....فى التعليم العام فى مصر
ملاحظات مبدئية
اولا: ما يحدث فى التعليم فى مصر هو جزء من مشروع اكبر يتعلق بالعلاقة بين الإسلام ومن ثم الشعوب الإسلامية بالحداثة، فقد حاول فريق من المفكرين المسلمين المستنيرين، تحديث الإسلام أو التوفيق بين الإسلام والحداثة مثل الشيخ على عبد الرازق والشيخ رفاعة الطهطاوى والشيخ محمد عبده ولكنهم فشلوا، وحاول فريق آخر آخذ مصر إلى طريق التقدم الغربى فى التعليم والرقى والثقافة والتطور، مع توضيح إنه لا يوجد تناقض بين التغريب والهوية المصرية، وأن التغريب ينسجم وتاريخ مصر الطويل وإنجازاتها الحضارية وعلى رأس هؤلاء طه حسين ولطفى السيد وسلامة موسى وغيرهم ولكنهم فشلوا أيضا، أى أن كل من مشروع التحديث والتغريب اجهضا فى مصر منذ البدايات قبل أن يستقرا ويصنعا تراكما معرفيا ومنهجيا فى طريقة التفكير.فى تركيا عمل اتاتورك على فرض التحديث والتغريب إجباريا على الثقافة الإسلامية بإحلال الثقافة الغربية مكانها، ولكن بعد كل هذه العقود مازالت التجربة متعثرة.الطريق الذى نجح فى مصر ومعظم الدول العربية والإسلامية هو أسلمة الحداثة عبر ما سمى بالصحوة الإسلامية أو ثار الله كما يسميها جييل كيبيل، والتى بدأت مع تأسيس جماعة الاخوان المسلمين وتوسعت وتعمقت عبر التحالف الوهابى الاخوانى الباكستانى، هذا التحالف الذى تطور فيما بعد ليصبح المثلث الملعون المفرخ للإرهاب الدولى.وقد اتخذت اسلمة الحداثة ابعادا متعددة مثل، الزى الإسلامى، البنوك الإسلامية، الاقتصاد الإسلامى، التعليم الإسلامى وأسلمة التعليم الرسمى، القوانيين الإسلامية( الشريعة)، أسلمة القضاء والنظام العام، التوسع فى دار النشر الإسلامية، أسلمة العلوم، الطب النبوى، اضعاف الدولة القومية لحساب الأممية الإسلامية، التوسع الكبير فى المنظمات الإسلامية، الإنتشار الواسع للثقافة الإسلامية السلفية، أسلمة الإعلام، أسلمة الفنون، أسلمة المصطلحات السياسية( بيعة- ولاية- ولى الامر- الرعايا-الشورى)، المطاعم الإسلامية واللحوم الحلال والمشروبات الحلال.
أسلمة الحداثة خلق أجنة مشوهة، وكان التعليم أحد هذه الاجنة المشوهة. ولم يتأثر فقط التعليم باسلمة الحداثة وإنما ساهم بدوره فى عملية الأسلمة الواسعة هذه مما عمق المشكلة وأدى إلى صعوبة حلها.
