* أثارت حلقة برنامج (الليوان) والذي يقدمه المذيع المُتألق عبدالله المديفر عبر قناة روتانا خليجية أمس الأول الأربعاء والتي استضاف من خلالها أسطورة الكرة السعودية يوسف الثنيان أشجان وعواطف محبي (الفيلسوف) والذي تُجمع على محبته جميع جماهير الكرة السعودية بمختلف انتمائاتها، وبشكل خاص بالطبع جماهير ناديه الذي نشأ وترعرع فيه (الهلال)؛ يقول (الثنيان) في ثنايا اللقاء الممتع "كُنت أُحب الرقم 7 وألبسه في الحواري كونه يُناسب خانة الجناح الأيمن إلا أني وجدت نفسي مضطرًا لتغييره عندما وصلت للفريق الأول كون الرقم كان لزميل دولي أخر بالفريق لأقوم ومنذ ذلك الحين باختيار الرقم 15"، وأستطيع القول بأنه ومنذ ذلك التاريخ أصبح للرقم 15 قيمة كبيرة جدًا على مستوى السعودية والخليج بل آسيا قاطبة، ولا أدل على ذلك إلا أنك كُنت ترى بالمدارس في فترة أواخر الثمانينيات والتسعينيات الميلادية معظم الطلاب حاملًا الرقم 15 وبجميع تيشيرتات وألوان الأندية، وكُنت تشاهد الرقم بكثافة على الجدران وعلى الطاولات وبالدفاتر وفي المراسلات والإيميلات والأرقام السرية والبيجر وغيرها، وكل ذلك حبًا وعشقًا وهيامًا بالنجم الذي لن يتكرر.

* تأثير الثنيان في ذلك الجيل كان وجدانيًا ومهاريًا بمحاولة تقليد مهاراته، ووصل حتى سلوكيًا من خلال تقليد حتى طريقة مشيته التي تميز بها، ولذا لا تستغرب حين ترى الجميع في حصة الرياضة يتسابق للفوز بخانة الجناح الأيمن، بل الأغرب من هذا كله أنك قد تمر بأحد ملاعب الأحياء أو الشوارع لترى مجموعة من الشبان يمارسون لعبة كرة القدم ولكنهم يمارسونها بطريقة مختلفة حيث لا يلعبون بالطريقة المتعارف عليه دوليًا تقسيمه من فريقين وعلى بابين - مرميين -؛ بل ترى اللعب على باب واحد، وهناك من يقف وحيدًا على الجانب الأيمن وكل مهمته أن يقوم برفع الكرات العرضية - الأوفرات - للمجموعة الباقية والواقفة أمام المرمى، ومن يقوم بالتسجيل بالرأس هو الفائز والمكافأة أن يذهب لخانة الجناح الأيمن ويكمل مهمة الجناح السابق!؛ تمامًا كما كان يفعل (الثنيان) في الملاعب، كل هذا التأثير صنعه الفيلسوف والذي كان حينها ملء السمع والبصر بمهاراته والتي سبقت عصره بل ظهرت لاحقًا مع نجوم عالميين، نعم نجوم عالميين، أتوا بعده، ولذلك يُستغرب حين يخرج أحدهم بكل (سذاجة) ليقول "يوسف الثنيان لاعب مهضوم إعلاميًا؛ أو لم يأخذ حقه في الهلال"!، وكل هذا بالطبع لمحاولة الاصطياد في الماء العكر، والوقيعة بين نجوم (الزعيم) وبطريقة الضرب من تحت الحزام، ولكن هيهات أن تمر مثل هذه (الترهات) والحيل البالية على الهلاليين.

* أكثر ما حز بالنفس في لقاء الثنيان إجابته عن أسباب استبعاده عن مونديال 94 بأميركا، وهو المونديال الذي كان من غير العدل ألا يكون نجم بحجم الثنيان مشاركًا فيه؛ حيث أجاب حالفًا بأنه لا يعلم إلى هذه اللحظة عن السبب؛ بل لم يسأل عن ذلك!، ومع أن الفُرصة كانت مواتية للتظلم والإشارة ولو بطريقة غير مباشرة للمتسبب بذلك؛ إلا أنه لم يحاول استغلال الموقف للإساءة أو لتصفية الحسابات مع أحد، بل كان يثني على جميع المسؤولين ويذكرهم بالخير، وهذا من الأدب والوفاء ولا يُستغرب ذلك على خريج مدرسة الهلال بأدبياتها المعروفة؛ وهذا بعكس من أقاموا الدنيا ولم يقعدوها مؤخرًا بدعوى الإساءة لإدارات سابقة بالمنتخب من خلال استحضار بعض القصص واختلاق بعض الأزمات مثل السالفة البائسة "من حمل كأس آسيا 96 بالإمارات ولماذا؟!"، وقد أجاب (الثنيان) عن ذلك في ذات الحلقة من خلال إجابة شافية ووافية بل ومُلجمة في الوقت نفسه "حملته في أبوظبي وحمله فؤاد أنور في الرياض، ولو حصل العكس فليس لدي مشكلة؛ أهم شيء فوز المنتخب باللقب"، في إشارة إلى أن الأمر بسيط جدًا وطبيعي ولا يستدعي كُل تلك الاثارة والبلبلة أو الغمز واللمز الذي مارسه البعض مع الأسف. فعلًا دروس يا بو يعقوب داخل الملعب وخارجه.