حوار مع الاديب العراقي ابراهيم احمد:
روايتي القادمة تدور احداثها في كردستان

حاوره في السويد د. مؤيد عبد الستار: بدأ القاص ابراهيم احمد حياته الادبية منذ الستينات وعرف بقصصه القصيرة جدا، واستمر في تطوير ادواته وتسلق سلم القصة القصيرة فنشر مجموعات قصصية متتالية خارج العراق، مثل صفارات الانذار وبعد مجئ الطير، ثم اجتاز عتبة القصة القصيرة ليغامر بروايته الاولى طفل السي ان ان ، التي نشرها اثر غزو الكويت، فكان لها صدى في الاوساط الثقافية العراقية،واستمر في نشر القصص القصيرة بنشاط وهو يعزم على نشر قصص وروايات جديدة في المستقبل القريب. في هذا اللقاء الذي تم في مقهى روزنكورد في السويد حاولت تعريف القراء بما يدور في خلده كونه من رواد المنفى وما زال مقيما فيه رغم زوال النظام الذي كان سببا في ابعاد الاف المثقفين العراقيين.
* بدأت حياتك الأدبية بكتابة القصة القصيرة وانتهيت بكتابة الرواية.هل تركت كتابة القصة القصيرة وهل لديك ما ستنشره منها في المستقبل؟
- لم أتوقف عن كتابة القصة القصيرة وما زلت أكتبها بشغف ولهفة فهي حبي الأول وهل ينسى المرء حبه الأول حتى لو تزوج من غير حبيبته الأولى وصار شيخاً وله أحفاد وذرية؟كتابة الرواية هي شيخوختى وأنا أكتبها أيضاً بمثل ما يحب المرء شيخوخته ولا يجد مفراً منها خاصة إذا وجد رأسه يضج تحت الشيب بالذكريات والحكايات الطويلة!
لم تعد القصة القصيرة يا صديقي تستوعب همومنا الكبيرة هذا صحيح ولكن ثمة هموماً أخرى تؤرقنا أيضاً ولا تجد مقاماً يلائمها سوى القصة القصيرة. نشرت لي قبل أشهر وزارة الثقافة في بغداد مجموعة قصص قصيرة بعنوان quot; أنت تشبه السيد المسيح quot;،هكذا أعلمني الأصدقاء في بغداد،ولم أستلم نسخاً من الكتاب لحد الآن. لدي أكثر من ثلاث مجموعات قصص منجزة ولم أدفعها للطبع،ربما لشعوري أن الناس الآن في هموم أخرى مشروعة،وأين القصة القصيرة والثقافة كلها مما يجري في العراق اليوم؟

*كيف ترى القصة القصيرة في الأدب العربي في الوقت الحاضر بعد رحيل أعلامها أو توقفهم عن الكتابة؟
- هذا سؤال يثير الشجن حقاً،في الخمسينيات والستينيات كانت القصة القصيرة في مصر وسوريا ولبنان والعراق تعيش مهرجانها الإبداعي الكبير كان هناك محمود تيمور ويوسف إدريس ونجيب محفوظ والشاروني وأصلان وأدورد الخراط في مصر وفي دمشق حنا مينا وزكريا تامر وغيرهما وفي العراق فؤاد التكرلي وعبد الملك نوري ومهدي عيسى الصقر ثم الجيل الكبير الواسع الذي تلاهم. بعض هؤلاء الكتاب طواهم الموت وبعضهم تحول إلى كتابة الرواية.اعتقد أن سبب التحول عن كتابة القصة القصيرة لدى هذه الأجيال هي أن القصة القصيرة أقرب للشعر بل هي فن شعري وتكاد القصة القصيرة تكون قصيدة نثر طويلة! وحيث أن عهود الاستقرار النسبي في بلداننا قد ولت وحلت محلها التوترات والحروب والصراعات الأليمة، برزت الحاجة للأعمال الإبداعية والبناءات الروائية المطولة أو للفكر والتحليل والأعمال الدراسية التي تتصدى لمعالجة الأوضاع القائمة بالبحوث الجافة والأرقام الرياضية المعقدة! وسترى أن القصة القصيرة تعود لتحتل صدارة الأعمال الإبداعية مع القصيدة الأكثر نضجاً مما نراه اليوم.القصة القصيرة والقصيدة والمسرحية والأغنية فنون خالدة لن تزول أبداً إنما هي فقط تنحسر فترة وتتألق فترة أخرى حسب الظروف الإنسانية والاجتماعية المتبدلة على الدوام!

