كيف يمكن أن نفهم طبيعة المرأة؟ ولماذا نقدم لها الطاعة والاحترام، ونقوم على تلبية طلباتها؟ وهل هناك مواقف يمكن أن تؤخذ عليها ومحاسبتها نتيجة تصرف أرعن وغير مسؤول يبدر عنها؟

لا شك في أنَّ المواقف التي يعانيها الزوج في هذا الإطار كثيرة، ولا يمكن بحال إحصائها أو السكوت عليها؛ بسبب الإكثار من المواقف السلبية التي قد تدوس عليها وتقذف بها بعيداً عن حياتها وبصورة نهائية، وتمسحها من ذاكرتها مهما حاولت أن تهتم بها وتقدم لها الطاعة والخدمة المناسبة لجهة إرضائها واحترام خدماتها التي لا أحد ينكرها.

كل هذا وذاك يُمكن للمرأة ـ الزوجة أن تمسحه وترميه خلفها وغير مبالية به، وبإمكانها بلحظة عابرة إلغاء جميع الخدمات التي سبق أن ساهم فيها، وصارت تلقى إجابة التبرير بالنسبة للزوجة، وعدم الرضا عن كل ما سبق أن فرشه الزوج أمامها بالورود والرياحين.

الاحترام الزائد صار، وللأسف، يلفّه غياب الضمير من جهتها، وإن التعامل بفوقية، وكثيراً ما تقع به النساء، على اعتبار أنها إنسانة لها خصوصيتها، على الرجل أن يقف باستعداد طالباً رضاها، وملبياً متطلباتها، وإن كانت في بعضها مجحفة، وهذا ما يلغي العلاقة ويُحبطها، بل ويثير كثيراً من التساؤل والوقوف أمام كمّ من الإجابات التي تظلّ بعيدة عن إيجاد الحل المناسب لها؛ لأنها لا تخضع لرغباتها.

على الزوج تأمين متطلبات زوجته، وهذا ليس بكثير عليه، أضف إلى تقديره واحترامه لها، وبالمقابل عليها أن تحترمه وتقدره وتقوم على خدماته، والأهم من كل هذا وذاك احترام مشاعره وتبجيلها، لا أن ترفسه وتقلل أدبها معه، وتقذف به بعرض الحائط، لا يهمها سوى تأمين متطلباتها وتلبية احتياجاتها، وهذا ما صار يُقلده الكثير من النساء العربيات، على وجه التحقيق، اللاتي يَعشن خارج حدود بلادهن الأصلية، اللاتي بتن يفضلن العيش بمفردهن برفقة أبنائهن بعيداً عن الزوج وحاجتهن إلى الانفتاح، وإرضاء نزواتهن، وفي المقابل أنَّ هناك عدداً كبيراً من الأزواج تراهم متمسكين بالمساعدات التي تدفعها لهم الحكومات في أماكن اللجوء، ويفضلون التقتير على أنفسهم، وعلى أبنائهم وحرمانهم من بهجة الحياة لجهة شراء أراضٍ وبناء مساكن في بلدانهم الأم بتلك المبالغ البسيطة التي بالكاد تسدّ الرمق على حساب إسعاد أبنائهم، وهذا ما دفع الكثير من النساء المتزوجات إلى طلب الانفصال عن أزواجهن، لأجل التمتّع بالمساعدات المالية وصرف ما طاب لهن، ومن حقهن وحق أبنائهن العيش بكرامة بدل من الحاجة والذل التي تعاني منها أغلبهن، ولا سبيل لذلك إلا بالانفصال والخلاص من سوداوية بغيضة، أبطالها الأزواج الذين يبحثون عن جمع المال على حساب حرمانهم كثيراً من الاحتياجات، ومن حق الزوجة البحث عنها والعمل على تأمينها لحاجة أسرتها، وهذا ما يرفضه كثير من الأزواج.

هذا التصرّف في الواقع يحاول الكثير من اللاجئين تفعيله، وعلى المرأة أن تقف موقف المتفرج حيال كل ذلك، ويَمنع عليها شراء ما هو مطلوب وترغب به، حتى إن التقتير لم يقف عند ذلك فحسب، بل إنه وصل إلى الزوج، ووقف حائلاً أمام الزوجة في شراء احتياجاتها الخاصة، وإن كانت بسيطة، بهدف الضغط عليها، وفي حال رفضها ذلك فإن التوبيخ، إن لم يكن الضرب هو ما سينتج عن كل ما تبوح عنه في حال أنها ظلت مصرّة على تأمين متطلباتها المنزلية، وهذه الحالات، في بعضها، وصلت إلى طريق مسدود، ما يعني أن الزوج استعمل حقه في الانفصال، والخلاص من زوجته، بالرغم من وجود الأطفال، إلا أن الشيء المثير للجدل أن الصورة في هذه المرة تبدلت، وإن بعض النساء أصر على طلب الطلاق لأمثال هذا الموقف المهينة بحقها، وبالرغم من صبر الأزواج على هذا الإجراء، إلّا أنّ النصوص القانونية تشرّع للزوجة الحق في طلب الطلاق ما صار يجعل الزوج يقف مطأطأ الرأس أمام زوجته تخوفاً من استعمال هذا الحق في طلب الانفصال حتى في حال وجود الأبناء.

إنّ الزوجة التي تنفرد عن بقية النساء بقدرتها على الوصول إلى أبسط حقوقها، وبقاء زوجها مهمّشاً لشخصيتها غير مكترث بها، دفع الأغلبية منهن إلى اتخاذ هذا الموقف، وهو الخلاص من سلطة الزوج، والاستغناء عنه بصورة نهائية لتعيش بحرية، فضلاً عن تمتعها بالحياة التي ترى أنَّ ذلك من حقها وحق أبنائها.