نجح النظام المصرى فى جعل المصريين، فيما يتعلق بملف العلاقة مع إسرائيل، يراقبون بعضهم البعض، ويشككون فى وطنية بعضهم البعض، ويكتبون التقارير عن بعضهم البعض.. ففى الوقت الذى يناشد النظام المصرى شارون للتدخل لمساندته فى واشنطن فى وقت ما، ويطلب من نيتنياهو مساندة فاروق حسنى فى اليونسكو، ويلتقى الرئيس مبارك بصفة دائمة مع زعماء المنظمات اليهودية فى أمريكا مهما إن كانت زيارته قصيرة ومزدحمة، ونسمع عبارات من نوعية صديقى بيجن وحبيبى رابين وروح قلبى شارون،رغم كل ذلك تقام المشانق وتعلق الاعواد وتنتفض وسائل الإعلام وتقوم القيامة إذا التقى صحفى مصرى صحفيا إسرائيليا فى مهمة عمل فى الخارج، وإذا تقابل باحث مصرى بنظيره الإسرائيلى فى مؤتمر دولى، وإذا شارك عازف موسيقى مصرى عالمى فى مهرجان مشاركة فيه إسرائيل، وإذا شارك فيلم مصرى فى مهرجان عالمى مشاركة فيه افلام إسرائيلية، وإذا استقبلت باحثة معروفة مثل هالة مصطفى السفير الإسرائيلى بناء على طلب وزارة الخارجية المصرية.
لقد وصلت المهزلة لدرجة الهجوم على صحفى وقع الاختيار عليه لمقابلة أوباما ضمن مجموعة من الصحفيين بعد القاء خطابه التاريخى فى القاهرة وذلك لوجود صحفى إسرائيلى ضمن المجموعة، هل كان عليه كصحفى محترف ان يرفض لقاء مع الرئيس الأمريكى لمجرد وجود هذا الصحفى الإسرائيلى؟ وهل بات المصريون سجناء أزمتهم الذاتية مع إسرائيل؟ ولماذا وقعوا معاهدة السلام من الأساس؟ وهل الأفضل من وجهة نظرهم العودة للحروب؟ وما هذا الهوس والجنون الذى جعل موضوع التطبيع مع إسرائيل يحتل هذه المساحة المؤذية من حوارات المصريين ومعاركهم الفارغة؟ وما هذا الأبتزاز الذى يمارسونه بعضهم على بعض لمجرد التهديد بسيف التطبيع مع إسرائيل؟ ومن الذى يقف خلف كل هذا التهريج بالضبط؟.

اسئلة كثيرة تذكرتها عندما وصلتنى هذه الرسالة من الدكتور سعد الدين إبراهيم، وهى أستغاثة أرسلها له مصرى مقيم فى تركيا حاليا وأسمه حازم مكرم بطرس، وهو مطارد ومضطهد من مباحث أمن الدولة فى مصر لمجرد إنه رفض التجسس على يهود المغرب عندما كان مقيما هناك، ورفض أن يخون هؤلاء اليهود الذين احسنوا ضيافته وعلموه الكثير عن أسرار مهنة المجوهرات التى يعمل بها. وقد أرسل الدكتور سعد الدين إبراهيم الرسالة لى وللصديق إبراهيم عيسى لنكتب عنها فى محاولة لوجود مخرج لأزمة هذا الرجل.
وسوف اتركك عزيزى القارئ لتقرأ نص الرسالة بنفسك كما وصلتنى لتعرف مدى التدهور الذى وصلت اليه الأمور فى مصر، ومدى الاستهتار بإرادة المصريين، ومدى الإضطهاد والإذلال الذى يتعرضون له إذا رفضوا العمل كعملاء للأجهزة الأمنية... ولعلك تجد طريقة لمساعدة هذا الشخص المسكين.

