مصاب سابق بالشلل النصفي يروي تجربته لإيلاف :
اكتشاف طبي جديد غيّر حياتي

نهى احمد من سان خوسيه: تتألم اميليا رودريغز كثيرًا عندما تتذكر السنوات الصعبة جدًا التي حاولت خلالها وبكل جهدها ان تخفف من الام زوجها فابيان الذي اصيب بالشلل النصفي نتيجة حادث سيارة، رغم ذلك تقول اليوم ان هذه الذكريات الاليمة اصبحت في طي الماضي. التقت ايلاف هذه السيدة وزوجها فابيان في منزلها الواقع في احدى ضواحي سان خوسيه والمؤلف من طابق واحد واشترته العائلة قبل 10 سنوات لكي لا يتعرض فابيان لاي مشاكل في التنقل والحركة، وبعد تمكنه اليوم من المشي بالعكازات فضلت الاحتفاظ بالمنزل لانه جزء من حياة العائلة رغم سواده.
بدأ الزوج البالغ من العمر 40 سنة يروي لايلاف كيف فقد قدرته على المشي فقال كنت اقود سيارتي مغادرَا عملي مساء احد الايام الماطرة والعاصفة في شهر اب (اغسطس) عام 1999، وفجأة لم اعد اتمكن من السيطرة عليها ففقدت التوازن عند احد المفارق ولم استيقظ الا في المستشفى، وعلمت من زوجتي ان السيارة تحطمت شر تحطيم بعدما اصطدمت بشاحنة اتية من الجهة المقابلة.

لكن كان على فابيان ان يستيقظ على خبر قلب حياته وحولها الى مأساة حيث علم من الطبيب انه اصيب بشلل نصفي نتيجة الحادث ما سيجعله عاجزًا على السير طوال حياته، وهكذا عاد الى بيته على كرسي متحرك.
مرت اعوام طويلة وحياته الاجتماعية والعملية تزداد تحطمًا، ولم يكن يعزيه في الحياة ويدفعه الى التمسك بها سوى عائلته التي تحبه كثيرًا ونجحت الى حد كبيرفي تغيير نمط حياتها حسبما يناسب الاب. بينما تغيرت حياة زوجته تماما. وما كان يؤلمها حسب قولها لايلاف رؤية زوجها كيف يذوي امام عينيها ولا تستطيع مساعدته سوى بالذهاب معه الى المستشفى لاجراء الفحوصات الدورية.
وفي منتصف شهر تموز( يوليو) عام 2004 اضطر الاطباء الى ابقائه في المستشفى بعدما اكتشفوا ان حالته التي كانت تبدو مستقرة قد بدأت تسوء مع احتمال انتشار الشلل الى الاجزاء العليا من جسده، ولكنه هذه المرة استيقظ على مفاجأة اخرى.
اذ علم من احد الاطباء ان البروفسور جيمس كالاهان جراح الاعصاب في كاليفورنيا يبحث عن مريض يقبل التطوع لكي يجري له تجربة جديدة لطريقة علاج اكتشفها لمن اصيب بالشلل النصفي نتيجة حادث، ومن دون اي تردد قبل ان يكون هذا المتطوع لان حالته سوف لن تسوء اكثر مما يتوقعه الاطباء، اذا ما فشل علاج الطبيب الاميركي.

واتصل به البروفسور كالاهان على الفور من اجل تحديد موعد للقاء ، وبالفعل التقى فابيان معه بعد اسبوع، حيث شرح له مشروع العلاج الذي لا علاقة له بالطب مباشرة، بل هو تطور الكتروني طبي. فوراء هذا التطور معدات واجهزة متطورة وجهاز كمبيوتر ورقائق الكترونيةquot; وفكرة مخ اصطناعي quot;، وهي فكرة تبدو بعيدة المنال ومستحيلة التحقيق، لكن ذلك لم يكن مهمًا لفابيان، فالمهم النتيجة وتأمل ان تكون ايجابية.
وتم تحضير المريض في احد مستشفيات سان خوسيه، وبدأ البروفسورالاميركي عملية توصيل اسلاك هذه الاجهزة وملحقاتها الالكترونية بأعصاب فابيان في عملية جراحية معقدة استمرت اكثر من 18 ساعة، وكانت المفاجأة مذهلة بعد ايام قليلة حيث تمكن الطبيب باجهزته واسلاكه من تحفيز المخ، وبدأت اطراف المريض تتحرك فعلا.
ورغم الفرحة العارمة بالنتائج الاولية نسي البروفسور كل شيء وحمل كامل مشروعه الى الشركة الاميركية المتخصصة بالآلات الالكترونية التي اعتمد على اجهزتها وطلب من الخبراء فيها بذل الجهد لتطوير الجهاز ودمج قطعه في جهاز موحد يمكنه ان يقوم بكل المهام التي يريدها لكي تنجح فكرته.

لقد كانت المشكلة رغم النجاح المبشر الذي ظهر على فابيان أن المريض سيستخدم اجهزة عدة منها جهاز كمبيوتر كبير لتحريك اعصابه، في الوقت الذي ستظل حركته محدودة عند القيام والجلوس. اي ان ما طلبه البروفسور من خبراء الالكترونيات ان يخترعوا له مخًا اصطناعيًا يحمله المريض معها اينما ذهب ويستطيع عن طريقه ان يقوم بكل الحركات التي كان سيأمر بها مخه الطبيعي الاعصاب المتضررة التي تم اصلاح الكثير منها اثناء العملية الجراحية.
وفي مطلع عام 2005 كان الجهازquot; المخquot; قد اصبح جاهزًا، وهو يبدو وكأنه جهاز راديو صغير يمكن تعليقه في حزام حول الوسط، مزود بهوائي صغير متصل برقيقة الكترونية زرعت تحت الجلد بالقرب من الانف، بحيث تكون قريبة من المخ،ومجهز بزرين، والاسود يرسل عند تشغليه نبضات تقوم كل نبضة منها بتحريك الساق مقدار خطوة واحدة بعد تحفيز المخ الاصطناعي لها والاحمر يقوم عند ضغط فابيان عليه بارسال الاشارات اللازمة لجعل المريض يقف او يجلس، وهكذا يمكن للمريض المشي بسهولة لكن بعكازات.
وخلال عملية جراحية لفابيان شارك فيها ايضا جراحو اعصاب من كوستاريكا بقيادة البروفسور كالاهان تم تركيب التوصيلات اللازمة لتنشيط الجهاز ودامت العملية نحو عشر ساعات، وبعد ايام قليلة نهض فابيان من سريره، ووضع ساقيه على الارض، وشغل الجهازالذي يحمله ومشى اول خطوة له بعد الشلل بمساعدة عكازات، وهو الذي كان اسير الكرسي المتحرك.
وفابيان على اتصال دائم بمنقذه البروفسور الاميركي الذي يعمل منذ ذلك الحين على تطوير الجهاز وتصغير حجمه، بينما يقول هو لم تعد لدي مشكلة في تحريك القدمين اللتين كنت عاجزًا على تحريكهما، لكن تطوير الجهاز سوف يستمر وقد ياتي يوم استغني فيه عن العكازات ايضًا فلا احد يعرف.
لكن على فابيان القيام بشكل منتظم ومن دون انقطاع بتمارين رياضة منها السباحة يوميًا ما لا اقل عن ساعة، في الوقت ذاته يحاول العثور على عمل ، اذ انه كان مهندسًا معماريًا قبل وقوع الحادث.