة كانت أو كبيرة جنائية أو سياسية فردية أو جماعية لها اربعة اركان حتى تكتمل، جانى ومجنى عليه ووقائع القضية بالادلة، بالاضافة إلى محامى يدفع بالقضية إلى ساحة العدالة. وقضية الأقباط مثل أى قضية لها وقائع محددة، موثقة في تقارير حقوقية مصرية ودولية وحوادث عنف مرصودة بأدلة دامغة ووقائع تمييز صارخ معلنة ومعروفة. أي أن القضية لا خلاف عليها والخلاف فقط هل ما يقع على الأقباط تمييز أو إضطهاد... فعند الحد الأدنى ما يقع على الأقباط هو تمييز، والتمييز ضد حقوق المواطنة مصريا ودوليا؛ ولكن ما يقع على الأقباط اكبر من كونه تمييزا بل هو إضطهاد وفقا للتعريفات الدولية لكلمة إضطهاد.
نحن هنا إزاء قضية واضحة عند الحد الادنى هى تمييز، ومجنى عليه واضح هو الأقباط سواء على مستوى الأفراد أوعلى مستوى الجماعة القبطية كأقلية. المشكلة فى تحديد الجانى وفى وجود محامى يصعد القضية لساحة العدالة.
وفقا للقانون الدولى والمصرى ووفقا لتقارير منظمات المجتمع المدنى المصرى والدولى المسئولية فيما يقع على الأقباط من تمييز أو إضطهاد تقع على الحكومة المصرية أو بمعنى أكثر وضوحا على النظام المصرى واجهزته المختلفة (للإيضاح انطمست الفروق بين الدولة المصرية والحكومة المصرية والنظام المصرى فقد ابتلع النظام كل من الدولة والحكومة منذ يوليو 1952)، والمسئولية تقع على النظام المصرى لسببين الأول، أن الاقباط مواطنوان اصلاء لهم كافة الحقوق وعليهم واجبات وفقا لحقوق المواطنة المستقرة دوليا فى تعريف الدولة الحديثة، وما يقع عليهم لا يقع على غيرهم وهذا ما يقودنا إلى السبب الثانى، ما يقع عليهم يتم لأنهم اقلية عددية تختلف عن الأغلبية فى الدين فهو تمييز أو إضطهاد بسبب الدين، أى ما يقع على الأقباط لكونهم أقلية وما يعانوه من تمييز وإضطهاد لكونهم مختلفين دينيا عن الأغلبية.
ووضع الأقلية هو مفهوم قانونى دولى يترتب عليه التزامات للحكومات التى توجد اقليات فى دولها ومنها مصر، لأن النظام الدولى قائم على مبدئى حكم الأغلبية وحماية حقوق الأقليات... وحكم الأغلبية يعنى الأغلبية السياسية، أما حماية الأقليات فيعنى حماية الجماعات المصنفة أقليات وفقا للتعريفات الدولية للأقلية ومنها أقباط مصر.
ما يقع على الأقباط منظم ومخطط ومقنن وتشترك فيه السلطات الثلاثة أى يأتى التمييز فى المجالس التشريعية وفى التشريع ذاته أى القوانيين وفى القضاء عبر الأحكام القضائية التمييزية غير العادلة وفى القرارات الإدارية الظالمة ومن التعليمات الشفوية ومن العرف الذى اكتسب قوة القانون ومن السلطة التنفيذية بكافة مستوياتها واجهزتها الأمنية ومن إستبعاد الأقباط من المشاركة فى صنع القرار ومن ثم المشاركة فى إدارة بلدهم، وكل هذا لا يتم عبثا بل هو مخطط، فالإستبعاد من المؤسسات التى تمثل صنع القرار والتى تشكل عصب الدولة هو عمل واع ومدروس ومتفق عليه ويتم وفقا لإستراتيجية عليا للدولة تتبناها مؤسسات الدولة السيادية فى غياب الوجود القبطى.
