حوار معسناء يونس نجمة الكوميديا
أحمد خضر من دبي: الفنانة سناء يونس صاحبة الحضور المميز على المسرح والشاشة، والأعمال الدرامية السينمائية والتلفزيونية والإذاعية الكثيرة وصاحبة الأدوار المتعددة المركبة ما زالت متجددة بالعطاء زارت دبي، وكان لنا معها الحوار التالي:
* يبدو أن الشهادة تلازم سناء يونس في العديد من الأدوار، ما الذي يجعلك تقبلين على تمثيل هذه الأدوار؟ لنعد إلى الوراء ما أثر طفولتك التي عشتها على مستقبلك المهني الذي تعيشينه الآن؟
ـ إن مستقبلي المهني تقرر منذ طفولتي حيث برزت موهبتي في المدرسة، وشاركت في المسرح المدرسي الذي غاب للأسف عن نشاطات مدارسنا في العالم العربي، وكانت لي هوايات متعددة إلى جانب التمثيل مثل الموسيقى والشعر والخطابة، وأعتبر نفسي قد تاسست بشكل سليم، وكبرت الهواية معي، وساعدتني الأسرة لتحقيق هوايتي، ورغم أنني لم ألتحق بمعهد الفنون الجميلة ودرست علم الاجتماع، إلا أنني كنت محترفة في الفرق المسرحية التي تم تشكيلها في ذلك الوقت، عندما كان يقوم على المسرح أساتذة كبار تعلمنا منهم معاني الالتزام في كل شيء، واحترام عقل وذائقة الجمهور والبعد عن الابتذال، ومن هنا فإنني أتوجه للأسرة والمدرسة للاهتمام بثقافة الطفل وتنمية قدراته الذهنية، وصقل شخصيته ومواهبه، وتوفير المناخ الذي يبرز فيه ثقافته وإبداعه.
* على ماذا اعتمدت الفنانة سناء يونس حتى تصل إلى هذا الحضور القوي؟
ـ ثلاثة أشياء هي: الصدق أولاً والموهبة ثانياً والهدف ثالثاً، ولأنني أؤمن أن الفن رسالة نبيلة استطعت تحقيق بعضها معتمدة على الصدق والإيمان بعملي.
* هذا الركام الهائل من الألم والدموع واللوعة والحقوق المستلبة الذي يكاد يطيح بالوجدان العربي، كيف استطاعت سناء يونس أن تزرع البسمة والأمل؟
ـ ما أحوجنا للبسمة ولكن شر البلية ما يضحك، من هذه المفارقة استمد بعض ما أقوم به، فالعالم عبارة عن مفارقة كبرى هذه الأيام، مقاومة الجندي الصهيوني الغاصب والمدجج بالسلاح إرهاب بينما قتل الأطفال في فلسطين عمل مشروع، الحجارة سلاح ودمار شامل أما الأسلحة النووية وصواريخ الفضاء فهي لعب أطفال، شيء مضحك ولكن بمرارة.
* ما الدور الذي تلعبه الروح الكوميدية في إسعاد الناس؟
ـ الكوميديا هي الوجه الآخر للألم، لكن لا بد أن تستمر الحياة، ولا بد من التغلب على ما يواجهنا من صعوبات بمختلف الوسائل، وفي اعتقادي أن الكوميديا، وضحكة الشعب الدائمة التي تمثل الحياة والتحدي أقوى من الإرهاب والعنف والقهر الاجتماعي والاحتلال الذي لا بد من تعريته ومواجهته واقتلاعه بمختلف الوسائل، ومنها الفن بكل أشكاله.
* المسرح بوابة يدخل منها الأمل، والطفل هو الأمل والمستقبل، أين ترين هذا الطفل العربي من المسرح؟
ـ مستقبل كل أمة هو مستقبل أطفالها، وضياعها بضياع أطفالها، فانظر كم هو مهم هذا الطفل، ولكن للأسف لم نجد له الكثير على المسارح العربية، وما يجري مجرد تظاهرات تنتهي قبل أن يتفرق المتظاهرون، ولا ننكر أن هناك جهوداً طيبة ومخلصة تعمل جادة في هذا الميدان.
