أدينت رئيسة الجمعية الطبية التركية (نقيبة الأطباء) بتهمة "نشر دعاية للإرهابيين"، بسبب دعوتها لإجراء تحقيق في مزاعم استخدام الجيش للأسلحة الكيميائية ضد المسلحين الأكراد.

وحُكم على الطبيبة شيبنم كورور فنجانجي بالسجن ما يقرب من ثلاث سنوات، ولكن يمكن الإفراج عنها بموجب القانون التركي. ومن المتوقع أن يطلق سراحها الأربعاء، بعد أكثر من شهرين على اعتقالها.

وتقول جماعات حقوقية إن اعتقالها كان محاولة لإسكاتها وإسكات النشطاء الآخرين.

وألقي القبض على فنجانجي، أخصائية الطب الشرعي والناشطة البارزة في مجال حقوق الإنسان، بعد دعوتها إلى تحقيق مستقل في مزاعم استخدام الجيش التركي أسلحة كيميائية محظورة ضد المسلحين الأكراد في شمال العراق، في تعليقات لوسائل إعلام موالية للأكراد.

نشر حزب العمال الكردستاني، الذي يعتبره الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية، شريط فيديو في أكتوبر/تشرين الأول قال إنه يظهر القوات التركية وهي تطلق مادة في كهف، بالإضافة إلى آثارها على مقاتل ومقاتلة.

وحدّدت الجماعة 17 من أعضائها قالت إنهم قتلوا بتلك الأسلحة.

من جانبها، نفت الحكومة التركية استخدام الأسلحة الكيميائية ضد حزب العمال الكردستاني، واتهمت فنجانجي بنشر دعاية "إرهابية" و"إهانة" تركيا.

وأدينت الطبيبة الأربعاء بالسجن لمدة عامين وثمانية أشهر بعد ثلاث جلسات فقط، ومن دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، بحسب محاميها.

رغم ذلك، نادراً ما يسجن الأشخاص في تركيا لعقوبات بالسجن تقل عن ثلاث سنوات.

وقالت فنجانجي، في خطاب موجز أمام المحكمة في جلستها الأخيرة، إن محاكمتها كانت ذات دوافع سياسية، وكانت تستهدف القيم الديمقراطية وحرية التعبير.

حضرت مراسلة بي بي سي، زينب إردم، جلسة المحكمة، وقالت إن القضية تم الاستماع إليها في غرفة صغيرة، بحضور ما يزيد قليلاً عن 100 شخص.

وهتف أنصار فنجانجي "هذه فقط البداية، سنواصل القتال" و"لن يتم إسكات الجمعية الطبية التركية".

"رسالة لالتزام الصمت"

كما ندّدت العديد من جماعات حقوق الإنسان في تركيا وخارجها باحتجازها، بدعوى أنها كانت محاولة لإسكات المعارضة.

قالت إيما سنكلير، رئيسة منظمة هيومان رايتس ووتش في تركيا، إنها سعيدة لإطلاق سراح فنجانجي، لكن قضيتها "تبعث برسالة قوية إلى الجميع لالتزام الصمت".

وأضافت سنكلير أنها تخشى على أعضاء مجلس إدارة نقابة الأطباء الأتراك، الذين قد يواجهون إجراءات مماثلة إذا ثبت أنهم أعضاء في "منظمة إرهابية".

وغرّدت النقابة قائلة "سوف نضمن عدم استسلام الجمعية الطبية التركية ولا بلدنا للظلام"!

تبنت تركيا العام الماضي قانوناً جديداً لوسائل الإعلام، يقضي بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات لنشر معلومات كاذبة عن الأمن التركي، من شأنها إثارة "الخوف وتعكير صفو النظام العام".

ووصفت منظمة العفو الدولية القانون بأنه "يوم مظلم آخر لحرية التعبير على الإنترنت وحرية الصحافة في تركيا".

كما أثار نظام العدالة التركي غضب بعض الدول الغربية.

وقالت الولايات المتحدة إنها لا تزال "تشعر بقلق بالغ إزاء استمرار المضايقات القضائية للمجتمع المدني والإعلام وقادة السياسة ورجال الأعمال" في تركيا، بعد الحكم بالسجن المؤبد الذي صدر بحق الناشط البارز عثمان كافالا في أبريل/نيسان الماضي.

وتحرّك الرئيس رجب طيب أردوغان في السنوات الأخيرة لتوسيع قبضته على وسائل الإعلام.

في أكتوبر/تشرين أول الماضي، أدخلت تركيا "قانون التضليل" الذي يسمح بسجن المتهمين بنشر "أخبار كاذبة" لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. وفي مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2022، الذي جمعته منظمة مراسلون بلا حدود، احتلت تركيا المرتبة 149 من أصل 180.

يواجه أردوغان انتخابات الرئاسة والبرلمان هذا العام، وهناك مخاوف من حملة قمع أكبر ضد حرية التعبير.