ما من مجموعة او مكون او طائفة في التاريخ خذلتها الظروف وغدرت بها السياسات مثل سنة العراق حكمو العراق لما يزيد عن ثمانية عقود وصانوا وحدته واقامو نهضته الحديثة وارسوا دعائم الدولة المدنية بلا تمييز او تهميش للاخرين، فجأة وجدوا انفسهم وحيدين في اختيار مواجهة احتلال امريكي غاشم لبلدهم فقاوموا ببسالة وضراوة وانهكو بوش ورامسفيلد لأنهم انحازو الى خيار الكرامة الوطنية واقتدو بحركات التحرر وعلى رأسها ثورة الجزائر الباسلة ولو انهم لم يقاومو الاحتلال والعدوان الامريكي بضراوة لقيل عن العراق ما لا يحب ان يسمع عنه محب حتى ان صديقي الجزائري قال لي لو انكم تخاذلتم عن مواجهة الاحتلال لكنا اعتبرنا كل امجاد العراق وبطولته مجرد اكذوبة.
سلمت امريكا الحكم لوكلاء إيران في العراق على طبق من ذهب كما قال الراحل الامير سعود الفيصل وتوجب على سنة العراق مرة اخرى مقاومة النفوذ الصفوي الايراني فخرجوا لعام كامل في الميادين والطرقات باحتجاجات سلمية كفلها لهم الدستور يطلبون الحقوق فرد عليهم المالكي بالقمع والتهميش وملاحقة رموزهم وفتح لهم معتقلات جوالة تحت بند اربعة ثم انتقلوا للمطالبة بالاقاليم حماية لأبناءهم ومدنهم لانها من ضمن الدستور العراقي النافذ فاجابهم المالكي انه لن يسمح بهذا لأنه اي المالكي حريص على وحدة العراق التي جسدها بعد شهور بتسليم الموصل باهلها وسلاحها وعتادها الى داعش وتوالت المدن السنية تسقط الواحدة بعد الاخرى بيد الارهاب الذي استثمر جيدا في سياسات المالكي العدوانية للسنة وتقسيمه للعراق في خطابه الشهير من كربلاء الى فسطاطين لا غير معسكر يزيد ومعسكر الحسين وتحول العرب السنة الى لاجئين وهائمين في الصحاري والفيافي ولا يسمح لهم بدخول العاصمة بغداد الا بكفيل..
تراجيديا لن تنتهي بتحرير الموصل او الانبار او تكريت فالقادم امر واقسى لان هناك مشروع إيراني صفوي يقوم على اضعاف هذا المكون الكبير الذي يقترب تعداده من نصف ساكنة العراق لتسهيل الربط الجغرافي واللوجستي من طهران الى العراق والشام والبحر المتوسط فقامت بتنفيذ برامج التشريد والقتل والتدمير لمدنهم وقراهم ومساجدهم مستعينة هذه المرة ببعبع داعش التي هي من اسهمت في صناعته او توجيههه نحو الهدف المطلوب الى ان اتت خطة تشكيل الحشد الطائفي الشيعي والذي يراد له ان يكون قوة مثل الحرس الثوري الايراني لتحقيق غايات الولي الفقيه والذي يجاهر قادة الحشد بانهم يتلقون اوامرهم من المرشد الأعلى الإيراني علي خامئني وليس اي مسؤول عراقي واصبحو اليوم اقوى من الجيش العراقي واطلقت يداه في القتل والنهب والسلب والارهاب والاختطاف وحتى ان مراسل وكالة الانباء الفرنسية بث صورة نادرة لا تتكرر في الدول المحترمة وهي ان الجيش يقف على ارصفة شوارع بغداد يودع الحشد الشعبي في حافلاتهم ومركباتهم للدفاع عن الجيش والوطن..
الان الموصل الحدباء ترنو اليها كل العيون نينوى درة العراق في شماله الحبيب ومهد الحضارات اعد ابناءها انفسهم وتدربو بالالاف لتحرير مدينتهم ويقولون باعلى الصوت الموصل مدينتنا و لا نحتاج لاحد الا ان الحشد الشيعي الطائفي يصر ويهدد بالثبور وعظائم الامور ان لم يشترك مجدا في مسلسل الحرق والنهب والقتل لابناء الموصل.. 
اكثر من مئة فصيل لا تعرف لها هيكيلية وتحمل رايات طائفية وتقوم بممارسات عدائية دربها ضباط الحرس الثوري وقاسم سليماني الآمر الناهي في العراق الذي حوله الجعفري بقدرة قادر من جنرال مقيد على قائمة الارهاب الدولي الى مستشار عسكري للحكومة العراقية؟؟
معركة الموصل جذبت اليها كل القوى الدولية والاقليمية والمحلية لانها ستقرر شكل العراق هل سيستمر هذا الكيان المهلهل ام ينشطر نهائيا الى ثلاثة كيانات لا يعلم سوى الله كيف ستنتهي اوار معارك تشكلها الا ان المراقب يدرك ان إيران بمواقفها وتدخلها السافر هي من يؤجج النزعات الانفصالية لدى العرب السنة من أجل حماية انفسهم ولا يهمهم الان ان ياتي اردوغان او محمد الفاتح ليعينهم على مصيبتهم ويرقع لهم قميص عثمان حفاضا عليهم من التشرد والألغاء.
لذلك ينبغي على الدول العربية ان تتخذ مواقف صلبة بوجه سياسات الهيمنة الايرانية والاقصاء والاستبعاد والا فان خيار التدويل مطروح بقوة والخاسر الوحيد امتنا وعراقنا الذي كان يوما بلدا كريما وموحدا ومهابا.
ان تدويل القضية العراقية سعيا لايجاد حل عادل يزيل الهيمنة والاستحواذ والتهميش رغم مرارته فهو اخر العلاج لقضية طالت وتمددت وسط هذا الاستقواء الطائفي والاجندة الخارجية فاما عراق يضمن الكرامة والمشاركة لجميع ابناءه او حرب ستستمر لعقود لان العرب السنة في العراق لم يعد عندهم شيئا يخشون عليه.
[email protected]