بعد قطيعة دامت أربع سنوات اثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري واتهام القوى المناهضة لسوريا الأخيرة بالوقوف وراء الحادث، يزور اليوم رئيس الحكومة سعد الحريري دمشق ويلتقي خلالها الرئيس بشار الأسد، في زيارة رأى محللون ومراقبون انها ستمهد لعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين وعودة المياه الى مجاريها للمرة الأولى بعد الانسحاب السوري من لبنان في نيسان (أبريل) 2005 اثر صدور القرار الدولي رقم 1559.

الدوائر الرسمية السورية أعدت العدة لاستقبال الحريري

بيروت، وكالات: صدر عن المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بيان جاء فيه: quot;سيقوم الرئيس سعد الحريري اليوم السبت بزيارة الى الجمهورية العربية السورية يجري خلالها محادثات مع الرئيس السوري بشار الاسد تتناول تطوير العلاقات بين الدولتينquot;.

وكان أكد مصدر وثيق الصلة بالقيادة السورية أنّ quot;الدوائر الرسمية أتمت استعداداتها وأنجزت تحضيراتها لاستقبال في خلال وقت قريب جدًاquot;، واضاف المصدر نفسه: quot;إذا أخذنا بالحسبان تحديد الإثنين المقبل موعدًا لانعقاد مجلس الوزراء اللبناني، فيمكننا أن نتوقع زيارة الرئيس الحريري إلى دمشق إما غدًا أو الثلاثاء المقبلquot;.

وزيارته الى سورياهي الاولى منذ اغتيال والده، ليبحث مع الرئيس السوري بشار الاسد العلاقات بين البلدين. وفي الثامن من كانون الاول/ديسمبر قال الحريري في خطاب امام المجلس النيابي خلال جلسة التصويت على الثقة، ان حكومته ستعمل على تحسين العلاقات مع سوريا المتوترة منذ اغتيال والده رفيق الحريري في 2005.

مواقف مرحبة

وفي المواقف أكد عضو تكتل quot;لبنان اولاًquot; النائب عمار حوري أن quot;لا غموض في زيارة الحريري الى دمشق، ولا تكتمّ في التفاصيلquot;، مشيراً إلى أن هذه الزيارة quot;هي زيارة رئيس حكومة لبنان الى دولة شقيقة، وستتبعها زيارات الى دول شقيقة أخرىquot;.

حوري، وفي مداخلة عبر محطة quot;LBCquot; أكد أن quot;الزيارة تتم على أساس منطق دولة لدولةquot;، وأضاف: quot;انها زيارة ستشكل بوابة للدخول إلى مرحلة جديدة وهي خطوة باتجاه ايجابيquot;.

وإذ لفت الى أن quot;لا جدول أعمال مسبق للمحادثات التي ستشمل تطوير العلاقات بين البلدينquot;، أشار حوري الى أنه quot;لم يُعلن حتى الآن رسمياً عن وفد مرافقquot;، إلا انه ختم قائلا: quot;خلال ساعات قليلة سيظهر كل شيء عبر الاعلامquot;

مجدلاني أكد زيارة الحريري الى دمشق اليوم

وأكد عضو كتلة quot;المستقبلquot; النيابية النائب عاطف مجدلاني quot;قيام الحريري بزيارة الى دمشق اليومquot;، موضحا في حديث الى اذاعة quot;لبنان الحرquot; ان quot;الزيارة تأتي في سياق طبيعي وهي تدخل ضمن العلاقات الطبيعية بين الدولتينquot;. وأعرب عن تخوفه من quot;مسؤولية التعاطي مع الظروف المستجدة والمرحلة المقبلة على خلفية التسوية السورية السعودية والتسوية الداخلية والإقليميةquot;.

وأشار النائب مجدلاني الى انه quot;بعدما استلم الحريري مشعل تيار المستقبل والحركة السياسية المنتشرة في كل لبنان، وضع نصب عينيه مصلحة لبنان ومن هنا كان التقاؤه مع القوات اللبنانية والحزب الإشتراكي وحزب الكتائب تحت شعار quot;لبنان اولاquot;. ولفت في هذا السياق الى أن quot;حركة 14 آذار ليست حركة سياسية وانما حركة شعبية تواقة الى الإستقلال الحقيقيquot;، مؤكدا quot;عدم تفكك قوى 14 آذار أو الأكثرية النيابيةquot;. وأوضح ان quot;زيارة الحريري تأتي بعد مسيرة نضالية يقوم بها رئيس حكومة لبنان الى دمشق وهي زيارة مؤسساتية رسمية بمعنى ان مؤسسة وزارية تزور مؤسسة وزارية في سوريا، وهو يذهب الى سوريا من موقع قويquot;.

