تأمل الصورة المنشورة فى هذا المقال، تلك صورة فوتوغرافية للفنان الأمريكى العالمى ويليام نيل والمتخصص فى تصوير جمال الطبيعة، ماذا تلاحظ فى تلك الصورة؟ هل لاحظت الزنابق الحمراء أم العشب الأخضر، بالطبع لا بد أن تكون لاحظت هذا الجمال ولكن ما الذى أعطى هذه الصورة تميزها وتفردها وجعل الناس يقتنونها فى منازلهم وفى مكاتبهم ومتاحفهم، تلك الزنبقة الصفراء الوحيدة والمتفردة والتى تعتبر أقلية فى حقل كبير من الزنابق الحمراء، والسؤال هو: هل الزنبقة الصفراء أجمل من الحمراء؟ الجواب هو: بالطبع لأ. طيب هل الحمراء أجمل من الصفراء؟ الجواب أيضا: بالطبع لأ. الصفراء جميلة والحمراء جميلة، ولكن وجود تلك الزنبقة الصفراء هو الذى أضاف جمالا متميزا أكثر كثيرا مما لو كانت الصورة كلها زنابق حمراء فقط (حتى مع تسليمنا بجمال الزنابق الحمراء والعشب الأخضر) وأنا واثق أن الزنبقة الصفراء لا تخشى على وجودها وسط تلك الأغلبية الساحقة من الزنابق الحمراء، لأنها تدرك تماما أن الورود لا تعتدى على بعضها البعض، ومن جهة أخرى فإن الزنابق الحمراء بأغلبيتها الساحقة مطمئنة أيضا إلى أن الزنبقة الصفراء لن تتآمر على الأغلبية الحمراء وذلك بالتحالف مع الحشائش الشيطانية الضارة، لأن الورود لا تتآمر على بعضها البعض، حتى العشب الأخضر فى الصورة يبدو مطمئنا إلى وجوده ومكانته فى الصورة، بالرغم من أنه يدرك تماما أنه ليس فى جمال الزنابق الحمراء أو الزنبقة الصفراء، إلا أن الصورة بدونه يتصبح صورة (قارعة) لذلك فإن عناصر الصورة الزنابق الحمراء والزنبقة الصفراء والعشب الأخضر والظلال السوداء كلها تكمل بعض ولا يمكن لعنصر أن يستغنى عن العناصر الأخرى ويدعى أنه سبب جمال الصورة أو أنه ينفرد بالحقيقة المجردة.
وما يقال عن الأقلية فى الزهور يمكن أن يقال عن الأقلية فى الشعوب، فتلك الأقليات هى التى تعطى الطعم المتميز لتلك الشعوب مثلها مثل الملح والفلفل والبهارات والتى بدونها لا يصبح للطعام أى طعم. أنا لا أتخيل أمريكا بدون الأقليات الأفريقية والأسبانية والإيطالية واليهودية والإسلامية، تلك الأقليات تعطى طعما متميزا للأغلبية الأمريكية من البيض المسيحيين، كما أننى لا أتخيل مصر بدون الأقلية المسيحية والأقلية النوبية فى الجنوب والأقلية البدوية فى سيناء والواحات، لا أتخيل مصر بدون كنائس مصرية بتراتيلها وأديرتها الصحراوية، وبدون أغانى نوبية وبدون الرقص البدوى، وأنا أفتقد الأقلية الأوروبية التى كانت تستوطن وتعيش فى الإسكنرية والقاهرة، هل تصدق أن حارس مصر فى الخمسينات كان يونانى من أصل مصرى إسمه quot;براسكوسquot; وعندما كنا نلعب كورة فى الستينيات فى حوارى القاهرة وكنا نسخر من حارس المرمى فى الحارة فنقول له:quot;فاكر نفسك براسكوسquot;؟ ولم يخطر فى بالنا أبدا أن براسكوس هو إسم يونانى، كل ما كنا نعرفه هو أن براسكوس حارس مرمى مصرى متميز وكان يحرس مرمى منتخب مصر عندما حصلت على أول كأس لأفريقيا عام 1957، وأنا لا أنسى عندما كنت صبيا وأذهب لحضور مباريات نادى الزمالك فى القاهرة، وكان يحرس مرمى الزمالك فى هذا الوقت اللاعب الإيطالى quot;ألدوquot; وكنت أحب أن أشاهده وكان يعتبر أحد المثل العليا لى فى المجال الكروى، ويوما ما وبعد إنتهاء إحدى مباريات الزمالك، ذهبت لمكان خروج اللاعبين وهناك وجدت ألدو يخرج من باب النادى لكى يركب (الفيسبا) الخاصة به، وفى هذا الوقت كان يعتبر متميزا لأن معظم اللاعبون وقتها كانوا quot;يتشعبطونquot; فى الأتوبيسات!! وسلمت على الكابتن ألدو وطلبت منه أن يوقع لى على أتوجراف، وخرجت وأنا فى قمة السعادة، وأذكر أن هذا أول أتوجراف أحصل عليه فى حياتى من شخصية معروفة، وكان الأتوجراف الثانى والأخير هو من إستاذى نجيب محفوظ.
من منا لايذكر الممثل الرائع نجيب الريحانى وأعتبره أهم ممثل كوميدى فى تاريخ السينما المصرية، وأضعه على قدم المساواة مع شارلى شابلن، هذا الممثل ولد فى مصر لأب عراقى مسيحى وأم مصرية قبطية، لم يفكر أحد يتاتا فى ديانته أو جنسيته، كل ما كان يهم هو إسمتاعنا يتمثيله الرائع، مثله مثل ليلى مراد المطربة والممثلة المصرية الجميلة والتى ما زلنا نستمتع بأغانيها حتى اليوم، لم نفكر أبدا فى أنها يهودية أو غير يهودية كل مانعرفه عنها أنها مطربة ذات صوت ما حصلش، هل تعرف أن الذى أسس جريدة الأهرام المصرية العريقة هما شقيقان مسيحيان من لبنان، والأمثلة أكثر من أن تعد ولا تحصى، لم ننكن نشغل بجنسية أو ديانة أو عنصر من نعجب به أو من نجاوره منزلنا أو من يشاركنا فى عملنا، وعند إنهيار القيم يحاول الكثير قتل الجمال، يحاولون إقتلاع الزنبقة الصفراء من وسط حقل الزنابق الحمراء إعتقادا منهم أنها تشوه المنظر، وأن الجميع لا بد أن يكونوا زنابق حمراء، هذا التفكير الساذج يهدم كل إسس الخير والجمال والحب. وعلى رأى عمنا بيرم التونسى (من أصل تونسى وعاش فى مصر، وقال عنه أحمد شوقى أمير الشعراء، أخشى على الفصحى من أشعار بيرم، وكتب بيرم quot;التونسىquot; أنا المصرى كريم العنصرين، رغم أصله التونسى)، قال بيرم:
شوف الزهور وإتعلم
بين الحبايب تعرف تتكلم
...
quot;لا تحاولوا إقتلاع الزنبقة الصفراء، حيبقى شكلكوا وحش قوىquot;!!
