بعد إعلان نتائج الانتخابات الأميركية السابقة والتي فاز فيها جو بايدن، كتبت أكثر من مقالة هنا في "إيلاف" أؤكد فيها أنَّ دونالد ترامب عائد إلى سدة الرئاسة وسوف أؤكد على ذلك، ولا ريب أن مسار الأحداث والتطورات بعد إصدار المحكمة الأميركية العليا قرارها التاريخي الذي قضى بأن الرئيس السابق يتمتع بالحصانة الجزئية، قد بدد كل تلك الحملات القضائية المكثفة التي بُذلت من أجل وضع العصي أمام ترامب والحيلولة دون فوزه في انتخابات 2024.
لا يبدو أنَّ بايدن، بعد أن جلس أربعة أعوام في البيت الأبيض وتذوق حلاوة أن يكون رئيس أعظم دولة في العالم، على استعداد لمغادرة منصبه بسهولة. وبالرغم من كل تلك الأصوات المتعالية داخل الحزب الديمقراطي الأميركي التي تطالبه بأن يتخلى عن فكرة مواجهة ترامب ويترك الأمر لغيره ممن يمكن، جدالاً وليس يقيناً، أن يقفوا في وجه من يبدو وكأنه أصبح ماردًا يقتحم كل عقبة ويتقدم للأمام غير مبالٍ بأي شيء!
إقرأ أيضاً: تجربتي مع المسرح
في العقلية والرؤية الأميركية العامة، ليس بايدن إلا ظاهرة طارئة تأتي وتذهب من دون أن تترك آثارها وبصماتها على أرض الواقع، لكن ترامب، وكما نوهت أكثر من مرة، يشكل ظاهرة، والظواهر في الولايات المتحدة لن تمر مرور الكرام، فهي تبقى بتأثيراتها ليس لعقد واحد، بل أكثر من ذلك. والأهم أن ترامب لم يغادر البيت الأبيض من دون تقديم مكاسب وإنجازات للأميركيين، بل يُشار له بالبنان بهذا الصدد. أما بايدن، فمن المهم جداً التأكيد على أنه أوصل الأمور في الولايات المتحدة والعالم إلى منعطفات ليس من السهل أبداً وصفها بالحميدة والجيدة.
بايدن، بالرغم من سعيه المفرط لإظهار نفسه بمظهر القوي المقتدر الذي بإمكانه إلحاق الهزيمة بترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية القادمة، يبدو كما يقول المثل "العين بصيرة واليد قصيرة". ولا يبدو أبداً أن ما يجري في 2024 سيكون بالضرورة نسخة مما جرى في 2020.
إقرأ أيضاً: الدولة الفلسطينية قبلة الحياة لإسرائيل
بعد أيام من المناظرة التلفزيونية بينه وبين ترامب، والتي شهدت أداءً له وصف بالكارثي، تعلو الأصوات التي تؤكد أنَّ بايدن، بسبب تأثيرات نتيجة الانتخابات السابقة، يصر على المضي قدماً في الانتخابات القادمة ودحر ترامب والعودة مجدداً للبيت الأبيض. غير أن ما يتمناه ويرجوه بايدن ويعقد الآمال عليه، بعيد جداً عن الواقع، إذ أن رفيف أجنحة الفراشات ليس بإمكانها أبداً أن توقف "بلدوزر" جامحاً يمضي قدماً في أرض يباب... فهلاً يدرك الأمر قبل خراب البصرة!
التعليقات