عراقيون يلجأون إلى الأعشاب المقوية جنسياً

يعمد الكثير من العراقيين على الاستعانة بالأعشاب المقوية جنسياً وسط إنكارٍ لصفة الضغف الجنسي لديهم، بسبب ثقافة العيب التي ترفض اقتران الذكورية بالنقص. كما إن إخفاء العجز الجنسي غالباً ما يقف وراء افتعال المشاكل الزوجية خوفاً من نظرة الزوجة والمجتمع.


بغداد: يصرّ الكثير من الرجال في العراق على أنهم أصحاء جنسياً وquot;طبيعيونquot; رغم أنهم يحملون في جيوبهم المقويّات الجنسيّة من حبوب وأعشاب طبية أينما حلّوا.

ويرفض العراقي شأنه في ذلك شأن الرجل الشرقي، إلحاق صفة الضعف الجنسي به بسبب الثقافة الاجتماعية، التي لا تسمح بالطعن في الشخصية الذكورية التي لا تعترف بالعجز الجنسي، وتعتبره نقصًا في الرجولة.

في الوقت نفسه، فان المرأة تحرص على ان تكون بكامل طاقتها الجنسية والنفسية، وان تخفي أي صفة للوهن الجنسي، لأن ذلك يلحق بها الإذلال، ويجعلها عرضة لنعوت سيئة، لاسيما اذا ما تزوجت وتأخر إنجابها.

أسرار عميقة

تقول الناشطة في حقوق المرأة خولة المتوكل العاملة في إحدى منظمات المجتمع المدني في الديوانية (193 كلم جنوب بغداد)، انه في غالب الأحيان يصاحب عدم تمخض الزيجات عن ابناء، أسرارا عميقة تحول دون معرفة إن كان الرجل أم المرأة خلف عدم القدرة على الإنجاب.

وتتابع: يبقى السر في الغالب، فترة طويلة من الزمان تتخلله الشائعات التي تدور حول الحقيقة المرة التي لابد ان تُكتشف في يوم ما.

تتحدث اميمة حسين عن زواجها الفاشل برجل رفض حتى اجراء الفحوصات للتأكد من قدراته الجنسية، رافضًا الاعتراف بالحقيقة، وحين قصدت الطبيب (وكانت متأكدة من ذلك) تبين ان لا مشكلة لديها، ولابد من إجراء فحوصات للزوج.

في نهاية المطاف خضع الرجل للأمر الواقع، وتبين أن لديه ضعفًا في حيواناته المنوية. لكن الطلاق حصل حين أشيع بين الناس انه كان السبب وراء عدم الإنجاب ليتهمها الزوج بأنها مَنْ أشاعت الخبر.

ثقافة quot;البوحquot; بحقيقة القدرات الجنسية

تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية الى ان نحو rlm;مائة وخمسين rlm;مليون رجل مصابون بالعجز الجنسي، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 322rlm; مليوناً بحلولrlm; 2025، بينما تشير إحصاءات ومشاهدات ميدانية في العراق الى ان نحو ثلاثين بالمائة من المواطنين يعانون مشاكل جنسية، لكن هذه النسبة تخمينية بسبب غياب ثقافة quot;البوحquot; بحقيقة القدرات الجنسية.

ويلجأ كثير من الرجال الى إخفاء عجزهم الجنسي بافتعال المشاكل مع الزوجة، خوفا من اكتشاف الحقيقة المرة، ويهرب البعض الآخر من المشكلة بتفضيل الأصدقاء على زوجته، حيث يقضي معظم وقته معهم، أو بتناول المخدرات والمشروبات الكحولية.

هذا ما حدث مع ام سمير، حيث ادى غياب الصراحة بين الزوجين الى الطلاق، بسبب إصرار الزوج على عدم الاعتراف بحقيقة علته، وعجزه عن مواجهة نظرات الآخرين، التي تشعره بأنه ناقص الرجولة.

تروي ام سمير ان زوجها كان يشيع بين الناس أنها السبب في عدم الإنجاب، وظل يردد ذلك لسنين، حتى كفّ عن ذلك حين تزوجت برجل آخر وأنجبت منه ابنها سمير.

اقبال على الباذنجان

وفي الوقت الذي يرفض فيه العراقيون التصريح عن الأمراض التي يعانونها حتى الى اقرب الناس إليهم، فإنهم يحرصون على اقتناء مستحضرات غير طبية للشفاء أولاً، ولإبعاد شبهات المرض عنهم.

يقول العشّاب أحمد الوائلي ان هناك سرًا وراء اقبال العراقيين على الباذنجان، بسبب شيوع زيادته للشهوة الجنسية لدى الرجال والنساء.

يبيع الوائلي الباذنجان جافًا ايضًا، والذي له قدرة على التحفيز الجنسي اكثر من الطازج بسبب خلطه مع مواد منشطة أخرى.

هذا ما أكده الطبيب سعيد الحلي، الذي اشار الى ان هذا النبات يحفز خلايا الإثارة في المخ. ويبيع الوائلي أيضًا الخرشوف، الذي يزيد من القدرة الجنسية، إضافة الى انه يعالج عسر الهضم.

غذاء وليس دواء

بحسب الوائلي، فإنمعظم زبائنه لا يصرحون عن ضعفهم الجنسي، وهم يلجأون إلى العشابين أكثر من الأطباء، لأسباب، منها ان الرجل يشعر ان ما يحصل عليه من الأعشاب ليس دواء، بل هو اقرب ما يكون الى الغذاء المقوي، فيزيل عنه الحياء.