اولا: ما يحدث فى التعليم فى مصر هو جزء من مشروع اكبر يتعلق بالعلاقة بين الإسلام ومن ثم الشعوب الإسلامية بالحداثة، فقد حاول فريق من المفكرين المسلمين المستنيرين، تحديث الإسلام أو التوفيق بين الإسلام والحداثة مثل الشيخ على عبد الرازق والشيخ رفاعة الطهطاوى والشيخ محمد عبده ولكنهم فشلوا، وحاول فريق آخر آخذ مصر إلى طريق التقدم الغربى فى التعليم والرقى والثقافة والتطور، مع توضيح إنه لا يوجد تناقض بين التغريب والهوية المصرية، وأن التغريب ينسجم وتاريخ مصر الطويل وإنجازاتها الحضارية وعلى رأس هؤلاء طه حسين ولطفى السيد وسلامة موسى وغيرهم ولكنهم فشلوا أيضا، أى أن كل من مشروع التحديث والتغريب اجهضا فى مصر منذ البدايات قبل أن يستقرا ويصنعا تراكما معرفيا ومنهجيا فى طريقة التفكير.فى تركيا عمل اتاتورك على فرض التحديث والتغريب إجباريا على الثقافة الإسلامية بإحلال الثقافة الغربية مكانها، ولكن بعد كل هذه العقود مازالت التجربة متعثرة.الطريق الذى نجح فى مصر ومعظم الدول العربية والإسلامية هو أسلمة الحداثة عبر ما سمى بالصحوة الإسلامية أو ثار الله كما يسميها جييل كيبيل، والتى بدأت مع تأسيس جماعة الاخوان المسلمين وتوسعت وتعمقت عبر التحالف الوهابى الاخوانى الباكستانى، هذا التحالف الذى تطور فيما بعد ليصبح المثلث الملعون المفرخ للإرهاب الدولى.وقد اتخذت اسلمة الحداثة ابعادا متعددة مثل، الزى الإسلامى، البنوك الإسلامية، الاقتصاد الإسلامى، التعليم الإسلامى وأسلمة التعليم الرسمى، القوانيين الإسلامية( الشريعة)، أسلمة القضاء والنظام العام، التوسع فى دار النشر الإسلامية، أسلمة العلوم، الطب النبوى، اضعاف الدولة القومية لحساب الأممية الإسلامية، التوسع الكبير فى المنظمات الإسلامية، الإنتشار الواسع للثقافة الإسلامية السلفية، أسلمة الإعلام، أسلمة الفنون، أسلمة المصطلحات السياسية( بيعة- ولاية- ولى الامر- الرعايا-الشورى)، المطاعم الإسلامية واللحوم الحلال والمشروبات الحلال.
أسلمة الحداثة خلق أجنة مشوهة، وكان التعليم أحد هذه الاجنة المشوهة. ولم يتأثر فقط التعليم باسلمة الحداثة وإنما ساهم بدوره فى عملية الأسلمة الواسعة هذه مما عمق المشكلة وأدى إلى صعوبة حلها.
ثانيا: ويترتب على ما سبق حقيقة يعرفها كل دارس مدقق لاحوال التعليم فى مصر، أن التعليم الحالى هو انعكاس للنظام العام والمجال العام الإسلامى فى مصر، ومن ثم ما اصاب التعليم المصرى من عورات ليست وليدة تصرفات فردية كما يردد البعض وإنما هى ناجمة عن ثقافة عامة تعكس هذا النظام العام والمجال العام الإسلامى والمتأسلم فى نفس الوقت، أى الذى تسيطر عليه الدولة الدينية والإسلام السياسى معا.نخلص من ذلك أن السلوك المعتدل والعقلانى والمستنير فى التعليم المصرى، كما فى كافة مناحى الحياة، هو الذى يشكل تصرفات فردية تعزف خارج النظام العام ولا تلغى عقلها خلف القطيع الذى اسكرته النشوة الدينية.
ثالثا: من المعروف أن العملية التعليمية تشمل المعلم والمقررات الدراسية وأدوات التعليم والبيئة التعليمية والمجال العام الذى يحتضن كل من المعلم والتلميذ، وإذا كانت الدولة تمارس التمييز عبر المناهج التعليمية والمقررات الدراسية المسئولة عنها مباشرة فمن الطبيعى أن يكون التمييز أكثر عند المعلم الذى لا نستطيع عمل دراسة شاملة لسلوكه داخل الفصول الدراسية، والعورات والأخطاء الموجودة فى المقررات الدراسية هى مضاعفة عدة مرات عند المدرس الذى يقوم بتدريس هذه المناهج بعوراتها ويضيف اليها عوراته الشخصية التى لا يحاسب عليها لتتفاقم المأساة.