نص الرسالة
دكتورسعد الدين إبراهيم أنا فى مشكلة كبيرة مع الحكومة المصرية ولى كل الرجاء فى تقديم النصيحة لى أو معاونتى فى نشر قصتى لأنى أعتقد أن مشكلتى لاتحل ألا بالنشر فى جريدة دولية واليكم القصة بأختصار شديد ولو تفضلتم
وقبلتوا معونتى وأردت أى تفاصيل أخرى أرجوا متابعتى بالأيميل

بدأت قصتى سنة 1992 بالمغرب (كازابلانكا) حيث كنت اقيم بالمغرب لمدة تقارب السبع سنوات وكنت حققت نجاح وشهرة فى مجال عملى فى صناعة الذهب والمجوهرات خاصة أنى قد سبق لى العمل فى الدول الاوربية، فالخبرة والموهبة جعلتى اكتسح سوق صناعة مودلات الذهب فى المغرب بكل سهولة برغم وجود المحترفين من اليهود والأوربيين فى هذا المجال بالمغرب.
المهم أكتسبت الصيت وحب التجار الذين كان أغلبهم من اليهود المغاربة ولكن عند عودتى لمصر عام1997تم التحقيق معى فى جهاز مباحث أمن الدولة وكان يرأسه فى هذ الوقت السيد حبيب العادلى وزير الداخلية الحالى. الشئ الغريب أن التحقيق أخذ مسار أخر، وهو عرض للتجنيد كعميل سرى بحكم علاقاتى باليهود وطلب منى العودة سريعا الى المغرب. طلبت مهلة للتفكير وبعد التفكير العميق قررت الرفض بالرغم( أنى أحب بلدى كثيرا) لكن أسباب رفضى هى:
أولا: العرض قدم من طرف أمن الدولة وليست المخابرات المصرية وقدم بطريق غاية فى السذاجة وبصيغة أمر عسكرى مرغم على تنفيذه.
ثانيا: أنا أنسان غير كفء لهذا العمل، لم يتم تدريبى على ذلك ولا شخصيتى تناسب هذة المهنة ولاأستطيع تنفيذ ماطلب منى. كيف أقدم على ضرر لشخص سبق وقدم لى يد العون وأدخلنى منزله وسط عائلته وأطفاله حتى لوكان يهودى الأصل؟، وأنا لا أؤمن أن كل يهودى يستحق الموت أو الانتقام منه لأنه يهودى، ولأنى قبطى فكرت جيدا ووجدت أن المسيح كان يهوديا أيضا.
أرجوك لاتحكم على أنى خائن لبلدى مثلهم أنا لى حق الرفض، والرفض لايعنى الخيانة .
المهم كان نتيجة أعتذارى عن قبول هذا العرض هو التعذيب والأعتقال، وبعد الخروج من المعتقل حاولت العمل فى مصر لأنهم منعوا سفرى الى الخارج لكن مع الأسف أحاطونى بهالة من الأشاعات بسوق الذهب جعلت التجار تخشى التعامل معى. بعد المعانأه ثلاث سنوات أستطعت الهروب من مصر والسفر الى أستنبول، وخرجت بجواز سفرى الأصلى وبأسمى أيضا بدون أى تزوير، فقط ساعدنى أحد العاملين
بالمطار بالصعود الى الطائرة دون الكشف على أسمى، وبعد سبع سنوات بأستنبول تزوجت خلالها من أمرأة تركية وأنجبت طفل وأيضا طورت عملى بالدراسة وأصبحت أستخدم التكنولجياالحديثة فى صناعت المودلات، قررت أن أصحح وضعى القانونى بتركيا سواء بأستخراج تصريح أقامة أو التقدم بطلب الحصول على الجنسية التركية ولكن وقفت فى طريقى عقبة جواز سفرى الذى انتهت صلاحيته .تقدمت الى القنصلية المصرية بأستنبول لتجديد جواز سفرى، ولأن جواز سفرى غير مزور وأنى غير مطلوب بأى قضية ولايوجد أى ضرر منى توقعت أن أحصل على جواز سفر جديد يساعدنى فى الحصول على أوراق رسمية بتركيا ولكن عند أرسال القنصلية فاكس الى مصر للتأكد من بياناتى قامت الدنيا وقامت العواصف بوزارة الداخلية