* لكن الفنانين يبتعدون عن مسرح الطفل؟
ـ إن مسؤولية ابتعاد الفنانين عن مسرح الطفل تقع على المؤسسات ذات الاختصاص من وزارات ودوائر ثقافية، لأن ثقافة الطفل ما تزال مهمشة على مستوى العالم العربي، وما زال يستمد معارفه من وسائل غريبة عنه مما يؤثر عليه لاحقاً، كما أن لدينا أزمة في كتابة النصوص، فنحن نفتقد لكتابة النص المتخصص بثقافة الطفل عموماً والمسرح بشكل خاص، والآن أصبحت المسؤولية أكبر لأن أدوات ووسائل المعرفة المتاحة للطفل متعددة، وأصبح على درجة عالية من الوعي، لكنه سيبقى فريسة سهلة لثقافة التغريب التي تمارس عليه بسبب ثورة المعلومات إذا لم ننتبه لهذه المسألة، ونعيد النظر في التعاطي مع الطفل.
* كيف تتعاملين مع الشخصيات التي تقومين بتجسيد أدوارها من خلال ما تقدمينه من أعمال، وهل هناك تناقض بين الذات العميقة وبين الذات التي تتقمصينها في الدور التمثيلي؟
ـ أتعامل مع كل شخصية بصدق وحب شديد، وأغوص في أعماقها لفهم نوازعها وسلوكها، ثم أقوم بالمواءمة ما بين دواخل هذه الشخصية وشكلها الخارجي، وهذا يتطلب أن يكون بين يدي نص جيد، يعتني بالشخصية وعلاقاتها وبنائها وتشابكها مع الشخصيات الأخرى، وأنا أميل إلى تقديم الشخصيات الإنسانية المهمشة، وأحلام الإنسان البسيط، والأدوار الصعبة والمركبة.
* أثبت الفن أنه أجدر من السياسة في تفعيل الحس القومي الإنساني واستقطاب الجماهير.. هل تعتقدين أن الفن قادر على تحقيق وحدة الجماهير العربية وإعادة الأمل إليها في عصر طابع التردي؟
ـ نعم للفن قدرة رائعة على التأثر والتأثير، فهو سريع التأثر بهموم الجمهور، ومؤثر في هذا الجمهور، وهو خير إطار ترى فيه وحدة الأمة، الفن العربي واحد دائماً لكن الأنظمة السياسية هي التي تختلف، ولو ترك الفن يلعب دور السياسة أعتقد أن وحدة الشعب العربي مهمة سهلة جداً ذلك أن الفن يخاطب العقل والوجدان والمشاعر الإنسانية وآمال وطموحات المواطن العربي كلها في صميم عمل وتفاعل الفن مع الجمهور، ولا أعني بالفن التمثيل والغناء فقط بل هو الأدب بكل ميادينه مع الفنون جميعاً.
* الأمنية التي تراود سناء يونس في عصرنا الحالي؟
ـ حلم واحد فقط بسيط جداً بالمقاييس الإنسانية وسهل التحقيق، بل هو حاجة ماسة، إنه الوحدة العربية، فأنا امرأة عربية أؤمن أن لهذه الأمة مصير مشترك ولا يمكن أن تكون مهمشة.
* من هم أقرب الكتاب إلى روح الفنانة سناء يونس؟
ـ أحبهم إلى نفسي يحيى حقي، ويوسف إدريس، ولي الشرف أني عملت ليحيى حقي وهو من أهم كتاب القصة القصيرة، وكذلك يوسف إدريس وهو من الكتاب الذين أعجبت بهم لتواصله مع التراث بصدق وتجديده المستمر لكل ما يخدم الأدب، وكان لي عملان ليوسف إدريس هما: ( الشيخ شيخة ) و ( الستارة ) والتي كان موضوعها يدور حول كل ممنوع مرغوب.
* كيف ترى الفنانة سناء يونس واقع الفن العربي اليوم؟
ـ إنه نوع من التردي والابتعاد عن الأصيل ولا تكاد تجد الفنان الأصيل إلا نادراً، فقد كثر المتطفلون، وكثرت النصوص السطحية الخالية من المضمون القوي، وتدخلت السياسة، فحجمت الفن، وأحياناً غيرت اتجاهاته الطبيعية.
* ما أكثر الأعمال التي تعتزين بها؟
ـ إنه دوري الذي مثلت به أم شهيد فلسطيني، فقلت الصدق كل الصدق في هذا الدور، وعبرت عن الإذلال الذي يمارسه الصهاينة بحق الشعب العربي الفلسطيني، وكانت مدة الفيلم 11 دقيقة وهو ضمن شريط طويل يحكي عن 11 أيلول أمريكا، شارك فيه 11 مخرجاً من أنحاء العالم، وقد اختارني الأستاذ يوسف شاهين لأقوم بهذا الدور، وقد أثارت أل 11 دقيقة المخصصة للأستاذ يوسف شاهين ثورة أمريكا واحتجاجها، ولكنه دافع عن رؤيته وهو مؤمن بصدق وصواب ما يرى.
التعليقات