تسببت مياه الصرف الصحي والزراعي في محافظة بابل جنوب بغدادبتحويل اقدم انهارها الى بالوعة نفايات.

وسيم باسم من بابل: يحصي محمد حسن العشرات من قنوات الصرف الصحي التي تصب مباشرة في شط الحلة لاسيما في جزئه الممتد داخل مركز محافظة بابل.

وفي جولة تفقدية يمكنك تفحص أنابيب مياه الصرف الصحي من المطاعم والكازينوهات ودور المواطنين وهي تصب السموم والفضلات مباشرة في النهر.

نهر الحلة. عدسة إيلاف

ولا يعبأ كثيرون للدعوات الى عدم جعل النهر بالوعة للفضلات السائلة والصلبة، فمازال كثيرون يفعلون ذلك، على رغم أنهم يتعاملون مباشرة مع مياه النهر عبر استخدامه للشرب أو السباحة أو السقي، مما يزيد من فرص إصابتهم بفيروسات التهاب الكبد وبكتيريا القولون والإسهال وأمراض أخرى.

وفي جزء النهر الممتد خارج المدينة، يمكنك إحصاء مئات قنوات الصرف الزراعي، التي توجه مياهها الملوثة الى النهر بعدما تكون قد اصطحبت معها الكثير من المواد الكيماوية الممتصة من السماد والمبيدات التي بدأ استعمالها يزداد من قبل المزارعين.


ونهر الحلة هو فرع ن نهر الفرات يقطع الكثير من قرى ومدن محافظة بابل، ويخترق وسط مدينة الحلة مركز المحافظ، حيث يشطرها الى قسمين، وكل قسم يسمى ب quot; الصوب quot;.


شبكات الصرف الصحي

وعلى طول النهر الذي يقطع مسافات طويلة من المدن والقرى، ترمى مخلفات المنشآت الصناعية والمعامل الصغيرة وورش تصليح السيارات.

ويشير حسن بقلق الى ضفاف النهر داخل المدينة وعلى أطرافها حيث تجمعت بقايا هياكل معدنية وعلب فارغة وأدوات معدنية رميت على ضفة النهر، الى جانب كلاب ميتة وبقايا عضوية حيث أصبحت مصدرا للتلوث والروائح الكريهة.

ولا يعبأ الكثير من سكان القرى المقامة على النهر من توجيه شبكات الصرف الصحي والمياه الثقيلة الى النهر، ناهيك عن قيام الكثيرين برمي المواد الغير مرغوب فيها في النهر لاسيما اثناء الليل.
وفي الكثير من أجزاء النهر يشير المزارع ابو حمزة الى الطحالب والنباتات الضارة التي تنمو في المناطق الضحلة المياه.

وبحسب المزارع ابو حمزة فان اغلب المزارعين يستخدمون أسمدة ومبيدات حشرية تصرف مع المياه الى النهر من دون معالجة.

البلهارسيا و الملاريا

ويتمثل التهديد المباشر لتلوث النهر على الصحة بسبب استحمام البعض فيه، اضافة الى غسل الأواني والملابس من قبل النساء مما يساهم في ظهور أمراض مثل البلهارسيا و الملاريا.

ويشير أمين محمد الذي يسكن بجانب النهر منذ ما يقرب العقدين الى ان مياه النهر تحمل الكثير من جثث الحيوانات النافقة. كما عثر في عام 2007 على جثة بشرية طافية فوق مياهه.

لكن الخبير الزراعي احمد عطيوي يرى ان الخطورة الأكبر التي تهدد النهر تتمثل في تراكم الغري في أعماقه حتى أصبحت مياهه ضحلة.

ويحدد عطيوي الكثير من الحشائش التي ملأت النهر وضفافه، وهي نباتات لها قدرة على التكاثر السريع مشكلة جزرا وسطية في الكثير من الأجزاء.

وعلى رغم ان الجهات المسئولة أعلنت عن خطة لتطوير ضفاف quot;شط الحلةquot; بطول 16 كم، داخل مركز محافظة بابل، عبر تدعيم ضفافه بالصفائح المعدنية، الا ان مهندس الري والبزل سامر كاظم يرى ان هذا لن يحل المشاكل الجمة التي يعاني منها النهر.


ضفاف مدعومة بالصفائح

ويقول سامر ان تدعيم الضفاف بالصفائح لن يفيد النهر في شئ، لانه مشروع محدود في أهدافه وسيكون له تأثير قصير الامد على النهر ومحصور بمركز المدينة فحسب.
ويضيف سامر ان المستفيد من هذا المشروع هم أصحاب المشاريع التجارية على ضفة النهر من مثل المطاعم و الكازينوات التي ستسبب في تلوث اكبر للنهر كلما زاد زبائنها.

وترمى اغلب المقاهي والكازينوات والمطاعم، الفضلات في مياه النهر مباشرة لاسيما في شارع الكورنيش حيث تكثر اماكن الراحة والاستجمام.

ويعتبر شط الحلة المصدر الرئيسي لمياه الشرب في المحافظة، إضافة إلى استخدامه في ري المزارع والبساتين.

ويلمح المواطنون بين الحين والآخر بقعا زيتية ونفطية تطفو على سطحه ناتجة عن رمي المخلفات الصناعية وعلب زيوت المحركات فيه، ففي جزء النهر في منطقة الهاشمية
رصد السكان بقعة زيت كبيرة تمتد لنحو نصف كيلو متر من دون ان تعرف الأسباب وراء ذلك.


وبحسب مدير بيئة بابل عباس خضير عباس فان تفعيل دور الشرطة البيئية سيؤدي الى إزالة الكثير من التجاوزات على النهر.


السلوك البيئي
وبين جسر (بتة) حتى منطقة (الفارسي)، يعاين المرء الكثير من الفعاليات التي تأكد العلاقة الجدلية بين النهر وابناء المدينة الذين يعدون النهر رئة المحافظة لكنهم للأسف لا يرتقون في سلوكهم البيئي الى مستوى الوعي الذي يمتلكونه، فقد اصبح النهر مكبا لنفايات ابناء المدينة ذاتهم بحسب سامر.

وعلى رغم ان النهر يضم على ضفتيه فنادق ومراكز ترفيهية وحدائق الا انه المساحات الواسعة على جانبيه تتيح إقامة الكثير من المشاريع السياحية التي تدعم اقتصاد المحافظة بشرط ان تراعي تلك المشاريع بيئة النهر، وتوفر مبالغ يمكن من خلالها التوسيع في تأهيل النهر من جديد.