زمرّدة دلهومي من تونس: أطلق ساكنو محافظة مجاز الباب الواقعة على مسافة 60 كم شمال العاصمة التونسية صرخة فزع بعد أن اجتاح وادي مجردة العظيم الذي ينبع من الجزائر ليلقي بمياهه في البحر الأبيض المتوسط على مستوى خليج تونس ويمتد على طول 460 كلم منها 350 كلم بالتراب التونسي كامل المنطقة.

ووجهت اللجنة الوطنية لمواجهة الكوارث تحذيرا لسكان المناطق المتاخمة لوادي مجردة بولاتي منوبة وأريانة المحاذيتين للعاصمة التونسية من إمكانية اجتياح المياه لمنازلهم بعد أن جر الوادي اغلب الأحياء السكنية والأرياف الواقعة على ضفافه على غرار حي بالحسين وحي السوق وحي القمح وحي الباهي ومتساكنى مناطق قريش الوادي وولجة المواطيس وأولاد الرياح والتوتة.

حالة استنفار قصوى
وبعد أن وصلت قوة دفع المياه إلى أكثر من 700 متر مكعب في الثانية وتجاوزت طاقة احتمال الوادي التي حددت ما بين 350 و400 متر مكعب كحد أقصى عاشت المناطق المجاورة للوادي حالة استنفار قصوى شرعت على إثرها قوات الجيش الوطني والحماية المدنية عبر زوارق خصصت للغرض في إجلاء المتساكنين وتفريقهم على مناطق متفرقة ودون وجهة تذكر وتمكينهم من المرافق الضرورية وبعض الألبسة والحشايا في محاولة لإنقاذهم من خطر داهم، وضاعفت إدارة الفلاحة والتجهيز والتطهير مجهوداتها لتسهيل سيلان المياه وإقامة الحواجز الترابية على مستوى عديد المناطق التي يتهددها خطر كبير وخاصة على مستوى أهم الأودية بالمنطقة تجنبا لما قد يحدث من سيلان على غرار وادي مجردة الذي ارتفع منسوب المياه فيه إلى 7ر6 أمتار.

ويذكر أن اغلب المتساكنين فضلوا البقاء في منازلهم متخذين من أسطح منازلهم مستقرا لهم يصارعون خطر الموت الداهم كما انقطعت السبل بآلاف المواطنين، بعد أن وصل ارتفاع منسوب الأمطار ببعض المناطق إلى 180 مليمتر.

وفي استعراضه لأهم وأحدث الإحصائيات التي تم تسجيلها على اثر نزول هذه الكميات الغزيرة من الأمطار صرح السيد رشيد خنيفر مدير عام الموارد البشرية بوزارة الفلاحة لإيلاف بأن هذه الأمطار ساهمت في ارتفاع معدل المياه بأغلب السدود التونسية على غرار سد نبهانه 8 ملايين متر مكعب وسد الهوارب 3 ملايين متر مكعب وسد سيدي سعد 4 ملايين متر مكعب إلى جانب ارتفاع مستوى المياه بالبحيرات الجبلية وهي كميات هامة باعتبار ما سجلته السدود في الموسم الماضي من نقص حاد في مخزونها.
وقال أن المخزون العام للسدود في تونس بلغ مليار و400 مليون و239 ألف متر مكعب خلال السنة الحالية مقابل مليار و206 مليون و120الف متر مكعب السنة الماضية بفارق قدّر ب 194 مليون متر مكعب وهي أرقام مرتفعة جدا لم تسجل من قبل.

ارتفاع منسوب المياه
وعن سبب انفجار نهر مجردة قال السيد خنيفر مدير عام الموارد المائية أن اندفاع سيل كل من وادي سليانة ووادي خلاد اللّذان ينبعان من الجزائر هو الذي تسبب بصورة مباشرة في ارتفاع منسوب المياه في نهر مجردة الذي اجتاح المناطق المتاخمة له.

وقال انه رغم الآثار السلبية التي خلفها سيلان نهر مجردة واجتياحه لأغلب المناطق المجاورة إلا أن هذه الأمطار إذا حسبناها من الوجهة الاقتصادية والتنموية للبلاد فأننا نعتبرها بادرة خير تبشر بموسم فلاحي استثنائي خاصة بالنسبة للزيتون وحقول الحبوب والخضروات ورغم أن نزول الأمطار الغزيرة من شانه أن يضّر بغابات التمور بالجنوب التونسي إلا أن الكميات هناك محدودة عكس مانزل في الشمال من أمطار.

وقال أن ارتفاع مستوى الأودية رهين غزارة الأمطار التي يعتبر ارتفاع منسوبها حالة نادرة لا تحدث باستمرار.
ومن جهته قال السيد جمال البوراوي كاهية مدير الاستغلال بالمعهد الوطني للرصد الجوي أن تونس شهدت في نهاية الأسبوع الفارط وبداية الأسبوع الحالي نزول كميات غزيرة من الأمطار بمناطق الشمال والوسط وصلت إلى حدود 180 مم بالخضراء و163 مم بسد واد الرمل من ولاية زغوان وتواصلت التقلبات يوم الاثنين الفارط بأقل حدة إلى غاية يوم الثلاثاء بمعدلات متوسطة إلى غزيرة محليا بولايات سليانة وباجة والقيروان والمهدية مما تسبب في ارتفاع منسوب المياه ليبلغ 7ر6 أمتار.

وقال ان هذه التقلبات الجوية والأمطار التي نزلت بغزارة هي حالات استثنائية ونادرة لم يتم تسجيل معدلات مشابهة لها إلا سنة 2003 و2007 حيث نزلت كميات غزيرة جدا من الأمطار فاقت 100 مليمتر خلال 24 ساعة وهو ضعف المعدل العادي وسجلت على إثرها حالات موت بعدة مناطق.

وقال جمال بوراوي ان الوضع العام الحالي يتجه إلى الاستقرار حيث ستتواصل نزول أمطار متفرقة و بكميات ضعيفة.