وسيم باسم من كربلاء: يتفاجأ كثيرون من قاصدي بحيرة الرزازة ( 15 كم غرب مدينة كربلاء التي تبعد نحو مائة كم جنوب بغداد)، أنها تصبح في كل مرة اقل جذبا لهم بسبب تحولها إلى ما يشبه المستنقع الملوث بالأوساخ، المحاصر بالطحالب والأحراش والأسماك والأحياء البحرية الميتة. لكن الخطر الأكبر الذي يداهم البحيرة الزرقاء إضافة الى ذلك كله، الملوحة ونقص المياه، اللذين يهددان بجفاف هذه المستنقع المائي الكبير في المستقبل.

وعلى رغم ان البحيرة وتخومها ظلت لفترة طويلة من الزمن أشبه بالمكان الخاص للأجندة العسكرية حين انتشرت معسكرات تدريب الجيش العراقي السابق منذ نهاية السبعينيات الا ان الناس لم يكفوا عن زيارتها للاستجمام، والتمتع بجمال طبيعتها.

مستنقع مالح

ومنذ العام 2003، لم تعد الرزازة مكانا مأهولا بعدما تحولت إلى مستنقع مالح ومقبرة للحيوانات والأسماك الميتة.
ويعزي رحيم المالكي من ساكني المنطقة، تهديدات الجفاف إلى قلة مياه نهر الفرات التي تغذي البحيرة، ذلك ان النهر نفسه يعاني من انخفاض مناسيب مياهه.
وإضافة إلى نهر الفرات تستمد البحيرة مياهها من بحيرة الحبانية والمياه الجوفية، ومياه الإمطار.

وما يزيد من نسب التلوث في الرزازة هو تلوث مصادر مياهها، لاسيما نهر الفرات الذي يغذيها والذي يصل حجم التلوث فيه الى نحو 1200 جزء في المليون بحسب مصادر عراقية عام 2010.
وتتألف البحيرة من مستنقعين هما بحر الملح و أبو دبس،وتمتد على طول 70 كم جنوبا وبعرض 40 كم.


جثث تطفو على سطح البحيرة
ويتحدث أبو أمير الذي يسكن المنطقة، وكان يعتاش على صيد الأسماك من البحيرة، ان الرزازة كان لها نصيب في الأحداث المأساوية التي وقعت في العراق بعد عام 2003.
ففي عام 2005 عثر صيادون على جثث لأشخاص تطفو على سطح البحيرة، اكثر من مرة، ويعتقد أبو أمير ان البحيرة تحتاج ربما إلى مسح شامل للتأكد من خلوها من الجثث.
ولم يعد ابو أمير يعتمد على صيد الأسماك في رزقه، شانه في ذلك شان الكثير من الصيادين، بسبب انحسار الأسماك في البحيرة نتيجة الملوحة والتلوث والصيد الجائر.

ويتذكر ابو أمير كيف كانت البحيرة مصدر رزق له ولكثيرين بسبب احتوائها على أجود أنواع السمك الذي يمتاز بكبر حجمه وطعمه اللذيذ، لكن البحيرة اليوم تشهد نفوقا جماعيا للأسماك من جميع الأحجام والأنواع ويمكن ملاحظة ذلك من طبقات التعفن المتراكمة في طبقات متتالية من البحيرة.

ملوثات البيئة
وينظر أبو أمير بحسرة الى تلك الأيام وهو يصطحبنا معه في زورق يمخر عباب المياه حيث يشير بأصبعه الى اسماك ميتة تطفو هنا وهناك.
وفي الأيام الخوالي اجتذبت البحيرة هواة الطيور والسياح ومحبي الطبيعة لزيارتها، وكان الزوار وسكان المنطقة يطوفون في قوارب صغيرة الى اعماق البحيرة.
ويدعونا ابو أمير الى عدم الاستغراب حين نصادف في جولتنا حيوانات ميتة غير بحرية مثل الكلاب، فالبحيرة اصبحت مرتعا لكل ملوثات البيئة، وعلى رمال الشاطئ صارت النباتات البحرية مصدا لأكياس النايلون ومخلفات يرميها مرتادو البحيرة.

مشكلة بيولوجية خطيرة
ويشير الخبير البيئي من جامعة كربلاء احمد عبيد الى ان اكثر انهار العراق ولاسيما بحيراته شبه المغلقة تعاني من مشكلة بيولوجية خطيرة نتيجة تعفن الطحالب والأحياء الميتة. ويشير الى ان عدم ( كري) الأنهر والبحيرات لإزالة الغرين المترسب مما ادى الى تأقلم الطحالب وتكاثرها، ويمكن تلمس تعفن كبير في قاع البحيرة خصوصا في أشهر الصيف عندما تنحسر مياه البحيرة مئات الأمتار فتنبعث منها روائح كريهة وهذا يسبب نقص في كمية الأوكسجين اللازمة لتنفس الأسماك.

وتقع عين الناظر على الكثير من العبوات البلاستيكية والزجاجية تنتشر حول الشاطئ مشوهة منظر الشاطئ الجميل.
ويؤكد سالم عبيد ان البحيرة لا ينقذها غير الاستثمار السياحي، حيث أن مشاريع الدولة وان شملتها لكنها ستكون وقتية لا تتمتع بالديمومة كما حدث في تجارب السنوات السابقة.
ويدعو عبيد القطاع الخاص الى الاستثمار فيها عن طريق بناء أماكن الترفيه والاستجمام وتنمية تربية الأسماك فيها حيث يمكن ان تكون البحيرة مصدرا لتعزيز المخزون السمكي في العراق.

تغذيتها من جديد بالمياه
ويشير سالم الى ان الخطوة الأولى في إحياء البحيرة، هو في تغذيتها من جديد بالمياه الحلوة لتقليل نسبة الملوحة كخطوة أولى في تعويض فرص الحياة البحرية فيها عن طريق ادخل أنواع جديدة من الأسماك البحرية تتحمل الملوحة العالية.

وعلى رغم ان السلطات المائية تضخ اليها المياه بين الفينة والأخرى الا ان هذه ليست كافية، بسبب نسبة الملوحة الكبيرة، والتبخر الكبير بسبب كبر مساحتها المائية التي تتعرض إلى أشعة شمس قوية طيلة أيام السنة.