إذن مسئولية النظام المصرى عن ما يقع على الأقباط واضحة وضوح الشمس. ولكن النظام المصرى يريد ضرب القضية ونفى مسئوليته بطريقتين، الأولى مبدأ quot; شيوع المسئوليةquot; وذلك بتبرير أن ما يقع على الأقباط هو حوادث فردية، أو إعتداءات يقوم بها متطرفون أو مختلون عقليا أو بالإدعاء إنها مشاجرات عادية أو جرائم جنائية عادية أو بالايعاز أن ما يحدث هو حوادث فتنة طائفية نتيجة صدامات يقوم بها متطرفون من الجانبين رغم إنها إعتداءات أثمة، ورغم أن الأقباط والمسلمين ليسوا بطرفين متساويين وإنما أقلية وأغلبية وهو بهذا لا ينفى مسئوليته فقط وإنما يحول الضحية إلى جانى. الطريقة الأخرى فى نفى مسئوليته كجانى هو نفى النظام كون الأقباط أقلية، ومن ثم ما يقع عليهم يقع على كل المصريين وليس لكونهم مختلفين فى الدين عن الأغلبية، رغم أن الأقباط مصنفون كأقلية من طرف الأمم المتحدة وتنطبق عليهم كل الإتفاقيات الدولية لحماية الأقليات، ورغم أن تعريفات مفهوم الأقلية تنطبق عليهم، ورغم وجود دراسات عديدة عن وضع الأقباط كأقلية ورغم أن أى دارس مبتدئ للعلوم السياسية يعرف أن الأقباط أقلية،إلا أن النظام المصرى يصر عكس كل هذا على نفى أن الأقباط أقلية لكى يتنصل من المسئولية الدولية عن ما يجرى لهذه الأقلية.
ناتى إلى المحامى الذى يدفع بالقضية إلى ساحة العدالة، قبل يوليو 1952 وفى فترة الليبرالية المصرية وفى ظل بناء الدولة الحديثة، اتاح المناخ الليبرالى ظهور من يدافع عن الأقباط من كبار العائلات القبطية ومن المجلس الملى العام وكانت مرحلة بناء الوطنية المصرية فالتقط بعض المسلمون الخيط وساهموا معا فى بناء ليبرالية اجهضها انقلاب العسكر. بعد يوليو وفى ظل التأميمات تراجع دور العائلات القبطية الكبيرة وانتكس وضع الأقباط، وفى هذا الجو الكئيب كتب البروفيسور إدوارد واكين كتابه المعرف عن الأقباط عام 1963، الذي أعطاه عنوان quot;أقلية معزولةquot; لأنه لا يوجد من يدافع عنهم. مع مجئ عصر السادات وصعود التيارات الإسلامية وإزدياد وتيرة إضطهاد الأقباط تصدى قداسة البابا شنودة كمحامى يدافع عن شعبه، ومعه بعض الشخصيات فى الداخل مثل ميريت غالى وانطون سيدهم وماجد عطية وغيرهم،حتى عزله السادات فى الدير فى سبتمبر 1981. وبعد كتاب إدوارد واكين باقل من عشر سنوات ظهر محامون أقباط شجعان وفى هذه المرة فى الخارج فى امريكا وكندا واستراليا، من امريكا شوقى كراس ورفاقه وفى أستراليا رمسيس جبراوى ومكين مرقص ورفاقهم وفى كندا سليم نجيب ورفاقه ورغم كونهم يشكلون عشرات الأفراد فقط إلا إنهم قاموا بدور المحامى الأمين الذى وضع القضية القبطية على مسرح العدالة الدولية وانضمت إليهم بعد ذلك أجيالا جديدة خصوصا في السنوات العشر الأخيرة.
فى السنوات الأخيرة تجددت محاولة جديدة لتصفية القضية القبطية، فرغم ما فعلته الحكومة من إنكار مسئوليتها والعمل على شيوع المسئولية ونفى كون الأقباط أقلية إلا إنها لم تنجح فى ذلك لأن العالم كله يعرف إنها المسئولة...فسلك النظام المصرى طريقا آخرا: سعت اجهزة النظام لاختراق أقباط المهجر، ووصلت لبعض من كانوا يصنفوف كمدافعين عن الأقباط، ولكن من بينهم من لا يستحق لقب ناشط قبطى أو يستحق شرف الدفاع عن قضية شعبه... سقط صغار النفوس فى شرك النظام لأنه يسعى ويعرف ما يريد وأيضا لأنهم ضعفاء أو ينظرون إلى ذواتهم وليس إلى مصالح شعبهم العادلة بكل المقاييس مدعين إنهم quot;يحاورون الحكومةquot; وهذه كذبة كبيرة ليس لأن الحوار مرفوض من حيث المبدأ، ولكن لأنه لا يوجد حوار أصلا ولأن الحوار إذا تم له شروط تضمن جديته ونجاحه.
