عبد الرحمن الماجدي من الجزائر: دخلت المذيعة الجزائرية إلهام عشير مجال الإعلام في وقت كان معظم الاعلاميين يغادرونه بسبب تهديدات الجماعات الإرهابية واستهدافها لعدد من العاملين في الصحافة والاعلام بالجزائر عام 1994. وكان عمرها لما يزل 20 عاماً، بعد أنتخرجت في مجال التقديم التلفزيوني من المركز الدولي للانتاج السمعي والبصري بباريس. وحينئذ اضطر التلفزيون الجزائري للاعلان عن مسابقات لتوظيف صحافيات وصحافيين جدد بعد أن أغتيل الكثير منهم أو غادر البلاد عدد آخر خوفا حياته.
تلك كانت بداية دخول المذيعة والاعلامية الجزائرية إلهام عشير للتلفزيون الجزائري الذي لما تزل تعمل فيه كمذيعة ومعدة ريبورتاجات خارجية.
تقول إلهام عشير لإيلاف عن عملها كمذيعة إن quot;الفكرة كانت تراودني منذ طفولتي حيث كنت أكتب على بطاقات الرغبات التي كانت توزع علينا في اليوم الاول عند الانتقال من قسم الى آخر بالمدرسة. وتتضمن رغبات كل طالب أو طالبة وعليه أن يختار ماذا يريد أن يكون في المستقبل. وأنا كنت أضع عبارة quot;صحفيةquot;. وأعرف فقط من هذه المهنة أنها تتطلب الحرية لانجازها. وقد احببتها برغم المتاعب التي عرفتها لاحقاًquot;.
تقول إن أهم المواقف التي صادفتني في عملي هي تلك الموجودة بالجزائر العميقة حيث يوجد اناس يعيشون بعيداً عن التنمية والريع البترولي. ولن انسى صورة العجوز التي كانت وقتها في السبعينات أو اكثر من عمرها ومع هذا هي تكفل ابن اخيها المعوق الذي لا يستطيع المشي على قدميه، وتجاوز عمره الخمسين، فتربي الدجاج وتبيع البيض كي تنفق على نفسها وعليه. وتسكن بمسكن لا تتوفر فيه أدنى شروط العيش الحضري.
وكثيرة هي المواقف التي صادفتها. ولم تزل عالقة بمخيلتي عن احوال الناس في بلداننا العربية الغنية جدا.

quot;وكان أخطر موقف واجهته عنما كنت أتنقل في التغطيات الاعلامية او الربورتاجات حيث كنا نفكر دائما بالحواجز المزيفة. لكن كان هناك رجال واقفون من الدرك والامن الوطني دائماً. كانوا في حراستنا حتى لو تنقلنا للجبال. وكانت أخطر مرة عايشتها خلال تغطيتنا لمجزرة بضواحي العاصمة الجزائر، اذ كان الناس يشيرون لنا بوجود الارهابيين بالقرب من المكان الذي نصور فيهquot;.
وقد عملت إلهام مذيعة لنشرة الأخبارباللغة الأمازيغية وعرفت في الجزائر وخارجها من خلال اطلالتها على الجمهور في نشرات الأخبار المسائية.

تقول إن عملها هذا لم تكن قد خططت له مسبقاً بل كان صدفة quot;فقد أجريت المسابقة بالقسم العربي ونجحت فيها. quot;لكني تحولت بعدها للعمل بالامازيغية لكي أحصل على عقد عمل دائم، نظراً لقلة الصحافين بالأمازيغية وقتئذquot;.

لكن شغفها بالعمل الميداني جعلها تنجز ربورتاجات وتغطيات بالعربية إضافة لتقديم لنشرة الاخبار بالامازيغية.

