هذا هو كريستيانو رونالدو الذي يحلو لمن لا يحبونه نعته بـ"الأناني"، ولا أعلم بالطبع لماذا لا يحبه البعض، وإن كنت من أكثر المتفهمين أن هناك تطرفاً في حرية الرأي والتعبير في عالم كرة القدم "عربياً"، لأننا لا نعيش مساحات واسعة من حرية التعبير فيما هو بعيد عن كرة القدم والرياضة، ومن ثم فإن البعض من عشاق كرة القدم "عربياً لهم آراء متطرفة، وفي كثير من الأحيان يغيب المنطق تحت وطأة "التطرف العاطفي"، وهو أمر يمكن تفهمه.
تمريرة "البراءة"
بالعودة إلى رونالدو فقد كان وجهاً لوجه مع الحارس التركي في المباراة التي أقيمت في مرحلة المجموعات للبطولة الأوروبية، وتحديداً في الهدف البرتغالي الثالث الذي حسم المواجهة، الهدف جاء بعد انفراد تام بالمرمى من جانب رونالدو، وترقب الجميع هدفاً له يحقق به مجداً شخصياً جديداً، وبعض الأرقام القياسية التاريخية، على مستوى التهديف.
فإذا به يمررها لزميله برونو فرنانديش الذي كان في وضعية مضمونه بنسبة 100 % للتسجيل، الأمر الذي جعل عشاق المنتخب البرتغالي والنجم رونالدو يرونه بطريقتهم الخاصة، فقد فضل مصلحة المنتخب على مجده الشخصي بهذه التمريرة السلهة الحريرية.
عناق رونالدو وبرونو
العناق الحار بين رونالدو وبرونو عقب الهدف يقول بكل وضوح إن البرتغال بهذه الروح سوف تذهب بعيداً جداً في يورو 2024، فالأمر لا يتعلق بتخلص رونالدو من صورة اللاعب "الأناني" الذي يفضل التسجيل بنفسه فحسب، وهي صورة ظالمة ومصطنعة (بالمناسبة)، بل إن للأمر بعد أكبر، وهو أن البرتغال "فوق الجميع" وقبل الجميع، فلا نجومية للاعب هي الأكثر أهمية، ولا رقم شخصي تاريخي لنجم كبير أكثر قيمة.
درس في انكار الذات
ما فعله رونالدو لا يتلخص في فكرة الروح الجماعية وتفضيل منتخب الوطن على المجد الشخصي فحسب، بل هو تصرف بالإضافة إلى بعده الأخلاقي والقيمي، هو أيضاً تصرف يتسم بالذكاء الشديد، فقد أعطى رونالدو درساً للاعبين كبيرهم وصغيرهم، درس يقول "نحن فريق"، وللجماهير بأن تلتف حول المنتخب وحول الحلم الكبير ، وهو تربع البرتغال على عرش أوروبا رغم صعوبة المهمة.
رونالدو الأقل أنانية في تاريخ أوروبا
ولمن لا يعلم، ولمن يتحدث عن "أنانية رونالدو" فقد بات هو اللاعب الأكثر صناعة للتمريرات الحاسمة في تاريخ كأس أوروبا (7 تمريرات حاسمة) منذ بداية البطولة عام 1968.
وفي العرف الكروي لا يمكن وصف "صانع الهدف" بأنه أناني أبداً، وبهذا المعنى فإن رونالدو هو اللاعب الأقل أنانية في تاريخ البطولة القارية، كما أنه الهداف التاريخي لها برصيد 14 هدفاً.
وأنا على يقين من أن القدر سوف يبتسم له في المباريات المقبلة بتسجيل الأهداف، وأخذ البرتغال إلى أبعد نقطة ممكنة في البطولة القارية، ومن يعلم، فقد يفعلها ويتوج باللقب للمرة الثانية في تاريخه الكروي الذي لا يضاهيه تاريخ "رقمياً على الأقل".
التعليقات