أشرف أبوجلالة من القاهرة: بعدما انحسرت آمال كثيرين من العاملين بالحقل الطبي والدوائي وحتى المواطنين العاديين على عقار التامفلو كوسيلة مضمونة في مواجهة أخطار الإصابة بمرض إنفلونزا المكسيك الذي هبط كالكابوس المروع على عديد من بلدان العالم خلال الأسابيع الماضية وذهب ضحيته المئات ما بين وفيات وإصابات، يبدو أنّ موجة ذعر جديدة سوف تبدأ في الظهور بعدما أكدت مجموعة من العلماء الحكوميين في بريطانيا على أنّ المرض قد يُصبح مقاومًا عما قريب أيضا ً لعقار التامفلو، الذي يتم تخزينه الآن في بلدان عدة بغرض التصدي مستقبلا ً لأخطار الإصابة بالمرض ومنع تحوله لوباء.
وأوضح الباحثون الذين خلصوا إلى تلك النتيجة المخيفة أنّ إحدى سلالات الإنفلونزا الموسمية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بفيروس إنفلونزا المكسيك قد تحولت بالفعل، لدرجة أن عقار التامفلو قد أصبح عديم الفائدة من الناحية العلاجية معها. ووفقاً لتقارير صحافية بريطانية، فقد قامت الحكومة البريطانية بإنفاق ما يزيد عن 100 مليون إسترليني لجلب مخزون ضخم من التامفلو إلى البلاد يقدر بنحو 50 مليون جرعة دوائية من العقار ndash; وهي الكمية التي تكفي 80 % من السكان. وفي حديث له مع صحيفة الدايلي ميل البريطانية، قال دكتور ستيف غامبلين، الرئيس المشارك لقسم التركيب الجزيئي في المعهد الوطني للبحوث الطبية :quot; يقلل هذا التحول من فاعلية التامفلو نحو 250 مرة أقل من حيث درجة الفاعلية التي ينبغي أن يكون عليها العقارquot;.
وتابع غامبلين قائلا ً :quot; ترجح دراستنا البحثية أن أنه في حالة استخدام التامفلو على نطاق واسع، فقد ترتفع أيضا ً فيروسات إنفلونزا المكسيك المتحولة التي تكون مقاومة للعقار. وبدلاً من الاعتماد على التامفلو بمفرده، سيكون من الأفضل استخدام مزيج ما بين التامفلو وريلينزا، وهو عقار آخر مضاد للفيروسات، لم يَثبُت إلى الآن مقاومة فيروسات الإنفلونزا لهquot;. وقال دكتور جون ماكولي، واحد من ثلاثة أطباء يجرون أبحاثا ً على مرض الإنفلونزا بالمعهد الوطني للبحوث الطبية في شمال لندن :quot; سيكون توقيت بدء موسم الإنفلونزا السنوي توقيتاً حاسماً. فعندما انتشر الوباء عام 1918، توفي أكثر من 50 مليون شخص حول العالم، وقد ظهر الفيروس المسؤول عن تلك الفاجعة وقتها في نصف الكرة الشمالي خلال فصل الربيع، تماماً مثلما حدث مع إنفلونزا المكسيك، ثم( اختفى ) في فصل الصيفquot;.
وقالت الصحيفة أن الإنفلونزا المكسيكية لم تبدأ في الانتشار بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة حتى ديسمبر أو يناير. لكن في عام 1918، عاود الفيروس في الظهور خلال شهر سبتمبر. وهنا أضاف دكتور ماكولي قائلا ً :quot; إذا عاودت إنفلونزا المكسيك في الظهور مجدداً خلال شهر ديسمبر، فمن المحتمل ألا تكون تداعياتها سيئة للغاية. لكن إذا جاءت في وقت مبكر عن ذلك بكثير، فإننا قد نواجه مشكلاتquot;. وحتى الآن يشير البحث الدراسي الحديث إلى أن إنفلونزا المكسيك التي عُرفت في البداية بـ ( إنفلونزا الخنازير ) ليست ضارية بصورة استثنائية. ووفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، فإنها قد تتسبب في قتل نسبة قدرها 0.4 % من هؤلاء الذين يصابون بها.
لكنها إذا أصابت الملايين من الأشخاص بصورة سريعة، فإن معدلات الوفيات ستكون مفزعة وكبيرة، كما ستُضار الأنظمة الصحية وكذلك الأوضاع الاقتصادية على نطاق واسع. ويقول الأطباء أنّ عقار التامفلو يعمل عن طريق مهاجمته لبروتين يُعرف بـ N1. وإذا تم تناوله بشكل مبكر، فإن ذلك يضمن أن تكون الأعراض خفيفة، كما سيعمل ذلك على خفض فرص نقل أحد الضحايا للمرض إلى أشخاص آخرين. لكن ووفقاً لما ذكره غامبلين، فإن حدوث نقطة تحول واحدة أو ما يمكن تلخيصه بـ ( تغيير يطرأ على حمض أميني واحد بداخل الحامض النووي للفيروس ) هو ما يتسبب في تجريد التامفلو من فاعليته العلاجية.
التعليقات