*أمضيت عدة سنوات في الجزائر هل ما زلت تتابع الرواية الجزائرية مثل كتابات الطاهر وطار، بن هدوقة بو جدرة وآخرين؟
- قضيت ستة أعوام في الجزائر،كانت أيام تجربة فنية وجمالية وقراءات ممتعة،تعرفت فيها على جانب من الأدب الجزائري،كان الجيد والناضج منه هو الذي كتب بالفرنسية،ثم كان الأدب الناشئ والناهض لتوه هو الذي أخذ يكتب بالعربية على أيدي شباب كانوا ثوارً في الثورة مثل الطاهر وطار وبن هدوقة وغيرهما.وكان على أن أبحث طويلاً للحصول على ترجمات لروايات محمد ديب الرائعة ومولود معمري ومالك ياسين وكاتب ياسين صاحب رواية نجمة والمسرحيات التي أشتغل على إخراجها بنفسه على مسرح سيدي بلعباس! وقد التقيته في بيته الريفي الجميل في قرية قرب المدينة التي فيها مسرحه، بالطبع لقد مات كل هؤلاء ولكني أتابع ما يكتب عنهم ولي في قلبي ذكريات عن قراءتي لكتبهم أو زياراتي للمدن التي ولدوا وترعرعوا فيها وللأماكن التي دارت عليها أحداث رواياتهم وصارت تشكل جانباً هاماً من جذوتي الروحية! تستطيع أن تعد البير كامو كاتباً من الجزائر أيضاً فهو قد ولد وعاش صباه وشطراً من شبابه فيها، وكم كانت تجربة ذهنية موحية ومغذية للروح أنني قرأت روايته الطاعون في وهران حيث تدور أحداث روايته المتخيلة هذه!بعد خروجي من الجزائر لم احصل على كتابات للطاهر وطار أو بن هدوقة ومن خلال تتبعي لأخبارهما أجد انهما مقلان في نتاجهما الروائي!ولا أدري إن كان بن هدوقة ما يزال حياً،من بين أمنياتي أن أسافر للجزائر لأرى ماذا حل بها خلا العشرين سنة الماضية وأقف على واقعها الثقافي!

* في ظل التغيير الذي حصل في العراق وسقوط النظام الدكتاتوري المتخلف ما هي العوامل التي تمسك بخناق الثقافة العراقية وتمنعها من الانطلاق نحوا أفق أرحب؟
- ظروف وأوضاع تعيسة كثيرة تجثم على خناق الثقافة العراقية،أولها بالطبع انعدام الاستقرار والامن والسكينة،حيث لا يمكن تصور إبداع وحضارة ولا حياة سوية تحت سحب دخان الأعمال الإرهابية وأجواء الخوف، ولكن يمكن القول أن خطر السيارات والعبوات المتفجرة وأعمال الخطف والاغتيالات على الثقافة والحياة في بلادنا هو إلى زوال لا محالة، والخطر الأكبر هو صعود الموجات الدينية الظلامية ودبيبها الحثيث للاستيلاء على الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز ومفاصل القرار والثقافة في بلادنا ثم بعد أن تحكم سيطرتها ستجهز على كل مظهر حضاري أو ثقافي يخالف عقلها الظلامي المريض! وستجد غطاءها في الدين والمذهب بل يبدو إن المذهب والطائفة صارا لدى البعض أهم من الدين الذي يفترض فيه إنه يقوم على التسامح! هؤلاء سيقومون بمحو آخر مظهر من الثقافة الوطنية التي جهد العراقيون في بنائها لسنين طويلة والقائمة على التعدد والتسامح والنظرة الرحبة إلى العالم والعلم واحتضان قيم المحبة والجمال والتجديد!يؤسفني ويحز في نفسي أن أرى ثقافة بدائية سوداء متوحشة تزحف بنعومة الثعابين وسميتها لتستولي على المواقع الثقافية والإعلامية المؤثرة في بلادنا والتي كان ينبغي أن يحتلها مثقفون عراقيون لهم تاريخهم في العطاء الثقافي العميق والجميل وتاريخهم في النضال ضد الدكتاتورية. كل هذا يحدث باسم الديمقراطية كأنهم اليوم أوكلوا للديمقراطية أن تحفر قبرها بيديها في العراق لتدفن نفسها مع المثقفين الديمقراطيين وإنجازاتهم الإبداعية الديمقراطية! ما كنت أحسب أن قصر نظر الإدارة الأمريكية والقادة الوطنيين العراقيين يصل إلى هذا الحد!

