تزداد المساحات الجرداء في العراق بسبب التعرية وتحويل المناطق الزراعية لسكنية وبسبب الطرق الخاطئة في التشجير.

وسيم باسم من بغداد: تقع الكثير من مدن العراق على حافات صحراء جافة تشكل مصدرا لعواصف ترابية تمتد على طول أيام السنة، مما أتاح خلق بيئة غير نقية في ظل غياب أحزمة خضراء تخفف من تأثيرات الصحراء.

ويفتقر العراق منذ عقود إلى إستراتيجية تشجير بقصد غرس الأشجار الخضراء وتشكيل غابات تعمل كمصدات رياح طبيعية.

خطط عشوائية

تزايد المساحات الجرداء في العراق برغم حملات التشجير

وعلى رغم ان بعض مدن العراق في الوقت الحاضر تشهد حملات لزراعة الأشجار بأنواعها في الأحياء والساحات وأطراف المدن، إلا ان اغلبها خطط عشوائية لا تقوم به شركات متخصصة أو يشرف عليه خبراء.

وزرعت الكثير من البلديات أشجارا في مداخل المدن، وأنفقت على ذلك الكثير من الأموال، لكن مآل هذه المشاريع الفشل بسبب غيابة استراتيجيات المتابعة وانعدام الخبرة.

وعلى طريق النجف - كربلاء ( 160 كم جنوبي بغداد ) زرعت المئات من شتلات الأشجار التي لم تينع، بعدما قتلها العطش لعدم وضع الخطط الكفيلة بإدامتها. وأدى نقص كميات الأمطار خلال العقد الأخير الى انحسار الغطاء النباتي، فضلا عن نقص المياه الكبير في الأنهار.

ويقول عضو المجلس البلدي في بابل مكي حسين ان خطط التشجير وساحاتها لم تنجح في الكثير من الحالات بسبب عدم إتباع سياسة بعيدة المدى في الإدامة والسقي.

وزرعت بلدية النجف في عام 2011 نحو خمسة آلاف شتلة في أحياء وساحات المدينة تتضمن شتلات خضراء ونخيل لتنقية أجواء المدينة والمساهمة في بيئة خضراء نظيفة.

وبحسب المهندس حاكم تكليف مدير اعلام زراعة النجف فان هناك مشروع لأحزمة خضراء حول المدينة لتخفيف تأثير العواصف الترابية ودرجات الحرارة العالية.

و زرعت بلدية النجف عشرات الخطوط من النخيل و شوك الشام والكالبتوز والزيتون.

فوائد اقتصادية

وبحسب المهندس سليم حسين فان عدم توفر المياه وغياب سياسة سقي مستمرة افشل الكثير من مشاريع التشجير على مداخل المدن.

ولا تقتصر أهمية التشجير على تلطيف الجو بل ان له فوائد اقتصادية مستقبلية مثل الحصول على الأخشاب وإنعاش السياحة.

وبحسب حسين فان التشجير يساهم في تقليل الملوثات الغازية وخاصة أكاسيد الرصاص الخارج من عوادم السيارات في الطرق.

ويقول حسين ان زرع الأشجار في تقاطعات الشوارع حيث يتركز الرصاص الخارج من عوادم السيارات يساهم كثيرا في تنقية الأجواء وتقليل مخاطر الاكاسيد السامة على صحة الإنسان.

وتضرب مدن العراق عواصف رملية بشكل متتابع بسبب النقص الكبير في الغطاء الأخضر حول المدن.

كتل اسمنية

ويحذر المهندس المدني محمد موسى من مخاطر تحويل الأرصفة والتقاطعات الى كتل اسمنية خالية من المساحات الخضراء.

ويؤكد خبراء التشجير على ضرورة تنوع النباتات المقاومة للبيئة القاسية وان يكون ارتفاعها في حدود ثلاثة امتار لضمان قوة امتصاص قوية من قبل المساحة الخضرية لجزيئات الرصاص.

وتشير الدراسات الى أن زرع صنف من النباتات من نوع سويس جارد السريع النمو يثمر عن امتصاص الرصاص بنسب كبيرة تتعدي الثمانين بالمائة.

وبحسب دراسات فان الشجرة الواحدة تعطي خلال خمسين سنة حوالي 50 طنا من الأوكسجين..

استعادة المساحات الخضراء

ويشير الخبير الزراعي جواد كاظم الى حاجة العراق الى استعادة مساحاته الخضراء المتمثلة بغابات النخيل والتي كانت على امتداد التاريخ تضمن توازنا بيئيا يحول دون تطرف المناخ في العراق.

وعملت جذوراشجار النخيل على امتداد مئات السنين على امتصاص العناصر السامة من التربة، إضافة إلى أنها كانت سببا في تلطيف حرارة الجو.

وتساهم الاشجار في خلق بيئة تحافظ على رطوبة التربة من التبخر ومنع التصحر.

وللأشجار دور كبير في اعتراض آلاف الأطنان من الأتربة المحمولة بالهواء كما ان الأشجار الكبيرة يمكن أن تحجز ما بين 40 في المئة و80 في المئة من الأتربة بالجو.

ويدعو كاظم الى التشجير البيئي للمصانع، بصورة علمية حيث يخضع التشجير للمعايير والضوابط.
ويرى كاظم ان طريقة الري بالتنقيط هي الاكثر عملية في انجاح مشاريع التشجير في ظل نقص واضح للمياه في العراق.
ومنذ ان اعلنت وزارة الموارد المائية في عام 2009 خطط التشجير للمساهمة في التخفيف من تأثير العوامل المناخية وارتفاع درجة الحرارة، الا ان القليل من المشاريع قد تحقق.

شركات متخصصة

ويشير المهندس كريم حسن في بلدية كربلاء الى ضعف الامكانيات وعدم وجود شركات متخصصة افشل الكثير من مشاريع التشجير.
ويتابع : في غالب الاحيان يتم رصد مبالغ جيدة لمشاريع التشجير لكن البلديات تستعين بكوادر غير مؤهلة عمل بصورة ارتجالية وبطرق غير علمية.
ويضيف.. ما ان ينتهي مشروع التشجير حتى تترك الاشجار فريسة للعطش والظروف القاسية حتى تذبل فتموت.
و لا ينسى حسن صفقات الفساد المالي التي تضيع القسم الاكبر من المبلغ المرصود لاي مشروع تشجير.