إيلي الحاج من بيروت: لا تزال المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه تشكل المحرك الخفي لكل الحركة السياسية في لبنان، والتطورات المرتقبة المتعلقة بهذه المحكمة تثير قلقًا في الأوساط المتابعة لما يجري وراء الكواليس، خصوصًا في ضوء المعلومات - غير المثبتة ولا الأكيدة حتى الآن - عن قرار إتهامي يشبه ما أوردته مجلة quot; در شبيغل quot; الألمانية. وتقر مراجع سياسية لبنانية سألتها quot; إيلاف quot; عن هذا الموضوع بأن المعلومات عنه غير كافية، لكنها تكهنت بأن يصدر القرار خلال أشهر قليلة وليس أسابيع، متمنية ومفضلة أن يُسحب هذا الموضوع من التداول الإعلامي نهائيًا.

وتلاحظ المراجع أن لجنة التحقيق الدولية عاودت نشاطها بكل قوة في بيروت، وتكشف أنها عاودت استجواب أكثر من مئة شخص، كما أنها تعمل في كل الإتجاهات. وكان رئيس quot;تيار التوحيد اللبنانيquot; الوزير السابق وئام وهاب، الوثيق الصلة بأجواء دمشق وquot;حزب اللهquot; سبق الجميع في إثارة هذا الموضوع الساخن فور انتهاء الإنتخابات النيابية في 7 حزيران / يونيو الماضي، محذرًا من قرار اتهامي يحمّل quot;حزب اللهquot; المسؤولية عن اغتيال الحريري، معتبرًا أنه سيكون محاولة إسرائيلية للقضاء على الحزب بعدما أخفقت إسرائيل في القضاء عليه في حرب تموز/ يوليو 2006، ومضيفًا أن quot;التقرير الذي نشرته quot;درشبيغلquot; مصدره إسرائيل وكل من يروّج له ويتبناه اسرائيلي وسيعامل على هذا الأساسquot;.

وكان سبق للأمين العام لـ quot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله أن أوضح لدى تخلية سبيل الضباط الأمنيين الأربعة أنه لا يعطي رصيدًا مفتوحًا للمحكمة، وإن أشاد بقرارها تخلية الضباط، وقال إنه سيتعامل مع كل خطوة تتخذها على حدة ويقرر طريقة التعامل معها. وليل الإثنين الماضي زار وهاب رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط والتقيا للمرة الأولى منذ أعوام عدة، وصرح وهاب على الأثر إن quot;هناك كلامًا على طريقة مواجهة المرحلة المقبلة خصوصًا في ضوء القرار الظني الذي سيصدر عن المحكمة الدولية، ورأيي الخاص في هذا الموضوع واضح، كذلك الأستاذ جنبلاط متخوف من انعكاسات هذا الأمر ويهمه إلى حد كبير استيعاب أي ردود فعل أو انعكاسات quot;.

وكان جنبلاط قد تخوف في أحاديث مغلقة ومتسربة من توترات يمكن ان تكون المحكمة الدولية احدى مسبباتها، نتيجة لتغيير طرأ على مسار التحقيق وتحول وجهة الاتهام من اتهامات سياسية في حق النظام السوري الى اتهامات قضائية في حق quot;حزب اللهquot;، على غرار ما أوردت المجلة الألمانية. ويقول قريبون من الرجل إن هذا القلق الذي يساوره قد يكون أحد أسباب ودوافع لسياسة وقائية يقوم بها جنبلاط حاليًا، تحسبًا لأخطار فعلية يريد ان تظل منطقته وطائفته خارجها، لكنه ليس السبب أو الدافع الوحيد.

ويضيفون إن شعار جنبلاط في هذه المرحلة هو إن quot;السلم الأهلي فوق كل اعتبارquot;. شعار يوافقه عليه جميع المنضوين إلى قوى الغالبية أو 14 آذار / مارس، مع إضافة بسيطة، هي أقرب إلى سؤال :quot;هل يتحقق سلم أهلي ndash; في المبدأ- بغياب مفهوم العدالة في المطلق؟quot;.

أما رئيس حزب quot;القوات اللبنانية سمير جعجع ففي معلوماته إن ما سيصدر عن المحكمة على المدى المنظور ليس قراراً إتهامياً، بل طلبات جلب يمكن ان يتقدم بها المدعي العام دانيال بلمار لاستدعاء شهود وسماع افادات، ويمكن ان تواجه هذه الطلبات بالاعتراض وعدم التجاوب، خصوصًا أنها تؤشر إلى جهة معينة وإلى مسار التحقيق، الأمر الذي قد يتسبب بتشنجات وتوترات لدى بعض الأطراف. ولا يتوقع جعجع صدور القرار الإتهامي في ذاته قبل نهاية السنة.

في هذا الوقت تضج الكواليس السياسية في لبنان بأسئلة تبحث عن أجوبة، من نوع: ما العمل إذا تطابق مضمون ما تسرب في quot;در شبيغلquot; مع القرار الظني؟ ماذا يمكن أن يكون رد فعل quot;حزب الله quot;، هل يبحث عن شبكة أمان داخلية أم يندفع في اتجاه مفاجىء وربما عنيف في اتجاه الداخل أو الخارج ؟

وماذا يجب أن يكون الموقف من هذا التطور القضائي quot;المخيفquot; إن لم يكن أكثر في حال حصوله ؟ والأهم ما هو انعكاس هذا المعطى على عملية تشكيل الحكومة التي تتعثر بين يدي الرئيس سعد رفيق الحريري؟ لا يخفف من وقع هذه المخاوف والأسئلة الحائرة إلا تطمينات إلى أن الموضوع غير داهم، وثمة دولة عربية تسعى بجهد إلى إرجائه برمته. علّ اللبنانيين والمصطافين في ربوعهم من مغتربين وسياح هرب وأجانب يحظون بصيفية بعيدة عن الهواجس والمنغّصات.