[email protected]
وما يقال عن الأقلية فى الزهور يمكن أن يقال عن الأقلية فى الشعوب، فتلك الأقليات هى التى تعطى الطعم المتميز لتلك الشعوب مثلها مثل الملح والفلفل والبهارات والتى بدونها لا يصبح للطعام أى طعم. أنا لا أتخيل أمريكا بدون الأقليات الأفريقية والأسبانية والإيطالية واليهودية والإسلامية، تلك الأقليات تعطى طعما متميزا للأغلبية الأمريكية من البيض المسيحيين، كما أننى لا أتخيل مصر بدون الأقلية المسيحية والأقلية النوبية فى الجنوب والأقلية البدوية فى سيناء والواحات، لا أتخيل مصر بدون كنائس مصرية بتراتيلها وأديرتها الصحراوية، وبدون أغانى نوبية وبدون الرقص البدوى، وأنا أفتقد الأقلية الأوروبية التى كانت تستوطن وتعيش فى الإسكنرية والقاهرة، هل تصدق أن حارس مصر فى الخمسينات كان يونانى من أصل مصرى إسمه quot;براسكوسquot; وعندما كنا نلعب كورة فى الستينيات فى حوارى القاهرة وكنا نسخر من حارس المرمى فى الحارة فنقول له:quot;فاكر نفسك براسكوسquot;؟ ولم يخطر فى بالنا أبدا أن براسكوس هو إسم يونانى، كل ما كنا نعرفه هو أن براسكوس حارس مرمى مصرى متميز وكان يحرس مرمى منتخب مصر عندما حصلت على أول كأس لأفريقيا عام 1957، وأنا لا أنسى عندما كنت صبيا وأذهب لحضور مباريات نادى الزمالك فى القاهرة، وكان يحرس مرمى الزمالك فى هذا الوقت اللاعب الإيطالى quot;ألدوquot; وكنت أحب أن أشاهده وكان يعتبر أحد المثل العليا لى فى المجال الكروى، ويوما ما وبعد إنتهاء إحدى مباريات الزمالك، ذهبت لمكان خروج اللاعبين وهناك وجدت ألدو يخرج من باب النادى لكى يركب (الفيسبا) الخاصة به، وفى هذا الوقت كان يعتبر متميزا لأن معظم اللاعبون وقتها كانوا quot;يتشعبطونquot; فى الأتوبيسات!! وسلمت على الكابتن ألدو وطلبت منه أن يوقع لى على أتوجراف، وخرجت وأنا فى قمة السعادة، وأذكر أن هذا أول أتوجراف أحصل عليه فى حياتى من شخصية معروفة، وكان الأتوجراف الثانى والأخير هو من إستاذى نجيب محفوظ.
من منا لايذكر الممثل الرائع نجيب الريحانى وأعتبره أهم ممثل كوميدى فى تاريخ السينما المصرية، وأضعه على قدم المساواة مع شارلى شابلن، هذا الممثل ولد فى مصر لأب عراقى مسيحى وأم مصرية قبطية، لم يفكر أحد يتاتا فى ديانته أو جنسيته، كل ما كان يهم هو إسمتاعنا يتمثيله الرائع، مثله مثل ليلى مراد المطربة والممثلة المصرية الجميلة والتى ما زلنا نستمتع بأغانيها حتى اليوم، لم نفكر أبدا فى أنها يهودية أو غير يهودية كل مانعرفه عنها أنها مطربة ذات صوت ما حصلش، هل تعرف أن الذى أسس جريدة الأهرام المصرية العريقة هما شقيقان مسيحيان من لبنان، والأمثلة أكثر من أن تعد ولا تحصى، لم ننكن نشغل بجنسية أو ديانة أو عنصر من نعجب به أو من نجاوره منزلنا أو من يشاركنا فى عملنا، وعند إنهيار القيم يحاول الكثير قتل الجمال، يحاولون إقتلاع الزنبقة الصفراء من وسط حقل الزنابق الحمراء إعتقادا منهم أنها تشوه المنظر، وأن الجميع لا بد أن يكونوا زنابق حمراء، هذا التفكير الساذج يهدم كل إسس الخير والجمال والحب. وعلى رأى عمنا بيرم التونسى (من أصل تونسى وعاش فى مصر، وقال عنه أحمد شوقى أمير الشعراء، أخشى على الفصحى من أشعار بيرم، وكتب بيرم quot;التونسىquot; أنا المصرى كريم العنصرين، رغم أصله التونسى)، قال بيرم:
شوف الزهور وإتعلم
بين الحبايب تعرف تتكلم
...
quot;لا تحاولوا إقتلاع الزنبقة الصفراء، حيبقى شكلكوا وحش قوىquot;!!
[email protected]
التعليقات