فالحقيقة هي أنه لم يحدث فى العقود الثلاثة الأخيرة أن تحاورت الحكومة فى موضوع الأقباط مع أقباط، وباستثناء حديث الرئيس السادات مع البابا عن عدد الكنائس ووعده بالتصريح ببناء خمسين كنيسة سنويا وهو ما لم يحدث إطلاقا حتى وفاة السادات، لم يجري حوار سياسى إطلاقا بين الحكومة وأى من أقباط الداخل أو الخارج عن أوضاع الأقباط... وكان رفض الحوار دائما يأتى من طرف الحكومة المصرية والنظام المصرى الذي حول ملف الأقباط إلى ملف أمنى ويرفض أى حوار سياسى حوله...والأمن فى مصر لا يتحاور وإنما يراقب ويخترق ليبحث عن عملاء.
المحزن هو أن إجهزة الأمن قد نجحت في اختراق بعض من أقباط المهجر وأصبحوا عن حسن نية أو سوء نية سماسرة للحكومة واجهزتها الأمنية، ودخلت أجهزة الأمنية أيضا على الخط مع سماسرة آخرين من داخل مصر لشل الحركة القبطية تماما ونفى مسئولية النظام عن ما يحدث للأقباط وبالتالى يسقط ركنان لا يمكن أن تستمر القضية بدونهما، نفى المسئولية عن الجانى والتخلص من المحامى.
هل هناك عار أكثر من أن يخون المحامى موكله ويذهب ليتحالف مع الجانى؟ هل هناك فضيحة أكثر من مساعدة بعض أقباط المهجر للأجهزة الأمنية المصرية فى محاولتها للقضاء على الحركة القبطية فى الخارج؟.
انا لا الوم الإجهزة الأمنية المصرية، فهى تقوم بواجبها وفقا لإستراتيجية الدولة العليا المعادية للأقباط. اللوم يقع على الأقباط الذين يعلمون أن هذه الإستراتيجية تهمشهم وتضطهدهم ومع هذا يساعدون مضطهديهم.اللوم يقع على الأقباط الذين لا يقومون بواجبهم فى النظال السلمى للحصول على حقوق المواطنة وفى العمل على دفع مصر لكى تكون بلد ديموقراطى حديث.
ولكن هل ستستطيع الأجهزة المصرية تصفية القضية القبطية؟.
الإجابة قطعا بالنفى. فهناك مشروعية للدفاع وتوكيل مفتوح لكل من يدافع عن قضية عادلة ولكن لا يوجد توكيل من أحد بالخيانة..... وفى كل القضايا العادلة يسقط بعض الأفراد فى الطريق وتبقى القضايا لأن عدالة القضية تفرز دائما وجوها جديدة لم تتلوث بعد وتستلهم عزيمتها من إيمانها بقضيتها ومن الشخصيات الأمينة التى صمدت إلى المنتهى فاستحقت إكليل الحياة.
نحن هنا إزاء قضية واضحة عند الحد الادنى هى تمييز، ومجنى عليه واضح هو الأقباط سواء على مستوى الأفراد أوعلى مستوى الجماعة القبطية كأقلية. المشكلة فى تحديد الجانى وفى وجود محامى يصعد القضية لساحة العدالة.
وفقا للقانون الدولى والمصرى ووفقا لتقارير منظمات المجتمع المدنى المصرى والدولى المسئولية فيما يقع على الأقباط من تمييز أو إضطهاد تقع على الحكومة المصرية أو بمعنى أكثر وضوحا على النظام المصرى واجهزته المختلفة (للإيضاح انطمست الفروق بين الدولة المصرية والحكومة المصرية والنظام المصرى فقد ابتلع النظام كل من الدولة والحكومة منذ يوليو 1952)، والمسئولية تقع على النظام المصرى لسببين الأول، أن الاقباط مواطنوان اصلاء لهم كافة الحقوق وعليهم واجبات وفقا لحقوق المواطنة المستقرة دوليا فى تعريف الدولة الحديثة، وما يقع عليهم لا يقع على غيرهم وهذا ما يقودنا إلى السبب الثانى، ما يقع عليهم يتم لأنهم اقلية عددية تختلف عن الأغلبية فى الدين فهو تمييز أو إضطهاد بسبب الدين، أى ما يقع على الأقباط لكونهم أقلية وما يعانوه من تمييز وإضطهاد لكونهم مختلفين دينيا عن الأغلبية.
ووضع الأقلية هو مفهوم قانونى دولى يترتب عليه التزامات للحكومات التى توجد اقليات فى دولها ومنها مصر، لأن النظام الدولى قائم على مبدئى حكم الأغلبية وحماية حقوق الأقليات... وحكم الأغلبية يعنى الأغلبية السياسية، أما حماية الأقليات فيعنى حماية الجماعات المصنفة أقليات وفقا للتعريفات الدولية للأقلية ومنها أقباط مصر.