رابعا: التعليم والإعلام كلاهما يعكس صورة إشاعية حقيقية للمجتمع( أى مثل عمل اشاعة على جسم المريض تظهر امراضه الحقيقية)، ولهذا لم يكن غريبا ان يقدر البعض حجم المواد الدينية المباشرة أو المنبثقة من التراث الإسلامى بنسبة 30% من مقررات اللغة العربية فى التعليم العام، ويقدر البعض الاخر المواد الدينية فى وسائل الإعلام والدراما الدينية والمواد المنبثقة من التراث الإسلامى بحوالى 20-30% من حجم الرسالة الإعلامية المصرية، أى أن هناك سيمفونية من التعليم والإعلام تعزف فى نفس الاتجاه وتتأثر وتؤثر بما يجعل التراجع المستمر مسألة حتمية. أما موضوع النشر فحدث ولا حرج، ويكفى زيارة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب والتدقيق فى حجم المعروض من الكتب الدينية لكى نعرف فى ظل أى ثقافة يعيش المواطن المصرى.
خامسا: من الصعب وجود تعليم حر ومنفتح ومتنوع فى ظل غياب الحريات العامة الحقيقية للمواطن، فالعقل الحر هو الذى يستطيع أن يبدع ويجادل وينتقد ويطور ويقبل الإختلاف وينفتح على الآخرين.
سادسا: يرى الدكتور رشدى سعيد، من واقع دراسته وتعايشه المباشر مع مرحلة الرئيس السادات، أن ما وصل اليه التعليم فى مصر من تدهور وتعصب وتطرف لم يكن امرا عشوائيا وإنما كان نتاج صفقة حقيقية بين قادة الاخوان المسلمين والسادات، انشأ بموجبها السادات كليات التربية وسلم إدارتها لأعضاء الجماعة، ومن ثم سيطر الإسلام السياسى على صناعة المعلم ليس فقط عبر المقررات الدراسية وإنما أيضا عن طريق الدفع باعضاء الجماعة ليلتحقوا بكثافة بكليات التربية وخاصة فى الصعيد.
وأخيرا: قد يقول البعض أن النقد السلبى للعملية التعليمية يخفى بعض المزايا التى يجب اظهارها أيضا لكى يكون التقييم موضوعيا.والرد على ذلك أن المسألة لا تتعلق بنقائص يمكن التعايش معها وإنما بجرائم تستوجب العقاب، فعندما ينشر التعليم ثقافة الكراهية والتحريض فهذه جريمة وليست نقيصة، وعندما يكفر التعليم غير المسلمين فهذه جريمة وليست نقيصة، وعندما يدمر التعليم الإنتماء الوطنى فهذه كارثة على مستقبل الوطن كله، ولا يصح أن يقف متهم أمام القاضى ويقول له سامحنى لأن هذه أول جريمة قتل ارتكبتها فى حياتى... فهذا كلام عبثى، فمن الطبيعى أن يكون الشخص سوى، ولكن عندما يرتكب جريمة كبيرة ينضم إلى فئة أخرى هى فئة المجرمين، ومعظم المجريمين كانوا اشخاصا طبيعيين فى فترة ما من حياتهم.
ملاحظات عامة من خلال دراسة لم تكتمل بعد
الدراسة التى اتحدث عنها هى دراسة شاملة لمقررات اللغة العربية والدين الإسلامى لمراحل التعليم العام قبل الجامعى.وتركز الدراسة على محاور كثيرة مثل المواطنة، حقوق الإنسان، العلاقة مع غير المسلمين، النظرة للمسيحية، العلاقة مع الغرب، العلاقة مع اليهود واليهودية، النظرة للديموقراطية، العلاقة بين الجنسين، النظرة للذات وللهوية الوطنية، الموقف من المنظمات الدولية والتعاون الاقتصادى الدولى، حقوق الطفل، الانفتاح والإنغلاق، النظرة للمرأة، الموقف من المشاركة السياسية، الدور فى التنشئة السياسية، دعم القيم الإيجابية العامة، النظرة للعولمة، تناول القضايا الجدلية المعاصرة...الخ.بدون الدخول فى نصوص مقتبسة من هذه المقررات حتى لا نطيل عليكم لأنها كثيرة جدا.
