لم يكن ممكناً المرور على قرار معاقبة الشيخ خليفة بن حسن آل ثاني مرور الكرام، أو التعامل معه باعتباره حدثاً عادياً من وجهة نظر ملايين العرب الذين لا يعيشون في دول الخليج العربي على الأقل.

الشيخ خليفة آل ثاني هو رئيس نادي الوكرة القطري، وتمت معاقبته بالإيقاف عن دخول الملاعب لمدة ستة أشهر، وغرامة مالية كبيرة تبلغ قيمتها 100 ألف ريال قطري، أي ما يقرب من 30 ألف دولار، وذلك عقب دخوله أرض الملعب معترضاً على قرارات التحكيم في مباراة الوكرة أمام السد الأحد الماضي.

قرار العقوبة قد يراه البعض أمراً طبيعياً، فهناك لائحة يتم تطبيقها على الجميع، ولكن للأمر أبعاد أكثر عمقاً من ذلك، خصوصاً أن هذا لا يحدث في غالبية الدول العربية، ومنها مصر على سبيل المثال، فقد ظل رئيس نادي الزمالك السابق مرتضى منصور يكيل الشتائم للجميع في فترات وجوده دون عقاب حقيقي، والمدهش في الأمر أن ذلك استمر لما يقرب من 20 عاماً، وكأن هذا الرجل فوق العقاب.

مشهد مماثل يتكرر كثيراً، حيث تقف اللوائح والقوانين عاجزة أمام تجاوزات بعض الأشخاص، وكأنهم فوق القانون، بل إن ذلك يحدث في ملاعب كرة القدم وغيرها، وفي كل مرة المقياس هو مدى نفوذ من يخالفون القانون، وهو الأمر الذي يجعل الحالة القطرية تشكل مثالاً رائعاً، ونموذجاً في تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير.

حينما ينظر لاعب أو مشجع أو مدرب إلى العقوبة التي نالها رئيس نادي الوكرة، فإنه سوف يفكر ألف مرة قبل أن يرتكب مخالفة قانونية، فالأمر في نهاية المطاف لا يتعلق بمباراة كرة قدم، بل بصورة دولة، وكذلك هيبة ومكانة القوانين واللوائح التي تنظم بطولة الدوري، حيث تعد مثل هذه البطولات بما تحظى به من متابعة جماهيرية وإعلامية قوة ناعمة لأي دولة.

في إنكلترا، على سبيل المثال، ينظر الجميع لبطولة الدوري "البريميرليغ" باعتباره الصورة الذهنية البراقة لبريطانيا في العقل العالمي، بل إنَّ أحد السياسيين الإنكليز قالها بوضوح :"صورتنا الذهنية على المستوى العالمي هي الملكة، والبريميرليغ، نحن لم نقدم منتجاً حضارياً براقاً للعالم في السنوات الأخيرة سوى بطولة الدوري التي يتابعها المليارات".

خلاصة القول إنَّ بطولة الدوري في أي بلد، وخصوصاً الدوريات القوية، هي جزء من صورة هذا البلد، ومن ثم لا مجال للتردد في تطبيق القواعد والقوانين على جميع المخالفين، ولا فرق في ذلك بين شخصية كبيرة أو صغيرة.