تتسبب معامل الاسمنت في العراقبتلوث كبير للبيئةمن خلالتقنياتها البدائية التي تبث الغبار بشكل كبير.


وسيم باسم من بغداد:
ينظر سعيد الحسيني بقلق الى غبار الإسمنت المتصاعد فوق الحي السكني الذي يقع على مسافة كيلومترين من معمل سمنت الكوفة ( 160 كم جنوبي بغداد، وعلى رغم هذه المسافة فان تأثيرات الغبارعلى حياة الناس بدت ظاهرة بسبب القلق الذي يراودهم من التأثيرات الصحية التي يتركها استنشاق الجزيئات الدقيقة من الغبار.

وإضافة إلى الغبار فان مخلفات معامل الإسمنت في الكوفة النجف ( 160 كم جنوبي بغداد) لها تأثيرات سلبية بسبب ترك المخلفات في العراء قرب الطرق الرئيسية أو في الأنهر.
وبحسب كريم الياسري من جامعة الكوفة فان (المرسبات الالكتروستاتيكية) لها تأثير مباشر على صحة الإنسان، ولابد من اتخاذ التدابير اللازمة لعزلها عن المناطق السكنية.
ولا يعرف بالتحديد أسباب انتشار ظواهر مرضية في مدينتي النجف والكوفة من أمراض سرطانية وأخرى في أجهزة التنفس والعيون، فبينما يرجعها البعض إلى مخلفات استخدام الأسلحة الكيماوية في الحروب التي حدثت في العراق فان البعض يرجع قسم من أسبابها إلى معامل الإسمنت.

بودرة رمادية
وتعتبر صناعة الإسمنت من الصناعات الإستراتجية في العراق حيث يطمح العراق الى إنشاء المزيد من المعامل لسد النقص في هذه المادة الحيوية في الأعمار والتنمية.
ويتحدث امين خميس آل ناجي عن بودرة رمادية فوق سطح منزله والمنازل الأخرى تتراكم بين الحين والآخر مصدرها معامل الإسمنت.
وبحسب خميس فان معمل الإسمنت ينفث بسمومه من دون اتخاذ اجراءات تحول دونذلك.
ويغطي الغبار المنبعث مساحات كبيرة من الأراضي القريبة لاسيما المزارع والحدائق القريبة.

ويقول سالم حسين العامل في معمل اسمنت الكوفة ان تاثير الغبار الدقيق المتصاعد من العمل يؤثر كثيرا على صحة العاملين الذي يضطرون لاستخدام كمامات بدائية لا تصد الغبار إلا بنسبة قليلة.
وتجهز اغلب معامل الإسمنت المتطورة في العالم تقنيات ترشيح وتصفية باستخدام أجهزة لاقطة و فلاتر دقيقة تعزل المواد الطيارة السامة.

تقنيات متخلفة
وبحسب المهندس كريم الخزاعي فان اغلب معامل الإسمنت في العراق تستخدم تقنيات متخلفة من ناحية التصنيع ومعايير الجودة والسلامة البيئية.
وفي معظم المناطق التي تقع بالقرب من معامل الإسمنت في الكوفة والنجف يعبر الناس عن قلق بالغ من تأثيرات الغبار المتصاعد على الإنسان والنبات على حد سواء.
ويلمس المزارع ساهر النجفي ضعفا في المحصول الزراعي في مزرعته المحاطة بالصحراء من كل جوانب والتي تقع على مسافة من المعمل، فقد بدت الأشجار ضعيفة، ودب الهزال في ثمار الخضراوات وتحولت ألوان أوراق الشجر إلى صفراء.

ويعتقد النجفي انه لا خيار في الوقت الحاضر من استخدام البيوت المحمية لوقاية المحاصيل من التلوث لكن ذلك يتطلب كلفة كبيرة لا يقدر عليها المزارع.
ويحتوي الغبار الإسمنتي المتطاير في الجو على جزئيات سامة تترسب على أوراق الشجر والنباتات، حيث يغلق الثغور ويعوق عملية التبادل الغازي.
وعلى رغم ان معامل الإسمنت في النجف والكوفة أقيمت في بادية بعيدة عن المزارع و الأحياء السكنية لكن تمدد المدينتين عبر سنوات، وزيادة عدد السكان والتوسع في الزراعة قرب المعامل منها محدثا تناقضا بيئيا في تلك المناطق.

ويقترح بعض الأهالي إضافة الى خبراء إجبار المعامل على التقيد بشروط البيئة النظيفة.
الجدير بالذكر ان صناعة الإسمنت في العراق بدأت منذ الخمسينيات، ففي عام 1936 شكلت أول شركة للاسمنت وانشأ أول معمل في عام 1949 وحمل اسم (سعيدة) ثم غير اسمه الى (بغداد) و أنشأ معمل سمنت السدة في محافظة بابل(100 كم جنوب بغداد) عام1957 كما أسس معمل سمنت بادوش وحمام العليل في الموصل (465 شمالي بغداد) ومعمل سنجار ومعمل سمنت المثنى.
وفي بداية الستينيات تأسس معمل سمنت الكوفة ومعمل سمنت كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد).

العناصر الثقيلة
وفي اغلب معامل الإسمنت الحديثة تقل نسبة انبعاث الغبار عن 30 ملغرام لكل متر مربع بحسب المواصفات البيئية العالمية، اما في العراق فان هناك تلوث بالغبار القاعدي في البيئة المحيطة بحسب الباحث في كلية الزراعة حازم عزيز الربيعي حيث بين انه تم قياس تراكيز الغبار المنبعثة من المعملين والعالقة في الهواء وقياس بعض الصفات الفيزيوكيميائية وتقدير نسب العناصر الثقيلة وهي الزنك والحديد والرصاص.

وبحسب عادل محمود المهندس في معامل التصنيع العسكري سابقا فان المواد الكيمياوية الداخلة في تركيب الإسمنت تسبب أمراض تنفسية وأمراض الحساسية نتيجة لاستنشاق الغبار ذي النعومة العالية التي تصل ما بين 20 و100 ميكرون، حيث تختلط فيه الكلوريدات والكبريتات والقلويات. ويتابع : مصنع الإسمنت ينتج نحو ثلاثمائة كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون لكل طن من الإسمنت، مما يعكس حجم الأضرار البيئية الناتجة عن الصناعات الإسمنتية.