والدراسة لم تكتمل بعد، ولكن من خلال ما قرأته حتى الآن يمكن الاشارة إلى بعض الخصائص والسمات والقيم التى تبثها هذه المقررات الدراسية والتى يمكن إيجاز ذلك فى الاتى:
1-الدمج بين الدين والدولة، فالإسلام الذى تدعو اليه هذه المقررات هو دين ودولة ومنهاج حياة، أى باختصار تعليم يؤسس لدولة دينية.. وهذا يقودنا إلى عدد من المحاور الأخرى مثل.
2-العداء للدولة المدنية والمؤسسات المدنية والتشريع المدنى، ففى الإسلام من التشريعات ما هو صالح لكل شئون الحياة فلماذا اللجوء لما هو خارج الإسلام وعندنا الأفضل؟.
3-حقوق المواطنة فى الدولة يكفلها الإسلام وتنبع من الإسلام، وحقوق غير المسلمين تنبع هى الأخرى من الإسلام... وهذا هو جوهر ما يسمى ب quot; المواطنة الإسلاميةquot; للمسلمين وquot;الذميةquot; بمستوياتها المختلفة لغير المسلمين فى الدولة الإسلامية، وهذا يعد تدميرا للمواطنة كما تعرفها الدول الحديثة.
4-سمو الرابطة الإسلامية على ما عداها من روابط تجمع الجنس البشرى.
5-التحدث بإيجابية عن الأقتصاد الإسلامى وبعدائية عن اسعار الفائدة البنكية التى يرونها ربوية إستغلالية دخيلة على المجتمع الإسلامى.
6-حقوق الإنسان مصدرها الإسلام وليس المواثيق الدولية، فالإسلام رفع المرأة وأنصف غير المسلمين، ومن ثم لا يستطيع أحد ان يجادل فى أن النصوص الدينية تنتقص من حقوق المرأة وحقوق غير المسلم لأن ما تحتويه هذه المقررات يضع سقفا للنقاش الحقوقى العام محددا ذلك بالنصوص الدينية.
7-الشورى بديلا عن الديموقراطية وهى النظام المثالى للحكم، رغم أن الشورى هى نظام بدائى غير مؤسسى، ومحدود وغير واسع، وغير ملزم، وغير إنتخابى واقرب إلى الاستفتاء ولكن بين مجموعة محدودة من البشر، ولا تتحقق من خلاله المساءلة.
8-إطاعة الحاكم المسلم واجبة باعتباره ولى الأمر، وتشكل هذه الطاعة مع نظام الشورى مع إسلامية الدولة نشر وتكريس لقيم الإستبداد التى تعانى منها ما تسمى بالدول الإسلامية.
9- نشر التواكل العام والقدرية والجبرية، فالمسلم شخص مسير قدرى يحدد الله له كل شئ منذ مولده حتى مماته.
10- التعليم كما يقول الخبراء ووفقا ما ذكره رئيس الجمهورية هو مسألة أمن قومى، ولكن وفقا لمقررات الدراسة هو قضية أمن إسلامى وليس أمن قومى، إلا فى حالة تماهى الأمن القومى مع أمن الإسلام وهو الحادث بالفعل فى الواقع ومن ثم يعكس التعليم الواقع المعاش.
11- تدعو هذه المقررات المصريين للأخذ بالعلم من أجل الإسلام، والتسلح بالقوة من أجل نصرة الإسلام، وتكريس التفوق لخدمة الإسلام.. وكل شئ من الإسلام ولأجل الإسلام.
12-حتى قيمة الإنسان نفسه تنبع من الإسلام، فالشخص المصرى، المفترض أن هذه المناهج تخاطبه، قيمته الحقيقية فى إسلامه، ولا اعرف هل غير المسلمين لاقيمة لهم أم ماذا؟ وخاصة وان مناهج اللغة العربية تخاصب غير المسلمين أيضا.
13-لا تشعر ان هناك خيطا واضحا أو هدفا حقيقيا يسعى اليه التعليم فى مصر. والخيط الظاهر فى كل ما قرأته هو الإسلام.(ملاحظة: المناهج العلمية مثل الرياضيات والفيزياء لا تحمل الرسالة التربوية ولا الاهداف العامة من العملية التعليمية، ولكن تظهر هذه الرسالة فى العلوم النظرية والاجتماعية، وهذا ما رأيته بوضوح فى مناهج اللغة العربية).
