تطور قطاع الصناعات الدفاعية التركية خلال حكم حزب العدالة والتنمية، جلب اهتمام أميركا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، لإبرام العديد من الصفقات الثنائية مع شركات تركية فاعلة وبارزة. كما أنَّ اهتمام تركيا بالتصدير، واتباع حكوماتها سياسة "الباب المفتوح" لتعزيز القدرات الاقتصادية، أفسح المجال أمام تنفيذ العديد من الصفقات من هذا النوع، والتي تنطلق من تنافسية المنتجات العسكرية التركية، بالمقارنة مع مثيلاتها لدى الأطراف المؤثرة في الناتو.
بيد أنَّ الإشكالية التي تبرز في الكثير من هذه الصفقات تكمن في هوية المستفيد الأخير منها. إذ تكشف العديد من التقارير الإعلامية الغربية عن توجيه قسم وازن من الأسلحة المستوردة الى أوكرانيا، لتعزيز ترسانتها العسكرية وقدرتها على الصمود، والتي تبدو محل شك كبير في ظل التقدم الميداني اليومي للجيش الروسي في العديد من المناطق.
صفقات تركية – أميركية - أوكرانية
وفي هذا الإطار، تشير التقارير الإعلامية إلى أن شركة Repkon Savunma Sisteminin Sanayi Ve Ticaret Anonim Şirketi للصناعات الدفاعية التركية، والتي تعرف اختصاراً باسم Repkon Defense، ستقوم بالتعاون مع Standfair Operation Savunma sanayi Ve Ticaret Anonim Şirketi، في المستقبل القريب بتزويد كييف بشكل غير مباشر بمجموعة كبيرة من القنابل الأتوماتيكية عيار 40 ملم، وقاذفات RDS40-AGL، من أجل استخدامها في الصراع في أوكرانيا ضد القوات المسلحة الروسية.
تعدّ شركة Repkon Defense من كبريات الشركات التركية في قطاع الصناعات الدفاعية. تأسست عام 1978 وهي متخصصة بصناعة وتشكيل المعادن، وتصميم وإنتاج آلات تشكيل المعادن الأساسية، وخصوصاً الثقيلة منها، والصناعات لأغراض عسكرية وإنتاج الأسلحة والقذائف والمواد المتفجرة والذخائر. ولديها مركز بحوث رائد يهتم بتطوير العديد من التقنيات المتقدمة في مجالات الدفاع والطيران والصناعات المدنية والعسكرية.
في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أبرمت Repkon Defense اتفاقية مع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بقيمة 435 مليون دولار لبناء مصنع لإنتاج مادة TNT في ولاية كنتاكي عبر فرعها الأميركي Repkon USA، حسبما أفادت تقارير الصحافة التركية. سبقها قبل أشهر قليلة صفقة مماثلة لإنشاء مصنع لإنتاج قذائف المدفعية عيار 155 ملم في ولاية تكساس الأميركية.
هذا النوع من القذائف يعد من أهم عناصر الدعم الناري للقوات البرية، وتعاني كييف من عجز هائل في مخزونها منه، دفعها الى التوسل لأميركا والغرب من أجل تعويضه. كما وقعت الشركة التركية كذلك مجموعة من العقود لتوريد الذخائر وتصميم المتفجرات. كذلك قامت Repkon Defense بشراء شركة Bovas التي كانت تنشط في سويسرا والنمسا، ولديها سجل بارز في مجال تصنيع المتفجرات المدنية والمواد والعسكرية.
إشكالية صفقات السلاح التجارية
مع أنَّ كل ما سبق من عقود واتفاقيات مخصص حصراً للجيش الأميركي، إلا أنَّ التقارير الإعلامية تشير الى اعتزام واشنطن توريد الكثير منها الى كييف، وبعلم الشركة التركية، والتي تعد أساساً من أهم الموردين للسلاح الى الجيش الأوكراني منذ ما قبل اندلاع الصراع.
تسهم هذه الصفقات في تقويض موقف أنقرة الرسمي في النزاع المسلح في أوكرانيا، نتيجة تقديم الشركات التركية الدعم العسكري والفني لكييف، وإن كان يحصل ذلك بشكل غير مباشر. هذه الإشكالية هي محل بحث دائم بين الحكومتين الروسية والتركية، حيث تسعى الأخيرة الى إحداث توازن في علاقاتها الخارجية، من خلال تعزيزها مع روسيا والصين، والقوى الدولية الفاعلة على الصعيد العالمي. إلا أن الحكومة التركية تعتبر أن سياسات التجارة المفتوحة على كل الميادين والأقاليم التي تطبقها، تحد من قدرتها على التدخل لمنع خرق موقفها الرسمي.
ومع ذلك فهي تواصل الضغط على الشركات التركية، ولا سيما في قطاع الدفاع للابتعاد عن الصفقات المثيرة للجدل، والتي قد تجلب التوتر في علاقاتها الثنائية. لكن واشنطن تتبع سياسة ماكرة، تقوم من خلالها بالالتفاف على الثوابت في السياسة الخارجية لأنقرة، عبر عقد صفقات بارزة مع شركات تركية، تظهر أنها موجهة لتعزيز قدرات الجيش الأميركي. ثم بعد ذلك تعمد الى توريدها لكييف.
مشروع تركي مشترك
الى ذلك، فإنَّ المركز الرئيسي لشركة Repkon Defense في مدينة تكيرداغ، منطقة تشيركس كوي، ضاحية كاباكلي، محلة باهتشهليفيلير غازي عثمان باشا (OSB)، جادة رقم 12. لكن مركز تصنيع مشروع الصواريخ Roket في مدينة اسطنبول، العاصمة الاقتصادية لتركيا، في منطقة شيلة، محلة بالي بي، شارع الصناعة رقم 1.
أسس هذه الشركة التركي آيت أزر أران، ويتولى منصب الرئيس التنفيذي لها، وهي مسجلة في السجل التجاري التركي تحت رقم 8355، ويبلغ رأسمالها 10 ملايين ليرة تركية. الى جانب بلال أكتاش، المدير العام، وبيرم أسطى، المدير العام لمشروع Roket، وإبراهيم كوليكتشي، المدير التقني والفني، وبوراك أولتولو، المدير التنفيذي، وإسراء توكباش، مسؤولة العلاقات في المشروع. وجميعهم من المتخصصين في التصنيع العسكري ولديهم خبرات طويلة في هذا المجال.
أما شركة Standfair Operasion المشاركة في الصفقة المشار اليها لتزويد أوكرانيا بالقنابل والقاذفات الصاورخية، فهي أقل حجماً وتأثيراً، لكنها متخصصة في إنتاج وتوريد مجموعة واسعة من الأسلحة والمعدات العسكرية، وخصوصاً المركبات الدفاعية والفضائية، ومسجلة في السجل التجاري التركي تحت رقم 414655، ويبلغ رأسمالها 6 ملايين ليرة تركية. مركزها الرئيسي في العاصمة أنقرة، منطقة تشانكايا، محلة بويوك أسد أو الأسد الكبير، شارع كوزا رقم 06700. وشارك في تأسيسها كاظم كاراتكين، ويتولى منصب المدير العام فيها شولة غوكتشين.
التعليقات