لكي لا أقع في الفخ مثل غيري من الملايين الذين يعيشون دور "الوصاية المطلقة" على النجم المصري محمد صلاح، فإنني أطالبه بالاعتزال الدولي، وعدم تمثيل منتخب مصر من جديد، لأكثر من سبب، أهمها بدافع الانتماء لهذا المنتخب الذي يمثل أكثر من 100 مليون مصري، ونريد له أن يعود من جديد للاستقرار وتحقيق النتائج الإيجابية، وتقديم العروض التي يرضى عنها الجميع، مع جهازه الفني الجديد بقيادة أيقونة مصر التاريخية حسام حسن، ووجود صلاح "قولاً واحداً"، يتسبب في أعلى درجات التوتر لأسباب لا علاقة له بها بالطبع، ويتسبب في التحفز من الجميع للحصول على قطعة من "كعكة" الشهرة التي تحيط بصلاح.

ضباط الجوازات: صلاح!
أما ثاني الأسباب التي دفعتني لمطالبة صلاح بالاعتزال الدولي، فهو حرصي على أن يستمر في رحلته الاحترافية الاعجازية دون مؤثرات سلبية، فهو القوة الناعمة الأكثر أهمية لمصر ليس خلال السنوات الأخيرة فحسب، بل منذ عقود طويلة، فقد أعاد لمصر بعضاً من بريقها، ويكفي أن ضباط الجوازات في كافة مطارات العالم، وبمجرد أن تقع أعينهم على خانة الجنسية في جواز سفرك ويتعرفون على جنسيتك المصرية، يقول لك "صلاح"، هكذا دون سبب وبلا مقدمات، فقط لمجرد أنك أنت وصلاح تتشاركان في اسم "مصر".

أكبر من استيعابنا
ما حدث أن صلاح بما وصل إليه من مكانة وتأثير وشهرة واحترافية، أصبح أكبر من استيعاب الجمهور المصري والعربي، وأكبر من تقييمات الإعلام في منطقتنا، والأهم والأكثر خطورة أنَّ صلاح أصبح "الترند السلبي" لملايين "المراهقين فكراً" في عالم السوشيل ميديا، فقط انتقد صلاح وسوف تصبح أنت النجم.

صلاح وتحرير فلسطين
فالهدف أصبح انتقاد، بل وشتم صلاح من أجل قضايا غزة، وتراجع الاقتصاد المصري، والفقر، والبطالة، وغيرها من الملفات التي عجزت وتعجز حكومات عن حلها، فإذا بنا نطالب صلاح بتحرير فلسطين، وحل مشاكل مصر الاقتصادية، وإذا لم يفعل نقيم عليه "حفلة السوشيل"، وبالمناسبة فقد نشر فيديو دعماً لغزة جلب 200 مليون مشاهدة، ولكن البعض لم يعترف بهذا الفيديو، كما أنه يتبرع ليل نهار في مصر للمساعدة بقدر ما يستطيع، ولكنه في نهاية المطاف لن يحل مشاكلنا الاقتصادية، وبالرغم من كل ذلك، ولسبب ما، لا يزال صلاح "خائناً" لغزة، "متكبراً" على مصر، ولا أدري كيف يصل تزييف الواقع إلى هذا الحد "المقرف".

ماذا فعل لمصر؟
أصبح وجود صلاح مع منتخب مصر سبباً في التوتر، وليس الاستقرار، وبالرغم من أنه ثاني الهدافين التاريخيين لمنتخب مصر، والأكثر صناعة للأهداف في تاريخ المنتخب المصري، وبالرغم من أنه أخذ مصر لمونديال 2018 بعد غياب 28 عاماً، وبالرغم من أنه قوة مصر الناعمة بتواجده المستمر خلال السنوات الأخيرة في قائمة أفضل نجوم العالم، وهو ما لم نكن نحلم به في مصر، إلا أنه وبالرغم من كل ذلك يخرج علينا كل يوم الآلاف ليقولوا: "ماذا فعل صلاح لمصر؟".

هكذا يقولونها بكل ثقة، لمغازلة الترند، أو تعبيراً في محاولة لجذب الأنظار، أو لمجرد أنه ينتمي لفصيل سياسي أو ديني معين لا يحظى بدعم صلاح، أو لألف سبب وسبب، ولكن لا يوجد من بينها سبب واحد على علاقة بالموضوعية أو تحكيم العقل، الأمر ببساطة أن الجميع أو النسبة الكاسحة أصبحوا يحكمون صوت "السوشيل" بدلاً من "صوت العقل".

من فضلك يا صلاح.. كن هناك حيث التقدير والتأثير، ولا تكن هنا حيث "تريكة" بمسرحياته هو "الأمير".