14-مركزية الدين فى مناهج اللغة العربية، فانت لا تشعر بالفرق عند انتقالك من مقررات اللغة العربية التى تدرس لجميع الطلبة إلى مقررات الدين الإسلامى التى تدرس للمسلمين فقط، بل بالعكس تشعر انك إزاء منهج واحد.
15-هناك ارتباط واضح بين مناهج اللغة العربية والتربية الدينية وبين موضوع العنف الدينى فى مصر، فالكثير من هذه النصوص وشروحاتها تدعو للعنف ولا تعطى الاولوية للتسامح باعتباره الحالة الطبيعية للسلوك الإنسانى، وقد تكرر الحديث المعروف عن تغيير المنكر باليد عدة مرات، وفى شروحاته تأكيد على مسالة العنف المصاحب لهذا التغيير.
16-تنميط شكل المرأة فى هذه المقررات كما يقدمها الإسلام السياسى، سواء فى سلوكها أو زيها او القيم التى يجب أن تحكمها مثل طاعة الزوج وخلافه.
17-تضرب هذه المقررات الإنتماء الوطنى فى مقتل، والذى ظهر باهتا امام الإنتماء الإسلامى وسمو الرابطة الإسلامية.
18-محاولة التذويب الإجبارى التدرييجى لغير المسلمين فى الثقافة الإسلامية عبر هذا الكم المهول والممجد للتراث الإسلامى، وهذا هو بالفعل جوهر الذمية كما عايشناها تاريخيا.
19-الأسلمة الإجبارية لغير المسلمين عن طريق فرض نصوص دينية عليهم تضرب معتقداتهم الدينية وصلب عقيدتهم فى مقتل، وفرض حفظ هذه النصوص وتفسيراتها بطريقة أقل ما يمكن وصفها بالمذلة لمن يدرك هذه الإختلافات من التلاميذ الكبار وبالأسلمة الإجبارية عن طريق غسل عقول الأطفال الصغار.
20-تزوير التاريخ حسب روئية الغازى المنتصر، وتجميل وتمجيد تاريخ شخصيات إسلامية تاريخية سجلها الحقيقى يختلف تماما عن ما هو واراد فى هذه القصص، ويحدث شئ مشابه فى الدراما التليفزيونية الدينية.
21- بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل تم حذف معظم ما تحويه هذه المقررات من عداء لإسرائيل وللإسرائيليينن، ولكنها وقعت فى خطأ فادح بالعداء لليهود ولليهودية ووصف اليهود بكل الصفات السلبية من الغدر والخيانة ونقض العهود والجشع والإنتهازية معتمدة فى ذلك على تراث إسلامى قديم، وقد عممت المقررات هذه الرؤية السلبية على يهود اليوم.
22-العداء للغرب وللحضارة الغربية، فهذا الغرب مادى منحل يفتقد للقيم وحضارته هى منقولة من حضارة المسلمين، وحضارة المسلمين فاقته تحضرا وإنجازا.
23- الحديث عن اللغة العربية بشكل شوفينى،بحجة أنهالغة القرآن ولغة أهل الجنة، والمفضلة عند الله وهى التى كلم بها الله نبيه وصفيه محمد.
24- العولمة باتت هى الإسلام، والعالمية هى الإسلام وقيمه، والعظمة فى الإسلام الذى يحوى حلولا لكافة مشاكل البشر القديمة والمعاصرة، والإسلام متفوق على ما عداه من الاديان والافكار والنظريات والمبادئ والقيم والحلول.
25- غياب الآخر وتحقيره والعداء له والتحريض ضده ودعوته للتمتع بعظمة الإسلام بتقديم خدمة عظيمة له من خلال إجباره على التعاطى مع النصوص الإسلامية ومبادئ الايمان الإسلامى الصحيح.
