كومبونج سبيو (كمبوديا): عند الغروب وحتى الساعة الثالثة صباحا تصدى قرويون في مزرعة ترانج تريونج باقليم كومبونج سبيو بجنوب غرب كمبوديا لهجمات الأفيال لانقاذ بساتين الموز الخاصة بهم.
وخيموا في حقل يقع خلف حديقة كيريروم الوطنية التي يجوبها عدد من اخر مجموعة من الأفيال البرية في كمبوديا ويقدر عددها بحوالي 250 فيلا لمنع الحيوانات الضخمة من الاقتراب عن طريق قرع الآنية وتنظيم دوريات ولكن لم يصمدوا طويلا.
ويقول توي سيريفاثانا خبير المواجهات بين البشر والأفيال عن تلك الليلة المصيرية التي وقعت احداثها قبل عام quot;غلبنا النوم من التعب وجاءت الافيال وأكلت الموز في الساعة الرابعة صباحا. سهرنا طوال الليل ونمنا في البستان ولكننا خسرنا.quot;
وعانت مجتمعات زراعية لا تحصى من مثل تلك الحروب الصغيرة لالاف السنوات ولكن السرعة التي تقطع بها أشجار الغابات وتراجع أعداد الأفيال زاد من المخاطر التي تجابه البشر والأفيال المعرضة للانقراض في آسيا وتتراوح أعدادها بين 40 و50 الفا.
وانحسار الغابات والكثافات السكانية المرتفعة تعني ان عدد القتلي من البشر جراء هجمات الأفيال أكبر في آسيا منه في افريقيا حيث عدد الأفيال أكثر عشر مرات.
ومع وجود أقل من 300 فيل في ست من بين 13 دولة آسيوية تجوبها الأفيال يخشى خبراء ان المناوشات في حقول الارز وبساتين الموز اصبحت تمثل تهديدا مميتا قد يدفع الأعداد القليلة الباقية نحو الانقراض.
ومن مزارع الشاي في سريلانكا إلى حقول الارز في فيتنام ينقلب قرويون لا يطيقون خسارة محصولهم على الأفيال التي تشيع الدمار لصيدها وقتلها.
ويقول سايمون هيدجيز رئيس المجموعة المعنية بالأفيال الآسيوية باتحاد الحماية العالمي ان الصراعات أكثر تكرارا الآن مع تضاؤل مساحة المواطن التي تعيش فيها الأفيال.
ويقول هيدجيز quot;مع تطلع الناس لحياة أفضل يضحون أقل تسامحا مع الصراعات بين البشر والحيوانات البرية.quot;
وقد تسبب الطيور أو القوارض أو القرود أضرارا أكبر للمحاصيل ولكن الأفيال تثير عداء أكبر لانها غالبا ما تصيب أو تقتل البشر أثناء غاراتها.
ويوجد في الهند 60 في المئة من أفيال البرية في آسيا وهي صاحبة الرقم القياسي العالمي للوفيات البشرية السنوية جراء هجمات الأفيال.
ويقول رامان سوكومار من أبرز خبراء الأفيال الآسيوية على مستوى العالم ان بين 200 و250 شخصا يقتل سنويا في تلك المواجهات .
ويتجاوز هذا الرقم كثيرا عدد القتلى في سريلانكا التي تحتل المركز الثاني من حيث عدد ضحايا المواجهات اذ يسقط أكثر من 50 قتيلا سنويا كما تتعرض الفيلة لهجمات ببنادق عتيقة أو بالاحماض أو السم.
وفي ظل الأعداد الكبيرة للأفيال في الهند التي تصل إلى 30 الفا يمكن تحمل هذه الخسائر نوعا ولكن في أماكن اخرى تقل الأعداد اذ يخشى خبراء ان عدد الأفيال في كل من بنجلادش وبوتان وكمبوديا والصين ونيبال وفيتنام أقل من 300.
والقارة مهددة بأول حالة انقراض للأفيال في الآونة الأخيرة في فيتنام حيث يعيش 80 فيلا في مجموعات صغيرة على الحدود مع كمبوديا ولاوس نتيجة فقدها مواطنها وعمليات الصيد.
وتقول ها بيتش نجوين من مكتب مجموعة فونا اند فلورا انترناشيونال في فيتنام quot;مواطن الأفيال مناطق حساسة نظرا لوجود اناس فقراء جدا يحتاجون لتحسين احوالهم الاقتصادية.quot;
وتضيف quot;يدور الصراع على البقاء بين الأفيال والبشرquot; وتابعت ان البشر يفوزون على مايبدو لأن نسبة الذكور من الأفيال إلى الإناث لا تساعدها على البقاء.
ومضت قائلة quot;مع كل ما نبذله من جهود لا نستطيع أن نحميها من الانقراض.quot;
ويعتقد الخبير الكمبودي سيريفاثانا ان تغيير الموقف السلبي تجاه الأفيال ممكن ويقول إن ارسال شرطة مسلحة للقرى النائية لمطالبة السكان المحليين بترك الأفيال لحالها لن يجدي.
وفي كومبونح سبيو وست قرى اخرى بنت مجموعة فونا اند فلورا انترناشيونال أبراج مراقبة خشبية وأقامت اسوارا كهربائية لمنع الأفيال وشكلت مجموعات حراسة لتخويف الحيوانات التي تهاجم الحقول.
ويقول سيريفاثانا quot;تسير ثلاثة أمور معا.. تطبيق القانون والتعليم وبرامج معيشية. ينبغي أن نفكر في حياتهم كيف يعثرون على وظيفة جديدة... التعليم مهم للغاية حتى يفهم الناس.quot;