وردا عن سؤال في ما اذا انتفت الإتهامات التي كانت موجهة للنظام السوري بمقتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، أوضح النائب مجدلاني انه quot;لا شك بأن هناك مسؤولية سورية بمقتل رفيق الحريريquot;. ولفت في سياق متصل، الى أن quot;الإستنابات القضائية تأتي في سياق quot;الزكزكةquot; وليوضح الجانب السوري لحلفائهم في لبنان بأنهم لم يتخلوا عنهم، فضلا عن أنه قد يكون لهذه الإستنابات علاقة بالمحكمة الدولية فعلياquot;.

في البيان الوزاري، أشار الى ان quot;من هاجم رفيق الحريري وحمّله وزر الدين العام وافقوا في البيان الوزاري على السياسة التي كان يعتمدها رفيق الحريري في ما مضىquot;، معتبرا أن quot;المناخ الإقليمي أثرفي الفريق الآخر الذي غيّر بمواقفه بحسب المتغيرات الإقليميةquot;. واستغرب النائب مجدلاني موقفه من سلاح quot;حزب اللهquot; والذي اشار فيه الى انه يبقى حتى عودة الفلسطينيين الى فلسطين واعتبره quot;خروجا عن ورقة التفاهم والبيان الوزاريquot;.

ورأى ان quot;الحل هو الإلتزام بالقرارات الدولية والتمسك باتفاقية الهدنة مع اسرائيل، ولاسيما ان سوريا عاودت مطالبتها بمفاوضات غير مباشرة مع اسرائيلquot;، متسائلا quot;لماذا يمكن للتفاوض بين سوريا واسرائيل أن يصل الى نتيجة ولا توصلنا المفاوضات مع اسرائيل بطريقة غير مباشرة في لبنان الى اي نتيجة؟quot;. وأوضح ان quot;دور المقاومة انتهى واليوم جاء دور الدولة القوية القادرة على احتواء هذا السلاح وجعله تحت امرتها، لإمكان اعادة بناء الدولةquot;.

الوزير سعادة: زيارة الحريري الى دمشق تطوي صفحة الماضي

كما اكد وزير الدولة يوسف سعادة في حديث الى quot;صوت المدىquot; أن quot;رئيس تكتل quot;لبنان الحر الموحدquot; النائب سليمان فرنجية لم يطرح نفسه كوسيط بين سوريا والحريري او بين سوريا وأي فريق لبناني آخرquot;، لافتاً الى ان quot;ما يقوم به فرنجية هو نقل للكلام الجميل الذي يسمعه من الفريقينquot;، مشدداً على ان quot;لا دور مباشرًا ولا دور وسيطًا له quot;.

وأشار سعادة الى أن quot;زيارة الحريري الى سوريا تطوي صفحة الماضي وتؤسس لمرحلة جديدة مبنية على العلاقات المتبادلةquot;، معتبراً أن quot;الدور ليس فقط على سوريا بل على اللبنانيين ايضاًquot;، لافتاً الى أن quot;في لبنان من قام بأخطاء كما فعلت سورياquot;. واعتبر ان quot;هذه الزيارة هي فرصة جدية لعلاقات طبيعية بين البلدينquot;، مشدداً على أنه quot;هناك دور مطلوب من سوريا ودور مطلوب من لبنان لتأسيس علاقات متبادلة لمصلحة البلدينquot;.

ومنذ دخوله معترك الحياة السياسية بعد اغتيال والده رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005، لم يجر سعد الحريري اي اتصالات رسمية مع نظام بشار الاسد. وسبق ان اتهم سعد الحريري وقوى 14 آذار/مارس التي يعتبر ابرز اركانها، سوريا بالوقوف وراء عملية اغتيال والده التي وقعت في بيروت اثناء الوصاية السورية.

وبعيد تشكيل الحكومة الجديدة، تلقى الحريري برقية تهنئة من نظيره السوري ناجي عطري. وفي لقاءاته الضيقة يدرج الحريري احتمال قيامه بزيارة لدمشق في اطار quot;واجباته كرئيس حكومة لكل لبنان التي تحتم عليه عدم التوقف عند الاعتبارات الشخصيةquot;.

قزي: علاقات جيدة لا تتم بالزيارات فقط

الى ذلك رأى المستشار السياسي لرئيس حزب quot;الكتائبquot; سجعان قزي ان الزيارة هي زيارة لا حول ولا قوة وهي تطبيق لمندرجات القمة السورية-السعودية، آملا أن تكون هذه الزيارة فاتحة لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين لأن الوقت حان ليدرك كل اللبنانيين أن علاقات سيئة مع سوريا هي سوء على لبنان وأن علاقات فوقية مع اللبنانيين تنعكس سلبا على العلاقات الثنائية.

