شارك نحو ربع مليون شخص في مظاهرات عمّت أرجاء ألمانيا يوم السبت، حيث خرج المتظاهرون احتجاجا على قيام سياسيين منتمين في معظمهم إلى اليمين المتطرف بطرح مسألة ترحيل الملايين من ذوي الأصول المهاجرة للنقاش، وفق ما أفادت تقارير.
وكان موقع كوريكتيف للصحافة الاستقصائية نشر تقريرا صادما عن اجتماع سريّ بفندق قريب من العاصمة برلين في نوفمبر/تشرين الثاني، بحضور نحو 20 سياسيا بينهم شخصيات بارزة من حزب البديل من أجل ألمانيا وغيرهم من النازيين الجُدد، بحسب ما ورد في التقرير.
كما حضر الاجتماع اثنان على الأقل من أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (من يمين الوسط) والذي تنتمي إليه المستشارة السابقة آنجيلا ميركل.
وبحسب التقرير، تركزت المناقشات في عمليات ترحيل الملايين من طالبي اللجوء، ومن غير المندمجين، ومن أولئك الذين لا ينتمون إلى أصول ألمانية -حتى ولو كانوا يملكون حق الإقامة أو كانوا ممن تمّ تجنيسهم.
ومنذ أن رأى التقرير النور، خرجت مسيرات ضخمة مناوئة لحزب البديل من أجل ألمانيا، في كل من برلين وكولونيا وهامبورغ، فضلا عن مزيد من المسيرات متوقّع خروجها في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وقالت شبكة دويتشه فيله الرسمية إن مئات الآلاف شاركوا في مظاهرات بعموم ألمانيا يوم السبت.
وقال بيتر تشينتشر عمدة هامبورغ (المنتمي إلى يسار الوسط) الذي شارك ضمن 50 ألفا آخرين في احتجاج بقلب المدينة يوم الجمعة: "نحن متحدون ومصممون على ألا نترك بلدنا وديمقراطيتنا تتعرض للدمار للمرة الثانية منذ عام 1945"، موجها كلامه لحزب البديل من أجل ألمانيا.
ومن جهته، حاول حزب البديل من أجل ألمانيا (المتطرف) النأي بنفسه عن هذا الشأن، بعدما أفادت تقارير بمشاركة سياسيين تابعين له في هذا النقاش.
واتهم الحزب مَن قال إنهم "خصوم سياسيون" بمحاولة تشويه سمعته. وقال النائب بيرند باومان موجها كلامه لسياسيين من الائتلاف الحاكم: "الذعر يملؤكم. يمكننا أن نشمّ رائحة خوفكم".
وأعرب كثير من المتظاهرين عن صدمتهم من خطة الترحيل، وعن قلقهم من تنامي نفوذ حزب البديل من أجل ألمانيا.
وقال مواطن ألماني تنحدر أصوله من أمريكا اللاتينية: "أشعر بأنني مهدد، وبالفعل أقوم بإعداد الخطط للخروج من ألمانيا، فأنا لم أعد أشعر بالأمان ها هنا".
وكان متوقَّع خروج مظاهرات في نحو 100 من المدن في أنحاء ألمانيا يومَي السبت والأحد، بحسب ما أفادت وسائل إعلام محلية.
ومن جهته، أشاد المستشار الألماني أولاف شولتس بالمتظاهرين، محذرا من أن أي "خطة ترحيل" هي بمثابة "هجوم على ديمقراطيتنا ومن ثمّ علينا جميعا".
جاء ردُّ قيادة حزب البديل من أجل ألمانيا في مزيج من التفنيدات الدفاعية وجهود النأي بالنفس عمّا أثاره تقرير موقع كوريكتيف من لغط.
تصرّ قيادة البديل من أجل ألمانيا على أن الاجتماع المشار إليه لم يكن من تنظيم الحزب، فضلا عن أنه كان اجتماعا خاصا ولم يكن سِرياً.
وقالت أليسا فايدل، الزعيمة المشاركة لحزب البديل من أجل ألمانيا: "بالطبع كل مَن يحمل الجنسية الألمانية هو جزء من شعبنا".
وأدانت فايدل أي فكرة حول حظر حزب البديل من أجل ألمانيا.
ودعا 25 من الاشتراكيين الديمقراطيين في البرلمان الألماني (البوندستاغ) إلى مناقشة فرض حظر على حزب البديل من أجل ألمانيا، لا سيما فيما يتعلق بجمعيات "متطرفة" تابعة للحزب.
وينص الدستور الألماني على أن الأحزاب التي تسعى إلى تقويض "النظام الأساسي الديمقراطي الحُر" يجب تصنيفها "غير دستورية".
وفي وقت سابق، اتهم نائب المستشار الألماني روبرت هابك، حزب البديل من أجل ألمانيا بالسعي لتحويل ألمانيا إلى نظام استبدادي على الطراز الروسي، فيما رآه البعض دعماً ضمنيا لفرض حظر على الحزب.
وأبلى حزب البديل من أجل ألمانيا بلاءً حسناً في استطلاعات الرأي التي أجريت في الشهور الأخيرة، حيث حلّ ثانيا وراء المحافظين المعارضين.
وتزامن صعود نجم البديل من أجل ألمانيا مع حالة من عدم الرضا تسود بين الناخبين حيال أداء الحكومة، لا سيما على صعيد قضايا تتعلق بتكلفة المعيشة وتدفق المهاجرين.
ويأمل حزب البديل من أجل ألمانيا في تحقيق انتصارات كبرى في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران المقبل.
ومن المحتمل كذلك أن يبرز البديل من أجل ألمانيا كأقوى حزب في الانتخابات التالية في سبتمبر/أيلول، لا سيما في الولايات الألمانية الشرقية الثلاث: تورينغن، ساكسونيا، وبراندنبورغ.
ومن شأن أي تحرّك على صعيد فرض حظر على الحزب أن يستتبع مخاطر سياسية، فضلا عما قد يثيره ذلك من عقبات قانونية.
التعليقات