يلتقي الأهلي والزمالك في السعودية الجمعة في مواجهة من العيار الكروي والجماهيري الثقيل، ولمن لا يحب كرة القدم أقول :"الأهلي والزمالك هما الجزء الأكبر في قوة مصر الناعمة وهما عشقها الأول، لا يهم إن كانت كرة القدم المصرية في الوقت الراهن هويتها محلية، ومتوسطة المستوى مقارنة مع المستويات العالمية، كل هذا لا يهم، فهما المتعة الحقيقية للملايين في مصر، ويكفي أن كلمة أهلاوي أم زملكاوي يسمعها كل طفل في مصر بعد أن يبدأ في نطق كلماته الأولى".

وفي فترات سابقة كان الأهلي والزمالك جزء من متعة الجمهور الكروية العربي، ولكن للحق أقول إن بطولات الدوري العربية، وخاصة الدوري السعودي أصبح أقوى وأكثر إثارة من أن يترك للكرة المصرية مشجعاً سعودياً، وهذه حقيقة وإن أنكرها البعض في مصر ممن يعيشون حتى الآن على فكرة النفوذ العاطفي للأهلي والزمالك على المستوى العربي، كما أن ميول الملايين من الشباب العرب للكرة العالمية وخاصة الأوروبية أكلت ما تبقى من شعبية الكرة المصرية.

وعلى الرغم من كل ذلك يظل لقاء الأهلي والزمالك، خاصة هذه المرة والتي تقام خلالها المواجهة المرتقبة بينهما في الرياض الجمعة على كأس السوبر الأفريقي لها اعتبارها، فهي مواجهة قارية بين فريقين مصريين، أي أنهما الأفضل في القارة السمراء، بحصول الأهلي على دوري أبطال أفريقيا، وتتويج الزمالك ببطولة الكونفدرالية الأفريقية.

وبالنظر إلى أن الأهلي والزمالك جزء حيوي من القوة الناعمة المصرية، وبدرجة ما لايزال لهما مكانة في قلوب جمهور كرة القدم العربي، فقد قررت السعودية بالاتفاق مع الاتحاد الأفريقي لكرة القدم تنظيم المباراة بالرياض، لتقتسم السعودية مع مصر قوتها الناعمة في هذه المباراة، ولتصبح المبادرة السعودية بمثابة التكريم لمصر.

قمة الأهلي والزمالك في السعودية تشبه تماماً وجود عمالقة الفن والسينما والغناء المصري في السعودية، وقد تفوقها تأثيراً بالنظر إلى الشعبية التي يتمتعان بها، ومصر هنا نتكامل مع السعودية في مفهوم وقيمة القوة الناعمة، وليس هناك تنافس بين بلدين كبيرين يكمل كلاهما الآخر، والمواطن السعودي يعشق الفن المصري، ويعشق وجه مصر الناعم، وما تفعله المملكة ما هو إلا تجاوب وتلبية لهذا العشق.

وما يحسب لأهل الخليج، وعلى رأسهم السعودية، أنهم يحضرون إلى حفلات عمرو دياب أو غيره من نجوم مصر لأنهم يعشقون فنه، الذي يشكل قطعة من ذكرياتهم وعاطفتهم، وهم في هذه الحالة لا يشغلون أنفسهم بجنسية أو تصنيف، وإن تذكروا ذلك يكون بكل حب وتقدير واحترام لمصر وفنها ورياضتها وثقافتها وقوتها الناعمة.

وهناك بعد آخر يجب ألا ننساه، وهو أن ملايين المصريين ممن يعملون ويعيشون في السعودية ينتظرون الأهلي والزمالك بلهفة لا تضاهيها لهفة، صحيح أنهم لن يتمكنوا جميعاً من الحضور إلى ملعب المباراة بالنظر إلى أن سعته لا تتجاوز الآلاف، ولكن وجود الأهلي والزمالك في الرياض يثلج صدورهم، ويجعلهم أكثر فخراً بأن قطعة من قلب مصر ذهبت إليهم، والسعودية هي من قامت باعداد كل شئ من أجل أن يعيش هؤلاء يوم من السعادة.