26-غياب الهوية المصرية، فهى هوية فرعية باهتة تنبع من الهوية الأم وهى الجامعة الإسلامية والرابطة الإسلامية التى تركز مقررات التعليم عليها.
الدراسة التى اتحدث عنها هى دراسة شاملة لمقررات اللغة العربية والدين الإسلامى لمراحل التعليم العام قبل الجامعى.وتركز الدراسة على محاور كثيرة مثل المواطنة، حقوق الإنسان، العلاقة مع غير المسلمين، النظرة للمسيحية، العلاقة مع الغرب، العلاقة مع اليهود واليهودية، النظرة للديموقراطية، العلاقة بين الجنسين، النظرة للذات وللهوية الوطنية، الموقف من المنظمات الدولية والتعاون الاقتصادى الدولى، حقوق الطفل، الانفتاح والإنغلاق، النظرة للمرأة، الموقف من المشاركة السياسية، الدور فى التنشئة السياسية، دعم القيم الإيجابية العامة، النظرة للعولمة، تناول القضايا الجدلية المعاصرة...الخ.بدون الدخول فى نصوص مقتبسة من هذه المقررات حتى لا نطيل عليكم لأنها كثيرة جدا.
والدراسة لم تكتمل بعد، ولكن من خلال ما قرأته حتى الآن يمكن الاشارة إلى بعض الخصائص والسمات والقيم التى تبثها هذه المقررات الدراسية والتى يمكن إيجاز ذلك فى الاتى:
1-الدمج بين الدين والدولة، فالإسلام الذى تدعو اليه هذه المقررات هو دين ودولة ومنهاج حياة، أى باختصار تعليم يؤسس لدولة دينية.. وهذا يقودنا إلى عدد من المحاور الأخرى مثل.
2-العداء للدولة المدنية والمؤسسات المدنية والتشريع المدنى، ففى الإسلام من التشريعات ما هو صالح لكل شئون الحياة فلماذا اللجوء لما هو خارج الإسلام وعندنا الأفضل؟.
3-حقوق المواطنة فى الدولة يكفلها الإسلام وتنبع من الإسلام، وحقوق غير المسلمين تنبع هى الأخرى من الإسلام... وهذا هو جوهر ما يسمى ب quot; المواطنة الإسلاميةquot; للمسلمين وquot;الذميةquot; بمستوياتها المختلفة لغير المسلمين فى الدولة الإسلامية، وهذا يعد تدميرا للمواطنة كما تعرفها الدول الحديثة.
4-سمو الرابطة الإسلامية على ما عداها من روابط تجمع الجنس البشرى.
5-التحدث بإيجابية عن الأقتصاد الإسلامى وبعدائية عن اسعار الفائدة البنكية التى يرونها ربوية إستغلالية دخيلة على المجتمع الإسلامى.
6-حقوق الإنسان مصدرها الإسلام وليس المواثيق الدولية، فالإسلام رفع المرأة وأنصف غير المسلمين، ومن ثم لا يستطيع أحد ان يجادل فى أن النصوص الدينية تنتقص من حقوق المرأة وحقوق غير المسلم لأن ما تحتويه هذه المقررات يضع سقفا للنقاش الحقوقى العام محددا ذلك بالنصوص الدينية.
7-الشورى بديلا عن الديموقراطية وهى النظام المثالى للحكم، رغم أن الشورى هى نظام بدائى غير مؤسسى، ومحدود وغير واسع، وغير ملزم، وغير إنتخابى واقرب إلى الاستفتاء ولكن بين مجموعة محدودة من البشر، ولا تتحقق من خلاله المساءلة.
8-إطاعة الحاكم المسلم واجبة باعتباره ولى الأمر، وتشكل هذه الطاعة مع نظام الشورى مع إسلامية الدولة نشر وتكريس لقيم الإستبداد التى تعانى منها ما تسمى بالدول الإسلامية.
9- نشر التواكل العام والقدرية والجبرية، فالمسلم شخص مسير قدرى يحدد الله له كل شئ منذ مولده حتى مماته.