ويقول سعيد حسين انه لا يعاني ضعفا جنسيا، لكنه يحتاط من غدر الزمن، بشراء بعض المواد التي تحافظ على القدرات الجنسية، مثل الفراولة الجافة والتوت، التي يحرص على توافرهما في البيت.

ويقول سعيد ... ان الضعف الجنسي لدى الرجل في العراق يعتبر عيبًا، ويحاول الرجل قدر الإمكان ابعاد الشبهة عن نفسه، وإنْ كان مصابًا فعلاً.

الصراحة ومواجهة الحقيقة

لكن الطبيب سعيد الحلي يتحدث عن زبائنه من الرجال والنساء الذين يتحدثون عن مرضهم على استحياء. وتشير خبرة الحلي ومعايشته لعشرات الحالات إلى أن كثيرين يلجأون الى الحبوب المقوية من دون استشارة الطبيب، لاسيما وان حبوب الفياغرا على سبيل المثال تتوافر في السوق والدكاكين ويسهل الحصول عليها.

ويقول الحلي ان اللجوء الى العشابين لا يحل المشكلة، ذلك ان الأعشاب هي علاجات لحالات عامة وليس لحالات نوعية تختلف من شخص الى آخر، ولابد من التشخيص الدقيق لمعرفة أسباب الضعف الجنسي.

وبحسب الحلي فان معالجة الضعف الجنسي او الشعور به، ليس في تناول المقويات، بل في الصراحة ومواجهة الحقيقة بشجاعة.

وما يشجّع العراقيين على المنتجات الجنسية، توافرها في الأسواق بكميات كبيرة وبأسعار تصل إلى ربع قيمة الدواء في الصيدليات.

التوت و التمر

يتناول ابو كريم التوت منذ سنين، مما جعله محافظًا على قدراته الجنسية على حد تعبيره. ويٌكْثِرمعظم العراقيين من تناول التمر مع اللبن، لزيادة قدرته الجنسية، بل يلجأ البعض الى تناول كمية كبيرة منه قبل الذهاب الى مخدع الزوجية.

يؤيد العشّاب كاظم حسن انتشار ثقافة تعاطي الأعشاب التي تحافظ على القدرات الجنسية، ويرى انها أفضل صحيًا ونفسيًا للرجل والمرأة من حبوب الفياغرا مثلا، لعدم احتوائها على مواد كيماوية أولا، وثانيا لان العديد يلجأون إلى المقويات وغيرها من المنشطات الجنسية من دون الحاجة الحقيقية إليها كما إن تناول الأعشاب سيكون أفضل بسب قلة أعراضها الجانبية.

لكن الدكتور وائل القاضي في مدينة المحمودية (15 كلم جنوب بغداد) لا يعبأ إلى ما يصرح به العشّابون وما يشيعونه للترويج لبضاعتهم.

ويرى ان ما يتوافر لدى العشابين هي أعشاب تعالج الخمول الجنسي، وليس الضعف المرتبط بأسباب عضوية في غالب الأحيان، ذلك ان الضعف الجنسي اذا ما شُخّص فانه يحتاج ادوية نوعية، وربما تداخلات جراحية وتصوير، للوقوف على العلة.

ويشدد القاضي على التفريق بين الضعف والخمول، لان الخمول الجنسي حالة مؤقتة ترتبط بالحالة النفسية، وتناول الأعشاب يفيدها في بعض الحالات. اما الضعف الجنسي فان علاجه يكون عند الطبيب المختص فقط، لتجنب الانزلاق في نتائج سلبية جراء تناول أدوية غير موصوفة من قبل الطبيب المختص.

ويتابع القاضي حديثه: الكثير من الرجال والنساء في العراق مصابون بالخمول، وليس الضعف، كما ان معايشته مع الحاجات اليومية للرجال من الأدوية تشير الى ان الرجال فوق سن الخمسين مصابون بهوس الضعف الجنسي.

ويضيف: ثمة من هو مصاب فعلاً بالضعف الجنسي، لكن البعض لا يعاني ذلك، بل هو متخوف من المستقبل، ويلجأ الى المنشطات الجنسية من دون الحاجة الحقيقية اليها. ويشير القاضي الى احد مرضاه الذي أصيب بالإغماء بسبب إدمانه على المقويات الجنسية، وكان النتيجة خلل في الوظائف العصبية لعضوه الذكري.

الأمية الجنسية

ويشير القاضي الى الأمّية الجنسية في العراق والدول العربية، فيقول ان عدم انتصاب عضو الرجل ليوم او يومين يقلقه، فيلجأ على عجل الى مقويات جنسية يشتريها من الصيدليات والدكاكين والباعة المتجولين، ولا يدري إن ما حدث لهو حالة مؤقتة مرتبطة بحالة نفسية سرعان ما تنحسر بعد ايام.

ومن الأفكار السلبية التي يتداولها البعض لجوء كثيرين الى تناول الحبوب المقوية (الفياغرا مثلا) في ليلة الدخلة للحصول على قدرة جنسية هائلة.

ويقول الشيخ كريم الدبيسي، صاحب تجربة ومعايشة لعادات وتقاليد المجتمع، انه ليس من الضروري ان تكون ليلة الدخلة، ليلة (فتوحات)، بل هي ليلة للتفاهم والحوار والاحتواء العاطفي. ويتابع: لهذا السبب يخرج البعض من الليلة فاشلاً مرتبكًا، لانه يدخل على زوجته بفكرة الرجل الخارق الذي لا يقف في طريقه شيء.

ويذكر الدبيسي بعض الحالات التي عايشها، وكانت النتيجة نقل المرأة الى المستشفى في ليلة الدخلة بسبب النزيف او الاضطرابات الجنسية والنفسية.