المخرج الرّاحل مع زوجته السابقة نورمان أسعد

إيمان إبراهيم من بيروت: على الرغم من إعلان مصادر رسمية في وزارة الداخلية السورية، إلقائها القبض على قاتل المخرج العراقي عدنان إبراهيم الذي قتل في دمشق قبل أيّام، لا تزال فرضيّة الاغتيال السّياسي تخيّم على الجريمة، خصوصًا بعد رفض السلطات السوريّة الإفصاح عن اسم الجاني بحجّة الحفاظ على سرية التحقيق.

واشارت مصادر رسميّة إلى أنّ الجاني عراقي الجنسيّة، وأنّه مقرّب إلى المغدور وسبق له العمل معه، مؤكّدة أنّ دافع القتل انتقامي، وأنّ التحقيق لا يزال مستمرًا للتوصل إلى متعاونين مع الجاني، مع الإشارة إلى أنّ أكثر من شخص شارك في الجريمة بشكل أو بآخر.

هل دفع المغدور ثمن مواقفه السياسيّة؟
فور وقوع الجريمة، قامت بعض المواقع الإلكترونيّة العراقيّة بتوزيع بيانات نسبت فيها الجريمة إلى أهداف سياسيّة، خصوصًا أن المغدور كما وصفته شيوعي التوجّه، وأكّدت هذه المصادر أنّ جريمته التي لوحق عليها هي إخراجه لمئات الأغاني والأناشيد والأفلام الوثائقية الوطنية التي تمجد بمعركة quot;قادسية صدامquot; خلال عقد الثمانينات بين العراق وايران.

وأكّد بيان موقّع باسم quot;شبكة البصرةquot; أنّ إسم الشهيد المغدور كان مدرجًا على كافة قوائم الموت، متهمة السلطات السورية بمحاولة التغطية على الجريمة ورفع صفة الاتهام عن منفذيها، رابطةً بين الجريمة ومحاولة الاغتيال الفاشلة التي نجا منها الإعلامي العراقي شاكر حامد رئيس تحرير أخبار فضائية البحرين التي وقعت في عمان الغربية وتحديدًا في منطقة عبدون خلال شهر رمضان الماضي.
كما أكّدت الشبكة أنّ المخرج الذي وصفته بالشهيد، تلقّى رسائل تهديد عديدة أبلغ عنها السلطات الأمنية السورية دون إتخاذ إجراء حيال ذلك، باستثناء وضع خطه الهاتفي تحت المراقبة فقط، إذ تبين أنّه تلقّى تهديدات عدّة من خطوط هواتف نقالة.
وأوردت الشبكة دلائل على أن الحادث سياسي بحت، منها تعمّد الاتصال بالمخرج وأقرانه وتهديدهم من أرقام هواتف خارج سوريا يصعب مراقبتها أو تحديد أماكنها داخل الساحة السورية، كون الهواتف دولية وتعمل في أي دولة كانت.

وأوضح البيان أنّ ثمّة تلاعب بسرد تفاصيل الحادث، فمنهم من يقول إن الجناة الثلاثة دخلوا الى مكتبه بحجة إبرام صفقة تجارية معه، وحين إنفردوا به بعد إرساله حاجبه لإحضار القهوة لهم، قاموا بطعنه بالسكاكين ثم أردوه قتيلاً، وآخرون يقولون إنّ مكتبه يقع في قبو بناية مظلمة ما تسبب بانفراد الجناة به عبر نحره من عنقه بالسكين ثم فارق الحياة على الفور كون الجناة مدربين بشكل جيد على نحر رقاب المجنى عليهم بحرفية تامّة دون ترك ما يشير إلى هويّاتهم، بينما أكّد آخرون من سكّان البناية أنّ الجناة طعنوه بالحراب والسكاكين خارج مكتبه حين كان يروم الدخول إليه عبر نحر رقبته، وسكبوا عليه الماء لإخفاء البصمات دون قتلهم حاجبه الذي كان في استقباله على باب المكتب الكائن في قبو بناية مظلمة، بحسب البيان.