10- التعليم كما يقول الخبراء ووفقا ما ذكره رئيس الجمهورية هو مسألة أمن قومى، ولكن وفقا لمقررات الدراسة هو قضية أمن إسلامى وليس أمن قومى، إلا فى حالة تماهى الأمن القومى مع أمن الإسلام وهو الحادث بالفعل فى الواقع ومن ثم يعكس التعليم الواقع المعاش.
11- تدعو هذه المقررات المصريين للأخذ بالعلم من أجل الإسلام، والتسلح بالقوة من أجل نصرة الإسلام، وتكريس التفوق لخدمة الإسلام.. وكل شئ من الإسلام ولأجل الإسلام.
12-حتى قيمة الإنسان نفسه تنبع من الإسلام، فالشخص المصرى، المفترض أن هذه المناهج تخاطبه، قيمته الحقيقية فى إسلامه، ولا اعرف هل غير المسلمين لاقيمة لهم أم ماذا؟ وخاصة وان مناهج اللغة العربية تخاصب غير المسلمين أيضا.
13-لا تشعر ان هناك خيطا واضحا أو هدفا حقيقيا يسعى اليه التعليم فى مصر. والخيط الظاهر فى كل ما قرأته هو الإسلام.(ملاحظة: المناهج العلمية مثل الرياضيات والفيزياء لا تحمل الرسالة التربوية ولا الاهداف العامة من العملية التعليمية، ولكن تظهر هذه الرسالة فى العلوم النظرية والاجتماعية، وهذا ما رأيته بوضوح فى مناهج اللغة العربية).
14-مركزية الدين فى مناهج اللغة العربية، فانت لا تشعر بالفرق عند انتقالك من مقررات اللغة العربية التى تدرس لجميع الطلبة إلى مقررات الدين الإسلامى التى تدرس للمسلمين فقط، بل بالعكس تشعر انك إزاء منهج واحد.
15-هناك ارتباط واضح بين مناهج اللغة العربية والتربية الدينية وبين موضوع العنف الدينى فى مصر، فالكثير من هذه النصوص وشروحاتها تدعو للعنف ولا تعطى الاولوية للتسامح باعتباره الحالة الطبيعية للسلوك الإنسانى، وقد تكرر الحديث المعروف عن تغيير المنكر باليد عدة مرات، وفى شروحاته تأكيد على مسالة العنف المصاحب لهذا التغيير.
16-تنميط شكل المرأة فى هذه المقررات كما يقدمها الإسلام السياسى، سواء فى سلوكها أو زيها او القيم التى يجب أن تحكمها مثل طاعة الزوج وخلافه.
17-تضرب هذه المقررات الإنتماء الوطنى فى مقتل، والذى ظهر باهتا امام الإنتماء الإسلامى وسمو الرابطة الإسلامية.
18-محاولة التذويب الإجبارى التدرييجى لغير المسلمين فى الثقافة الإسلامية عبر هذا الكم المهول والممجد للتراث الإسلامى، وهذا هو بالفعل جوهر الذمية كما عايشناها تاريخيا.
19-الأسلمة الإجبارية لغير المسلمين عن طريق فرض نصوص دينية عليهم تضرب معتقداتهم الدينية وصلب عقيدتهم فى مقتل، وفرض حفظ هذه النصوص وتفسيراتها بطريقة أقل ما يمكن وصفها بالمذلة لمن يدرك هذه الإختلافات من التلاميذ الكبار وبالأسلمة الإجبارية عن طريق غسل عقول الأطفال الصغار.
20-تزوير التاريخ حسب روئية الغازى المنتصر، وتجميل وتمجيد تاريخ شخصيات إسلامية تاريخية سجلها الحقيقى يختلف تماما عن ما هو واراد فى هذه القصص، ويحدث شئ مشابه فى الدراما التليفزيونية الدينية.
21- بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل تم حذف معظم ما تحويه هذه المقررات من عداء لإسرائيل وللإسرائيليينن، ولكنها وقعت فى خطأ فادح بالعداء لليهود ولليهودية ووصف اليهود بكل الصفات السلبية من الغدر والخيانة ونقض العهود والجشع والإنتهازية معتمدة فى ذلك على تراث إسلامى قديم، وقد عممت المقررات هذه الرؤية السلبية على يهود اليوم.
