"إيلاف" من بيروت: إن الرقابة على الإنتاج المعرفي تقطع العلاقة الجدلية القائمة بين المعرفة واليقين، أي المبدع والمتلقي، إذ تطلق لنفسها حق تعديل أو إلغاء النص المعرفي، وفي حالتنا اليوم الشريط السينمائي.

هذه الرقابة تسمح لنفسها أن تقفز من الدلالة إلى المغزى بناءً على رؤية تعتبرها حقاً، تماماً كما يفعل التكفير. قطع العلاقة بين المبدع والمتلقي تساوي فعل القتل. 

أردنا في أيام بيروت السينمائية اليوم أن نحتفل بمجموعة من المخرجين عبر إيصال أعمالهم لجمهورهم ، عبر توكيد العلاقة المقدسة القائمة بحكم الطبيعة بين التعبير والمتلقي، ولكن الرقيب ارتأى أن يمارس فعل القتل بحق عدة مبدعين وكذا بحق جمهورهم، أي بحق مدينة بكاملها. 

في هذه الدورة التاسعة من أيام بيروت السينمائية ، كان الرقيب أكثر تشددًا من أي دورة مضت، في مسارٍ يوحي بأننا نتجه من السيء إلى الأسوأ. لم يمنح الرقيب هذه السنة اذن عرض (ولا حتى تحت إطار عرض ثقافي) لفلمين هما "بيت البحر” للمخرج اللبناني روي ديب و"مولانا" للمخرج المصري مجدي أحمد علي. بالإضافة إلى ذلك، طلب الرقيب من عدة أفلام أخرى حذف مشاهد أو جمل معيّنة ، وبقيت هذه الأفلام مهددّة بمنع العرض حتى اللحظة الأخيرة، قبل أن يقبل الرقيب بمنحها "اذن عرض ثقافي" لمرة واحدة فقط!

كل هذا، في زمنٍ، تخطت فيه شبكة الأنترنت كل رقابة، وفي وقت تعرض شاشات التلفزة ما طاب لها من برامج تحفل بالعنصرية والطائفية وتشي بانهيارٍ كامل للقيم الإنسانية العامة.

إن "أيام بيروت السينمائية"، إذ تؤكد رفضها لأي رقابة على المنتج الإبداعي، تدعوكم لمناقشة الخطوات التي يمكن اتخاذها لمواجهة جرائم الرقيب، وذلك في سينما ميتروبلس – أمبير صوفيل – الأشرفية ، يوم الجمعة الواقع في 24 آذار 2017 عند الساعة الثامنة مساءً.

 حتى تبقى بيروت، بيروت اللقاء، وسينما الفؤاد ومحاولة ربيع.