* حول صدور آخر رواية لك ( الانحدار) والتي تدور حول اختفاء عقيد مقعد في الجيش وعملية البحث عنه،لماذا العقيد وهل هو رمز لمؤسسة معينة؟
- كتبت الرواية عام 2002 وتدور حول حادثة حقيقية وقعت في أحد أحياء بغداد عندما خطف أشخاص ضابطاً مقعداً من أمام بيته وكان يعاني من عاهة أفقدته النطق أصيب بها عندما غزا صدام الكويت! وقد طال بحث أهله عنه وتحير كثيرون في محاولة معرفة دوافع المختطفين!الرواية قصيرة نسبياً وقد حاولت الغوص في واقع مؤسسة الجيش العراقي التي أذلها صدام وحطمها كما أذلت هي العراقيين وحطمت مصيرهم عندما استعملت من قبل الحكام لغير الأغراض التي تعرفها النظم الحضارية والناس الأسوياء لمهمات الجيش في العالم!

*هل لديك رواية أخرى معدة للنشر؟
- لدي رواية طويلة تقارب الأربعمائة صفحة،تدور بعض أحداثها في كردستان وفي قلعة أربيل خاصة،وهي تتناول تجربة سياسية معقدة ولا أريد استباق الأمور في الحديث عنها وآمل أن تنشر قريباً!

بطاقة شخصية
bull; ابراهيم احمد من مواليد هيت الأنبار 1946
bull;خريج كلية الحقوق العام 1967
bull;بدأ النشر في الصحف العام 1965
bull;قدم برنامجاً إذاعياً يومياً من إذاعة بغداد لمدة تزيد على الخمس سنوات،وحتى منع مع مجموعة من الكتاب من دخول مبنى الإذاعة عام 1973.
bull;نشر مجموعته القصصية الأولى quot;عشرون قصة قصيرة جداًquot; عام 1976
bull;خرج للمنفى عام1979 سراً بعد منعه من السفر و ملاحقته لاعتقالهز
bull;أصدرت وزارة الإعلام العراقية مجموعته القصصية quot;زهور في يد المومياءquot; في محاولة للتشويه بعد أن حذفت منها عدداً من القصص والفقرات.
bull;أصدر في المنفي الكتب التالية :
bull;صفارات الإنذار مجموعة قصص
bull;بعد مجيء الطير مجموعة قصص
bull;المرآة مجموعة قصص
bull;طفل السي إن إن رواية
bull;التيه في أيس مجموعة قصص
bull;لارا زهرة البراري مجموعة قصص
bull;لديه العديد من المجاميع القصصية والروايات معدة للطبع
bull;عضو اتحاد الأدباء العراقيين منذ عام 1970
bull;عضو اتحاد الكتاب السويديين
bull;عضو نادي القلم العالمي
bull;ترجمت له العديد من القصص إلى لغات مختلفة كالإنجليزية والألمانية والسويدية والنرويجية وغيرها وبعضها نشر ضمن كتاب مدرسي مقرر على طلاب المدارس الثانوية في السويد عن أدب الشرق الأوسط.
bull;ينشر مقالاته في العديد من صحف المعارضة والصحف والمجلات العربيةالتي تصدر في لندن وغيرها من البلدان

bull;غادر العراق عام 1979وتنقل في المنفى بين سوريا والجزائر وهنغاريا واستقر منذ عام 1989في السويد .