وأوضحت الشبكة أنّ المخرج تلقى تهديدات عدة نقلت له على لسان مسؤولين كبار في الدولة، بسبب قيامه بإخراج مسلسلين يكشفان معاناة المواطن العراقي المهجر داخل وخارج العراق، وأطلق الشهيد على كلا المسلسلين (المواطن G، و18) نسبةً إلى جواز السفر فئة (ج) الذي يدفع المواطن العراقي لقاء الحصول عليه مبلغ قدره 500 دولار، كونه معترف به دولياً وتمنح له سمات الدخول واللجوء.

تهديدات بالقتل وذّبح على الطريقة العراقيّة
وبغضّ النظر عن مدى صحّة هذه المعلومات، فقد أكّد بعض أصدقاء المغدور تلقّيه تهديدات بالقتل قبل أسبوعين من مقتله، أثناء وجوده في منطقة السيدة زينبraquo; جنوب العاصمة السورية.
كما نقلت جريدة quot;الشرق الاوسطquot; عن فنّان عراقي مقرّب من المغدور رفض الكشف عن اسمه، والذي كان المخرج الراحل قد رافقه إلى مطار دمشق قبيل رحيله بساعتين، قوله إنّ المغدور كان قلقًا من وصول رسائل تهديد بوساطة الهاتف الجوال، كما وردته اتصالات تهدده وتتوعده، وأضاف الصديق في حديثه إلى الصحيفة quot;لم يكن لعدنان أية عداوات بل كان رقيقًا وقريبًا من الجميع، ومتعاونًا ومحبًا لأبناء وطنه وللعراق، كما أنّ الرسائل التي وصلته لم تكن توضح أسباب التهديد لذا لم يتعامل معها الراحل بصورة جديةquot;.
وربما الأقسى كان ما ذهبت إليه بعض الصحف بوصفها جريمة القتل بأنّها نفّذت بـquot;طريقة عراقيةquot;، بعد أن أقدم مجولون على طعن المغدور بآلة حادة أكثر من 17 طعنة، وسرت شائعات عن أنّ الجاني أخذ صورًا حيّة للقتيل وهو يحتضر وحفظها في هاتفه النقّال ليصار إلى نقلها عبر تقنية البلوتوث، غير أنّ الخبر لم يتأكّد رسميًا.

وأكّد أصدقاء الفقيد أنّ المخرج الرّاحل كان بعيدًا عن الحياة السياسيّة، وأنّ اهتمامه كان محصورًا بالفن، وأنّ علاقته بزملائه كانت تتّسم بالاحترام المتبادل، ما دفع بالرأي الذي يدعم نظريّة القتل لأسباب سياسيّة إلى تأكيد صحّة نظريته، خصوصًا أنّ المخرج لم يعرف بعداوته مع أحد ما يستبعد إمكانيّة مقتله على خلفيّة ثأر أو انتقام.

العراقيون مدانون!
على الرغم من هول المأساة التي تعرّض لها المخرج العراقي الذي اضطرّ إلى مغادرة بلاده قسرًا، لم تخل بعض التقارير الصحفيّة من إدانة غير مباشرة للعراقيين، وتحميلهم نسبة ازدياد معدلات الجريمة في سوريا، حيث نقلت جريدة quot;الحياةquot; عن مصادر سورية، تقريرًا يؤكّد ارتفاع معدلات الجريمة بعد دخول نحو 1.4 مليون عراقي إلى البلاد، ونُقل عن وزير الداخلية اللواء بسام عبد المجيد قوله quot;إن السلطات السورية تقوم بنجاح في مكافحة الجرائم المتعددة، خصوصًا الدعارة، غير أنّ ظاهرة جديدة أتى بها الوافدون كانت غريبة عن المجتمع السوري، وهي أن جماعات تعمل في الخطف والابتزاز، حيث يقوم عراقيون بخطف أبناء بلدهم لإجبار عائلاتهم على دفع مبالغ لقاء الإفراج عنهمquot;.
وبعيدًا عن الهدف من توجيه التهمة إلى العراقيين، يبقى مثيرًا إشارة مصادر التحقيق السوريّة إلى جنسيّة الجاني من دون الكشف عن اسمه، على الرغم من نفيها لأي دوافع سياسيّة وراء الجريمة.
[email protected]