وتضيف quot;كانت وجوه اعلامية جزائرية تعجبني كثيراً، وكنت أتمنى أن أصل لما وصلت إليه، لكني أصبحت بعد ذلك محل حسد من آخرين، ربما هذا السبب الذي جعلني أبتعد عن العمل بالعربية، رغم اتقاني لها، وكما كانوا يقولون إن صوتي جميل كمذيعة.
وأنا أحسد بعين الرضى مقدمات برامج في التلفزيونات الاجنبية ربما بسبب الامكانيات المتوفرة لديهن وظروف عملهن كذلكquot;.
وتتنمى ألهام عشير أن تقدم برنامجا ثقافياً أو سياسياً تحاور فيه فيه ضيوفاً مؤثرين في الواقع السياسي والثقافي المحلي والعربي.
وتقول إنها لا تحب التقليد لكن في نفس الوقت ترى أن quot;لكل مقدم أو مقدمة اخبار طريقته الخاصة التي يتميز بها عادة، وتعجبني كثيراً طريقة مقدمة أخبار بي بي سي دونيس مارتين، والفرنسية كلارشازال.. في بساطة الاولى وسحر الثانية وهدوئها كذلكquot;.
وترى متعة كبيرة في تقديم نشرة الأخبار، quot;فالتعامل مع المباشر أو النقل الحي بما يحمله من مفاجآت
يجعلنا متحفزين دائما ويصقل تجربتنا باتجاه العمل الإحترافيquot;.
أما الربورتاج فقد تحولت إلهام عشير له لسببين quot;أولا لأتقرب من الناس لمعرفة أحوالهم وكيف يعيشون من خلال الالتقاء بالشخصيات التي نتحدث عنها فهم أبطال مادتنا الإعلامية.
وثانيا فقد كنا بالتلفزيون كثيراً ما يتم توقيف مقدم أو مقدمة نشرة الأخبار و يتم تحويلهم على قسم الربورتاج أو التحرير. فكانت تلك تعتبر نوعاً من العقوبة أو الأنتقاص منهم خصوصا أن تقديم الاخبار أو الظهور على الشاشة كان مبعث شهرة. وكان المذيعون يخشون من هذا التحول المفاجئ في حياتهم المهنيةquot;.
وتضيف quot;أما أنا فقد أحبيت أن أهيئ نفسي لهكذا طاريء أو تغيير. فأقبلت على الربورتاج كتجربة انا سعيت لها وقد أحببتها كثيراً والى الان أقوم بها من تلقاء نفسي في أغلب الأحيان.
وبسبب عدوم وجود قنوات فضائية خاصة في الجزائر والرغبة في العمل بمكان أكثر أمناً وأجراً فقد انتقلت مذيعات جزائريات عدة للعمل خارج البلاد وفي منطقة الخليج خاصة. لكن إلهام عشير التي لم تخف رغبتها في العمل في قناة خاصة كتجربة على الأقل quot; لكني لا استطيع أن أتنكر للتلفزيون الجزائري فهو علمنا أخلاقيات وسلوكيات ربما مفقودة في القنوات الخاصة. أما عدم انضمامي للقنوات الخليجية فالسبب هو عدم قدرتي في البعد عن الوطن. خصوصاً بعد أن أصبحت الحالة الأمنية حسنة. والجزائر في حاجة للبناء بسواعد أبنائها. وأنا واثقة بأن الانفتاح الإعلامي سيكون في قريباً جداًquot;.
إلهام عشير تحضر لنيل شهادة الماجستير في موضوع تأثير برامج التلفزيون على ربات البيوت. وقد اكتشفت من خلال البحث الذي تتناول تأثير برامج التلفزيون على ربات البيوت أن quot;للنساء عالم خاص اسمه التلفزيون. وهو انفصال تام عن الواقع وادمان بشكل لافت على. إستهلاك وهضم كل ما يبثه التلفزيون محلياً وعربياً وأجنبباً.
أما بعد نيل شهادة الماجستير ربيع العام المقبل quot; فسيكون أمامي أكثر من خيار؛ فأما أواصل دراستي العليا في الخارج.أو العمل مع محطات أخرى بما لدي من مؤهلات في لغات العربية والفرنسية والانكليزية، اذ لا استطيع أن أهمل العمل التلفزيوني؛ فهو متعتي والهواء الذي أتنفسهquot;.