قزي، وفي مداخلة عبر تلفزيون quot;المنارquot;، اعتبر ان العلاقات الجيدة لا تتم بالزيارات وحدها إنما بحل الملفات العالقة، متمنيا أن تُحل اليوم قبل الغد حتى نرتقي بالعلاقات بين البلدين الجارين الى مستوى أفضل. وامل قزي ان تحل قضية المفقودين وان يتم ترسيم الحدود بشكل نهائي وان تقدم سوريا الى الامم المتحدة المستندات حول مزارع شبعا وأن تنظر سوريا نظرة جديدة للبنان، معربا عن اعتقاده بأن الحريري مصمم على إقامة علاقات جيدة مع سوريا وقد أعلن ذلك في البيان الوزاري وفي تصريحاته في كوبنهاغن وها هي الزيارة اليوم تأتي لتترجم هذه النيات الكلامية، معلنا تأييده لهذه الزيارة وأن يحصل تبادل زيارات كأن نرى رئيس حكومة سوريا في لبنان، كما قال.

غاريوس: الحريري يزور سوريا ممثلاً للبنانيين ومتسلحاً بوحدتهم

ولفت غاريوس الى ان الحريري ذاهب من اجل علاقات جيدة ويمثل كل اللبنانيين، معتبرا ان المباحثات ستكون حول الملفات العالقة بين البلدين، وان الحريري يزور دمشق متسلحاً بوحدة وطنية. وبالنسبة إلى زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى واشنطن، شدد غاريوس على ان سليمان مثل لبنان وطالب برفض التوطين فيما ردود الرئيس الاميركي باراك اوباما كانت لخدمة مصالح اسرائيل.

منيمنة: زيارة الحريري مهمة للغاية

واكد وزير التربية حسن منيمنة ان الزيارة مهمة جدا لانها تشكل اعلانا لبنانيا عن نية حقيقية لبناء علاقات صحيحة مع دمشق. واشار خلال حديث لتلفزيون quot;أخبار المستقبلquot; الى ان الجميع يسعى الى التهدئة الداخلية، لافتا الى ان المصالحات العربية والوضع الاقليمي بالاضافة الى التفهم الدولي ان مسألة المقاومة تحل داخليا، عوامل تزيد من اهمية زيارة الحريري الى دمشق.

وشدد على ان مجلس الامن لا يلغي او يسحب قرارات لان القرارات لا تخص دولا معينة فقط بل تخص هيئة دولية، لافتا الى ان القرار رقم 1559 يجب ان ينفذ لان الجيش الاسرائيلي ما زال يحتل اراضي لبنانية، واذا ألغيناه نلغي المطالبة بالانسحاب الاسرائيلي، لافتا الى ان الجزء الاخر من هذا القرار اي نزع سلاح الميليشيات يتوافق مع اتفاق الطائف وهذا امر طبيعي. واشار الى ان الجميع متفقون على اهمية السلاح لمواجهة اسرائيل، لكن ما نرفضه هو ان يستغل داخليا، مشددا quot;على انه لا يمكن لأحد ان يفرض التوطين ما زال الجميع متفقين على منعه، مضيفاً: quot;لا داعي لاستعمال حجج حول هذا الموضوعquot;.

الخازن: خطوة سياسية جريئة

هذا وأكد رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن أن الزيارة تشكل خطوة سياسية جريئة في إتجاه سوريا بعدما تعرضت العلاقات اللبنانية - السورية لاهتزازات عميقة وعنيفة على وقع الحرب الأميركية على العراق وما استتبعها من حروب تفكك ومحاولات انفصال في العراق والصومال والسودان واليمن.

واعتبر ان هذه الزيارة لا تندرج في السياق البروتوكولي أو الدبلوماسي، بل هي زيارة إستراتيجية بمعنى الكلمة تعطي للبنان الضمانات التي يطالب بها من دون أن تنزع في جوهرها حقيقة عمق الترابط المصيري المواجه لإسرائيل، لافتا الى ان لهذا الأمر متطلباته ومستلزماته بالوسائل الدفاعية الوقائية التي تضع تصورا مشتركا لكيفية المواجهة العسكرية مع إسرائيل إذا ما وقعت أو فرضت علينا.

ولفت الى ان القيادة السورية بدأت منذ لحظة الإنفراج الإقليمي والداخلي في لبنان تشجع على الإجراءات الدستورية الضرورية لقيام دولة المؤسسات بدءا بانتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان مرورا بإنجاز الإستحقاق النيابي على أفضل وجه. واشار الى ان سوريا عملت على دفع التفاهم لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية بأكبر قدر متاح. وهي ، منذ سنة، ما إنفكت تعمل مع الجانب اللبناني على ترسيم الحدود بين البلدين بدءا من الشمال بعيدا عن أي تداول إعلامي. وشدد على أن سائر الملفات العالقة لا يمكن أن تبحث بين ليلة وضحاهاquot;.واضاف: quot;يكفي أن تكون هذه الزيارة، بما ترمز إليه من رغبة مشتركة وثقة متبادلة، أن تشيع الأجواء المطلوبة لبت المشكلات التي تتضاءل أمام القرار التاريخي الذي إتخذه الرئيسان بشار الأسد والعماد ميشال سليمان بإقامة علاقات دبلوماسية لأول مرة منذ مطلع إستقلال البلدينquot;