وتم أستدعاء أخى والتحقيق معه بأمن الدولة، وأيضا بعض الأتصالات من الضباط من مصر بى وأستجوابى عبر التليفون لمعرفة كيف خرجت من مصر بجواز سفرى الأصلى......الخ
طبعا تضمنت المكالمات وعودا كاذبة بمساعدتى فى الحصول على جواز سفر كأنى أطلب الشئ الذى ليس من حقى الحصول عليه وأنتهت العاصفة برفض الداخلية تجديد جواز سفرى. طلب منى المحامى التركى أن أحاول الحصول على مايفيد تنازلى عن الجنسية على الأقل لتسهيل حصولى على الجنسية التركية. تقدمت بطلب التنازل عن الجنسية المصرية قامت العواصف مرة أخرى وأستدعوا أخى أيضا فى أمن الدولة وتحقيقات هل هو من شجعنى على التنازل عن الجنسية وشعرت بنفور أخوتى منى لماعانأتهم بسببى، وأخيرا رفضوا تنازلى عن الجنسية (يعنى لا لجواز السفر وأيضا لا للتنازل عن الجنسية) بعد ذلك.
فكرت فى التقدم بطلب كلاجئ سياسي، لكن المحامى نصحنى بعدم التفكير فى هذه الخطوة لأن قانون الجنسية التركى يمنع أعطاء الجنسية التركية لشخص له مشاكل ببلده الأم وخاصة لوكانت سياسية، بمعنى أوضح من يطلب اللجوء لايستطيع الحصول على جنسية والحكومة التركية تقبل اللاجئين من الدول الأوربية فقط ولكن اللاجئين العرب تقبل لجوئهم مؤقتا لحين ترحيلهم لدول أخرى، يعنى فى كل الحالات يجب حصولى على جواز سفر مصرى أومايثبت تنازلى عن الجنسية المصرية. أقسم لك أنى فى وضع سيئ للغاية، الحكومة التركية يدخلها الشك لموقف القنصلية المصرية، وزوجتى هجرت البيت هى وأبنى لعدم ثقتها أنى لم أرتكب أى جريمة بمصر، ومللت حياتى بلا أى أوراق تثبت هويتى، وبالرغم أنى لم أكن أريد التشهير ببلدى على صفحات الجرائد الا أنى لأ اجد أى حل لمشكلتى غير نشر موضوعى وكشف مافعلته بى وزارة الداخلية.
أرجوا أن تساعدنى فى نشر موضوعى أو تساعدنى بالنصيحة الى من أقدم شكواى، وأنا كلى رجاء فى عدم رفضك لمساعدتى فى أيصال صوتى الى منظمات حقوق الأنسان، وللعلم أنا حاولت كثيرا وفشلت.
فى أنتظار ردكم لوتكرمتم

الأسم : حازم مكرم بطرس مواليد1962القاهره
المهنة : صانع ومصمم مودلات مجوهرات

هذه هى نص الرسالة التى وصلتنى اقدمها لنشطاء حقوق الإنسان فى تركيا والشرق الأوسط لمساعدة هذا الشخص للخروج من أزمته.
ويبقى السؤال لماذا تحاول الحكومة المصرية التجسس على اليهود المغاربة؟ هل تشكك فى وطنيتهم وولاءهم لبلدهم المغرب؟ وهل هذه هى مهمة الحكومة المصرية؟ إلا يعد ذلك تعديا على سيادة بلد شقيق وهو المغرب؟ وهل معاداة إسرائيل تجيز التعدى على القانون وعلى سيادة الدول؟ ولماذا يلومون حزب الله إذن على تعديه على السيادة المصرية؟.
أسئلة تحتاج إلى إجابات صريحة فهل من مجيب؟