22-العداء للغرب وللحضارة الغربية، فهذا الغرب مادى منحل يفتقد للقيم وحضارته هى منقولة من حضارة المسلمين، وحضارة المسلمين فاقته تحضرا وإنجازا.
23- الحديث عن اللغة العربية بشكل شوفينى،بحجة أنهالغة القرآن ولغة أهل الجنة، والمفضلة عند الله وهى التى كلم بها الله نبيه وصفيه محمد.
24- العولمة باتت هى الإسلام، والعالمية هى الإسلام وقيمه، والعظمة فى الإسلام الذى يحوى حلولا لكافة مشاكل البشر القديمة والمعاصرة، والإسلام متفوق على ما عداه من الاديان والافكار والنظريات والمبادئ والقيم والحلول.
25- غياب الآخر وتحقيره والعداء له والتحريض ضده ودعوته للتمتع بعظمة الإسلام بتقديم خدمة عظيمة له من خلال إجباره على التعاطى مع النصوص الإسلامية ومبادئ الايمان الإسلامى الصحيح.
26-غياب الهوية المصرية، فهى هوية فرعية باهتة تنبع من الهوية الأم وهى الجامعة الإسلامية والرابطة الإسلامية التى تركز مقررات التعليم عليها.
فى النهاية لا تشعر انك أمام تعليم حر يقوى مناعة الإنسان الفكرية والإنسانية وإنما امام غسيلدماغ دينى إجبارى، تعليم إستعلائى سلبى دفاعى عن الذات الدينية، تعليم منغلق متعصب عنصرى فى بعض اجزائه، يعادى العقل والعلم ويروج للخرافات والشعوذه والهلوسة وعالم الميتافيزيقا، تعليم عدوانى جامد يرفض التطوير ويدعو للقيم المطلقة، ويحقر من المنتج العقلى ومن انجازات البشر الحقيقية وينسبها للإسلام، يعادى ثقافة الحياة، ويناصب الذات والعالم غير المسلم العداء، تعليم يمثل سوط لجلد قيم الحياة المعاصرة... تعليم يخلق فى النهاية شخصيات مصابة بإنفصام فى الشخصية.
ولعلى اتساءل ما هو الفرق بين ما قرأته فى مناهج اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية وبين قيم التيار الدينى المتشدد والإسلام السياسى، ولا ابالغ القول بأن ما قرأته أكثر تطرفا من برنامج الاخوان المسلمين المنشور فى اغسطس 2007، مما يرجح فكرة الصفقة التى تحدث عنها الدكتور رشدى سعيد، والتى توسعت فى عهد الرئيس مبارك حتى ارتدت على الحزب الحاكم ذاته بحيث اصبح الكثير من اعضاءه أكثر غلوا وتطرفا من جماعة الاخوان المسلمين.
وفى الختام لا يسعنى إلا أن اتفق مع المفكر المغربى طاهر بن جلون فى وصف هذا التعليم بquot; اللعنةquot;، حيث كتب الطاهر مقالة بعد 11 سبتمبر 2001 عن التعليم فى الدول الإسلامية بعنوان quot;الخروج من اللعنةquot;، وقال أن الحل يكمن فى تفكيك كافة المناهج التعليمية فى الدول الإسلامية واعتبارها مسئولة عن جيل يرفض الحوار والحياة ودولة القانون، وتحول من حب الحياة إلى حب غامض للموت.
ويبقى السؤال مطروحا متى نخرج من هذه اللعنة؟.
ويبقى السؤال مطروحا متى نخرج من هذه اللعنة؟.
كاتب المقال مدير منتدى الشرق الأوسط للحريات
ورقة مقدمة لمؤتمر quot;التعليم والمواطنةquot; الذى انعقد فى القاهرة يومى 24، 25 ابريل2009، برعاية وترتيب جماعة quot; مصريون ضد التمييز الدينىquot;
[email protected]
[email protected]
التعليقات