تتميز بنايات بغداد المرتفعة خاصة بتكدس الغبار عليها مع الافتقار لآليات تنظيف خاصة بالابنية المرتفعة.

وسيم باسم من بغداد: حين ينحسر التراب من الأجواء في العراق، يظل عالقا في مكان لاتصل إليه الأيدي وبعيدا عن حركة الناس والحيوانات لاسيما أسطح وواجهات البنايات العالية مما يشكل تلوثا بيئيا يتراكم لفترات طويلة عبر الزمن.

ومما يفاقم الأمر ان العراق لا يتوفر على شركات متخصصة لتنظيف تلك الواجهات والبنايات الا بعدد محدود جدا.
ويعمل احمد حسين ( 30 سنة ) في التنظيف، مع مجموعة من عمال آخرين، لتنظيف الواجهات العالية في مناطق العاصمة بغداد.
ويصف حسين، العمل في هذا المجال بانه ثقافة جديدة لم تنتشر بصورة واسعة بعد، على رغم الحاجة الماسة اليها.
ويمد حسين إصبعه الى زجاج إحدى البنايات، حيث يشكل مسار أصبعه خطا واضحا على الواجهة بسبب سمك طبقة الغبار.
يقول حسين : هذه الواجهة لم تنظف منذ اكثر من سنة، مما يشكل منظرا سيئا للمحيط في هذا المكان.
ويضيف : في حالة سقوط الأمطار فان طبقة خفيفة من الطين تتشكل على الواجهة مما يجعل الأمر أسوأ ويتطلب جهدا في إزالته.
وعلى رغم ان حسين يعمل في هذه المهنة الشاقة منذ سنة الا انه لا يمتلك الوسائط الحديثة لانجاز العمل بصورة تامة.

يقول حسين: احتاج الى مصعد خاص لتسلق البنايات، وأنواع خاصة من النظارات وبدلة عمل ملائمة، وعلى رغم ان هذه متوفرة في السوق لكن كلفتها عالية لا أطيقها.
وفي اغلب دول العالم فان هناك مصاعد كهربائية خاصة تركب في فترة قصيرة لغرض تسلق العاملين واجهات البنايات.
وتمثل مشكلة تلوث وتراكم الأوساخ على واجهات المباني في بغداد والمدن الأخرى مشكلات ليس هناك من حل مناسب لحلها في الوقت الحاضر بسبب غياب الكادر المتخصص وغياب التقنيات الحديثة.

ومما يعقد مشكلة تراكم الغبار، عوامل الطقس المتطرفة في العراق من أمطار وأشعة شمس مما يساهم في تقادم البنايات وتحول طلاءاتها الى قشور وألوان باهتة تشوه المنظر العام.

وكثرت العواصف الترابية في السنوات الأخيرة لاسيما وان معظم أراضي العراق صحراوية.
ويقول المهندس المعماري كريم حسين أن المناخ الحار وأشعة الشمس وتراكم الغبار يشوه الواجهات، ويتسبب في تآكل الدهانات لاسيما وان اغلب أصحاب البنايات حتى الحكومية منها لا يعيرون اهتماما للواجهات التي تبقى صامدة لسنين طويلة أمام التعرية والظروف الجوية القاسية، من دون ان تمتد لها يد الإدامة.

ويتابع: انتشرت في الفترة الأخيرة شركات صغيرة لتغليف واجهات البنايات بالطلاء البلاستيكي، والزجاج وقطع البلاستك.
وعلى رغم أن هذه التقنية تضفي منظرا جميلا على البنايات لكنها تحتاج الى إدامة أسبوعية على الأقل على يد عمال مهرة و شركات متخصصة.
ويقول سعد حمزة صاحب ورشة ديكورات البنايات في منطقة الكرادة في بغداد، أن هناك أنواعا جيدة من الديكورات لواجهات البنايات لكنها في الشكل العام باهضة الثمن ولا تناسب الشرائح الاقتصادية ذات الدخل المحدود.

ويشير حمزة الى تقنيات جديدة لتغليف البنايات دخلت الى العراق في السنوات الخمس الأخيرة مثل االمواد المالئة كالكوارتز واللدائن الصناعية والتي تحقق حماية جيدة في منع الغبار من الدخول الى داخل البنايات وتمنع نفوذا مياه الأمطار.

ويشير المهندس حسن الى الكثير من البنايات العالية في بغداد التي يعلوها الغبار المنتشر في كل مكان. ويتابع : حتى اللوحات الإعلانية وجداريات الزعماء السياسيين يغطيها الغبار، ولم تصل لها يد الإدامة منذ سنوات.

ويشهد العراق ومنطقة الخليج العربي موجات من عواصف ملية قوية وغبار كثيف بشكل دوري تاركة أكواما من الأتربة في كل الأنحاء.
ويدعو الاختصاصي البيئي كاظم وحيد من جامعة بابل (100 كم جنوب بغداد) الى ضرورة نشر ثقافة النظافة العامة، لاسيما ما يتعلق بالبنايات التي تمثل واجهة للبلد.
ويتابع: الحل المثل هو في زيادة المساحات الخضراء والتشجير وإحاطة المدن بالحزمة الخضراء، لكن هذا صعب التحقيق في الوقت الحاضر.
ويضيف: الحلول الآنية تتمثل في تهيئة كادر وسطي وتشجيع الشركات على الاستثمار في هذا القطاع بغية المساهمة في بيئة صحية، وتجميل المنظر العام لاسيما وان العراق مقبل على استضافة القمة العربية.

وتهب على العراق في فصل الصيف عدد من العواصف الترابية تاركة آلاف الأطنان من الاتربة المتراكمة على واجهات البنايات وأسطحها.
وحتى عندما تنحسر هذه العواصف فان خطر الغبار المتراكم يؤرق كثيرين لاسيما الذين يعانون من مشاكل في التنفس.
ويشتكي ثامر حليم ( صاحب متجر ) من أن ترك متجره بلا تنظيف ليوم واحد يعني تراكم الأتربة على البضائع.
ويعاني رؤوف الاسدي، صاحب متجر لبيع الملابس والأقمشة من ظاهرة تراكم الغبار في مخزنه. ويقول ليس من حل في الوقت الحاضر، وأفكر في واجهة زجاجية محكمة تمتع دخول الغبار.