ما يقع على الأقباط منظم ومخطط ومقنن وتشترك فيه السلطات الثلاثة أى يأتى التمييز فى المجالس التشريعية وفى التشريع ذاته أى القوانيين وفى القضاء عبر الأحكام القضائية التمييزية غير العادلة وفى القرارات الإدارية الظالمة ومن التعليمات الشفوية ومن العرف الذى اكتسب قوة القانون ومن السلطة التنفيذية بكافة مستوياتها واجهزتها الأمنية ومن إستبعاد الأقباط من المشاركة فى صنع القرار ومن ثم المشاركة فى إدارة بلدهم، وكل هذا لا يتم عبثا بل هو مخطط، فالإستبعاد من المؤسسات التى تمثل صنع القرار والتى تشكل عصب الدولة هو عمل واع ومدروس ومتفق عليه ويتم وفقا لإستراتيجية عليا للدولة تتبناها مؤسسات الدولة السيادية فى غياب الوجود القبطى.
إذن مسئولية النظام المصرى عن ما يقع على الأقباط واضحة وضوح الشمس. ولكن النظام المصرى يريد ضرب القضية ونفى مسئوليته بطريقتين، الأولى مبدأ quot; شيوع المسئوليةquot; وذلك بتبرير أن ما يقع على الأقباط هو حوادث فردية، أو إعتداءات يقوم بها متطرفون أو مختلون عقليا أو بالإدعاء إنها مشاجرات عادية أو جرائم جنائية عادية أو بالايعاز أن ما يحدث هو حوادث فتنة طائفية نتيجة صدامات يقوم بها متطرفون من الجانبين رغم إنها إعتداءات أثمة، ورغم أن الأقباط والمسلمين ليسوا بطرفين متساويين وإنما أقلية وأغلبية وهو بهذا لا ينفى مسئوليته فقط وإنما يحول الضحية إلى جانى. الطريقة الأخرى فى نفى مسئوليته كجانى هو نفى النظام كون الأقباط أقلية، ومن ثم ما يقع عليهم يقع على كل المصريين وليس لكونهم مختلفين فى الدين عن الأغلبية، رغم أن الأقباط مصنفون كأقلية من طرف الأمم المتحدة وتنطبق عليهم كل الإتفاقيات الدولية لحماية الأقليات، ورغم أن تعريفات مفهوم الأقلية تنطبق عليهم، ورغم وجود دراسات عديدة عن وضع الأقباط كأقلية ورغم أن أى دارس مبتدئ للعلوم السياسية يعرف أن الأقباط أقلية،إلا أن النظام المصرى يصر عكس كل هذا على نفى أن الأقباط أقلية لكى يتنصل من المسئولية الدولية عن ما يجرى لهذه الأقلية.
ناتى إلى المحامى الذى يدفع بالقضية إلى ساحة العدالة، قبل يوليو 1952 وفى فترة الليبرالية المصرية وفى ظل بناء الدولة الحديثة، اتاح المناخ الليبرالى ظهور من يدافع عن الأقباط من كبار العائلات القبطية ومن المجلس الملى العام وكانت مرحلة بناء الوطنية المصرية فالتقط بعض المسلمون الخيط وساهموا معا فى بناء ليبرالية اجهضها انقلاب العسكر. بعد يوليو وفى ظل التأميمات تراجع دور العائلات القبطية الكبيرة وانتكس وضع الأقباط، وفى هذا الجو الكئيب كتب البروفيسور إدوارد واكين كتابه المعرف عن الأقباط عام 1963، الذي أعطاه عنوان quot;أقلية معزولةquot; لأنه لا يوجد من يدافع عنهم. مع مجئ عصر السادات وصعود التيارات الإسلامية وإزدياد وتيرة إضطهاد الأقباط تصدى قداسة البابا شنودة كمحامى يدافع عن شعبه، ومعه بعض الشخصيات فى الداخل مثل ميريت غالى وانطون سيدهم وماجد عطية وغيرهم،حتى عزله السادات فى الدير فى سبتمبر 1981. وبعد كتاب إدوارد واكين باقل من عشر سنوات ظهر محامون أقباط شجعان وفى هذه المرة فى الخارج فى امريكا وكندا واستراليا، من امريكا شوقى كراس ورفاقه وفى أستراليا رمسيس جبراوى ومكين مرقص ورفاقهم وفى كندا سليم نجيب ورفاقه ورغم كونهم يشكلون عشرات الأفراد فقط إلا إنهم قاموا بدور المحامى الأمين الذى وضع القضية القبطية على مسرح العدالة الدولية وانضمت إليهم بعد ذلك أجيالا جديدة خصوصا في السنوات العشر الأخيرة.
