هجم وحش السياسة مبكراً جداً على بطولة أمم أوروبا لكرة القدم المقامة حالياً في ألمانيا، وسط مخاوف من أن يتسبب هذا "الوحش" في قتل متعتها أو التأثير على المزاج الكروي العالمي على الأقل.
وما حدث باختصار يثبت لنا أن السنوات التي أمضيناها ونحن نتحدث بمثالية
"الرياضي البرئ" من أنه لا يجب اقحام السياسة في الرياضة، ولا اقحام الرياضة في السياسة لم يكن سوى "رؤية سطحية"، فالسياسة وحش كاسر يتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياتنا، بل إنه لا يتركنا حتى في لحظات المتعة الرياضية البريئة.
مبابي يفتح الباب لـ"الشيطان"
كيليان مبابي نجم منتخب فرنسا هو من فتح الأبواب على مصراعيها لوحش السياسة، حينما تحدث عن مخاوفه من صعود "اليمين المتطرف" في فرنسا، داعياً الشباب في بلاده للذهاب إلى صناديق التصويت لقول كلمتهم، من أجل الابقاء على فرنسا المتنوعة العادلة، وليس فرنسا "المتطرفة".
هل من حق النجم أن يتسيس؟
وهنا جاء السؤال.. هل يحق لمبابي أو غيره من "النجوم أصحاب التأثير" التحدث علناً خلال بطولة كروية كبيرة يمثلون فيها الوطن عن أمور السياسة؟ والمقصود بكلمة "علناً" أن رأي مبابي باعتباره أحد أشهر نجوم فرنسا وأحد أكثر الشخصيات تأثيراً سوف يكون له انعكاساته على جماعات وفكر سياسي معين، فسوف يؤثر سلباً دون شك على "اليمين المتطرف" مثلاً، وبما انه يمثل كل فرنسا في يورو 2024 فلا يحق له مهاجمة فصيل سياسي معين.
والرأي الآخر أتى على لسان مبابي الذي قال :"لا تحاولوا الاختباء تحت شعار لا تخلطوا السياسة والرياضية، فأنا فرنسي ويحق لي أن أتحدث في هذا التوقيت الخطير".
كلاهما صحيح !
والمحير في الأمر أن وجهة نظر مبابي صحيحة تماماً، ووجهة النظر التي تقول إن النجم الشهير المؤثر حينما يكون في مهمة وطنية لتمثيل الوطن بأكمله فلا يجب عليه التحدث بطريقة توحي بانحيازه لفئة بعينها، هو أيضاً رأي صحيح تماماً.
ماذا قالت الجهة الرسمية؟
وهنا نترقب دور الجهات الرسمية لتحسم الجدل، وقد حدث ذلك بالفعل، ولكن لم يتم حسم الجدل بتدخل الاتحاد الفرنسي لكرة القدم الذي قال إنه يثق في تجنب اللاعبين للأحاديث السياسية على الرغم من احترامه لمبدأ حرية التعبير، وهو بيان يثير الشك في أن القضية يصعب حسمها.
شيطان السياسة
ويظل المحسوم في الأمر أن "شيطان السياسة" لديه مقدرة أسطورية على إفساد كل ما هو ممتع، هذا هو الثابت الوحيد في الأمر، فقد تم اغراق محمد صلاح على سبيل المثال في طوفان السياسة وغزة وفلسطين واسرائيل مما جعل شعبيته تتراجع بشدة.
وقد يكون مبابي هدفاً لهجوم أنصار اليمين الفرنسي المتطرف، والأكثر ازعاجاً في الأمر برمته أن الأنظار قد تنصرف ولو مؤقتاً في يورو 2024 عن المتعة الكروية وتذهب إلى البعد السياسي، وهي كارثة حقيقية، فالعالم يعيش حمى السياسة 24 ساعة ، وعلى مدار العام، فما المشكلة في أن نحصل على اجازة من أجل المتعة الكروية دون ظلال سياسية في يورو 2024؟
التعليقات