فى السنوات الأخيرة تجددت محاولة جديدة لتصفية القضية القبطية، فرغم ما فعلته الحكومة من إنكار مسئوليتها والعمل على شيوع المسئولية ونفى كون الأقباط أقلية إلا إنها لم تنجح فى ذلك لأن العالم كله يعرف إنها المسئولة...فسلك النظام المصرى طريقا آخرا: سعت اجهزة النظام لاختراق أقباط المهجر، ووصلت لبعض من كانوا يصنفوف كمدافعين عن الأقباط، ولكن من بينهم من لا يستحق لقب ناشط قبطى أو يستحق شرف الدفاع عن قضية شعبه... سقط صغار النفوس فى شرك النظام لأنه يسعى ويعرف ما يريد وأيضا لأنهم ضعفاء أو ينظرون إلى ذواتهم وليس إلى مصالح شعبهم العادلة بكل المقاييس مدعين إنهم quot;يحاورون الحكومةquot; وهذه كذبة كبيرة ليس لأن الحوار مرفوض من حيث المبدأ، ولكن لأنه لا يوجد حوار أصلا ولأن الحوار إذا تم له شروط تضمن جديته ونجاحه.
فالحقيقة هي أنه لم يحدث فى العقود الثلاثة الأخيرة أن تحاورت الحكومة فى موضوع الأقباط مع أقباط، وباستثناء حديث الرئيس السادات مع البابا عن عدد الكنائس ووعده بالتصريح ببناء خمسين كنيسة سنويا وهو ما لم يحدث إطلاقا حتى وفاة السادات، لم يجري حوار سياسى إطلاقا بين الحكومة وأى من أقباط الداخل أو الخارج عن أوضاع الأقباط... وكان رفض الحوار دائما يأتى من طرف الحكومة المصرية والنظام المصرى الذي حول ملف الأقباط إلى ملف أمنى ويرفض أى حوار سياسى حوله...والأمن فى مصر لا يتحاور وإنما يراقب ويخترق ليبحث عن عملاء.
المحزن هو أن إجهزة الأمن قد نجحت في اختراق بعض من أقباط المهجر وأصبحوا عن حسن نية أو سوء نية سماسرة للحكومة واجهزتها الأمنية، ودخلت أجهزة الأمنية أيضا على الخط مع سماسرة آخرين من داخل مصر لشل الحركة القبطية تماما ونفى مسئولية النظام عن ما يحدث للأقباط وبالتالى يسقط ركنان لا يمكن أن تستمر القضية بدونهما، نفى المسئولية عن الجانى والتخلص من المحامى.
هل هناك عار أكثر من أن يخون المحامى موكله ويذهب ليتحالف مع الجانى؟ هل هناك فضيحة أكثر من مساعدة بعض أقباط المهجر للأجهزة الأمنية المصرية فى محاولتها للقضاء على الحركة القبطية فى الخارج؟.
انا لا الوم الإجهزة الأمنية المصرية، فهى تقوم بواجبها وفقا لإستراتيجية الدولة العليا المعادية للأقباط. اللوم يقع على الأقباط الذين يعلمون أن هذه الإستراتيجية تهمشهم وتضطهدهم ومع هذا يساعدون مضطهديهم.اللوم يقع على الأقباط الذين لا يقومون بواجبهم فى النظال السلمى للحصول على حقوق المواطنة وفى العمل على دفع مصر لكى تكون بلد ديموقراطى حديث.
ولكن هل ستستطيع الأجهزة المصرية تصفية القضية القبطية؟.
الإجابة قطعا بالنفى. فهناك مشروعية للدفاع وتوكيل مفتوح لكل من يدافع عن قضية عادلة ولكن لا يوجد توكيل من أحد بالخيانة..... وفى كل القضايا العادلة يسقط بعض الأفراد فى الطريق وتبقى القضايا لأن عدالة القضية تفرز دائما وجوها جديدة لم تتلوث بعد وتستلهم عزيمتها من إيمانها بقضيتها ومن الشخصيات الأمينة التى صمدت إلى المنتهى فاستحقت إكليل الحياة.
التعليقات