بيروت، وكالات: قال النائب اللبناني وليد جنبلاط في وقت متأخر من ليل أمس أن كل ما فعله في خطابه هو أنه ذكّر بالمحطات النضالية التي تشكل جزءا من تراث الحزب وهويته، متسائلا: ألا يحق لي في مناسبة حزبية تنظيمية، بحضور رفاق قدامى من الرعيل الاول أعتز بهم، ان أذكّر بتاريخ الحزب وان أدفع في اتجاه إحيائه؟
وعن تعليقه على موقف quot;تيار المستقبلquot; الي أصدر بيانا للرد عليه في وقت لم يسمه، قال جنبلاط: هل ان عشرات المحطات النضالية المشرقة للحزب التقدمي، من الاعتراض على حلف بغداد الى المحكمة الدولية مرورا بالكثير من العلامات الفارقة، هي تاريخ معيب؟ غريب هذا المنطق الذي لا أفهمه، وإذا كان البيان الصادر هو رد فعل على موقفي من quot;لبنان أولاًquot;، فإن الامر لا يستحق هذه الحدة.. على كل حال، سأتجنب الدخول في سجال مع quot;تيار المستقبلquot; بانتظار توضيح منهquot;.
وعما إذا كان يمهد لتأسيس حركة وطنية جديدة، لفت الانتباه الى ان همّه قبل ذلك، quot;هو إعادة بناء الحزب على أساس الثوابت التاريخية ورصد مدى استيعاب الجيل الجديد شعاراتي وطروحاتي والى أي حد هو مستعد للتأقلم معهاquot;، مشيرا الى انه يدرك ان المتغيرات في العالم فرضت لغة جديدة، quot;وأنا لن أنهي حياتي باستخدامها، لكنني سأسعى الى تطوير اللغة القديمة مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية والقوميةquot;.
حمادة: موقف جنبلاط ترجمة لاستقلالية الحزب
الى ذلك أكد عضو quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب مروان حمادة أن quot;ما استطيع ان المح اليه في المواقف التي أطلقها النائب جنبلاط في الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي، أنها ترجمة لإستقلالية الحزب في المواضيع الاقتصادية والسياسيةquot;.
حمادة وفي اتصال لـquot;المؤسسة اللبنانية للإرسالquot; في برنامج quot;نهاركم سعيدquot; رداً على سؤال عن تأثير مواقف جنبلاط على تشكيل الحكومة والأقلية والأكثرية فيها شدد على quot; أن هناك ميلاً أكيداً لعدم نسف الأكثرية التي يتمتع بها الرئيس المكلف سعد الحريريquot;.
سعيد: مكان جنبلاط سيبقى محفوظا
وقد أعلن منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد لـquot;النهارquot;: هناك اختلاف واضح ومن دون أي التباس في وجهات النظر بيننا وبين النائب جنبلاط. لا ننكر أياديه البيضاء في ثورة الارز وانتفاضة الاستقلال، وبحكم الصداقة والخبز والملح بيننا وبينه ودوره الرئيسي في ثورة الارز والاستقلال لن ننقاد الى الكلام الاعلامي والتشنج الكلاميquot;. واضاف: quot;قراءتنا السياسية للمرحلة المقبلة تختلف تماما عن قراءة جنبلاط وهو في موقع سياسي يختلف عن موقعنا. وفي ما يتعلق بمستقبل حركة 14 آذار نؤكد أنها ستستمر في ثوابتها ومبادئها. وموقع جنبلاط يظل محفوظا كي يشغله ساعة يريدquot;.
من ناحية ثانية قال سعيد لـquot;صوت لبنانquot; في اتصال مباشر معه صباح اليوم: quot;حصل اكثر من اتصال البارحة مساءًَ بيننا وبين اكثر من قيادي من الحزب الاشتراكي وأكدوا ان كلام جنبلاط هو نقد ذاتي قاله امام كوادر حزبيةquot;. وأضاف سعيد quot;الموقف التي توصل اليه وليد جنبلاط يضع الناس امام حيرة في عدة مواضيع ومن المبكر جزم التوجه الذي ستتخذه الأمورquot;.
ترحيب من قوى 8 آذار بمواقف جنبلاط
في المقابل رحب رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان، بـالمواقف الوطنية التي أعلنها جنبلاط، معتبراً انها quot;تشكل خطوة منتظرة في المسيرة الانقاذية الوطنية التي انطلقت في الحادي عشر من ايار 2008quot;. وقال quot;أهلا وسهلا بهذا القرار الوطني العربي النابع من تاريخ بني معروف ومن تاريخ هذه الأمة المقاومة ضد الاستعمار والصهيونيةquot;. وكان ارسلان قد اتصل بجنبلاط، وهنأه quot;على هذا الموقف التاريخيquot;.
رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان قال لـquot;السفيرquot; رداً على سؤال حول قراءته مواقف جنبلاط، quot;إننا نشعر من خلال ما سمعناه بالأمس وكذلك من خلال متابعتنا لمواقفه الأخيرة، بأن وليد جنبلاط قد عاد إلى موقعه، ومن خلاله إلى مواقع مضيئة له ولحزبه، ذلك أن الحزب الاشتراكي كان من الأطراف الأساسية التي أسقطت اتفاق السابع عشر من أيار، كما أن حزبه كان ولا يزال يشدد على مركزية القضية الفلسطينية وعلى أن حق العودة للفلسطينيين هو حق مقدسquot;. واردف quot;أنا أعتقد أن تأكيده على اتفاق الطائف ولا سيما ما يتعلق بالعلاقات اللبنانية ـ السورية المميزة، هو أيضا من معالم الموقف الجديد ـ القديم للتقدميين الاشتراكيين، عدا عن إعادة تأكيد موقفه ورؤيته للصراع العربي الإسرائيلي ولأبعاد المشروع التقسيمي التفتيتي في لبنان، الذي كان كمال جنبلاط وحزبه قد لعبا دورا رياديا في إسقاطهquot;.
وأضاف حردان quot;القوميون السوريون لن ينسوا أبدا مواقف الشهيد كمال جنبلاط من مسألة اغتيال زعيمهم أنطون سعادة في العام 1949، حيث كان الزعيم اللبناني الوحيد الذي وقف إلى جانبه علنا وأدان اغتيالهquot;، وقال quot;الموقف المستجد لجنبلاط يرسم رؤية جديدة تمهد لنمط جديد من العلاقات السياسية على الصعيد الداخلي، باتجاه قوى وطنية وقومية وتقدمية قال جنبلاط انه يريد فتح صفحة جديدة معهاquot;.
وقال الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة لـ quot;السفيرquot; إن الحزب شعر بارتياح إلى المعايير الثلاثة التي أعاد وليد جنبلاط التأكيد عليها، أولها المعيار الوطني بعنوانيه المتلازمين المقاومة وفلسطين ومواجهة المشروع الأميركي الإسرائيلي، وثانيها المعيار الاقتصادي الاجتماعي عبر الانحياز إلى مصالح أغلبية اللبنانيين ممن سُلبت حقوقهم بفعل تلازم سلطة المال والمذاهب، وثالثها معيار الإصلاح السياسي عبر الدعوة إلى إلغاء الطائفية السياسية وتحقيق العلمنة الشاملة.
أضاف: quot;لا مستقبل مشرقا للبنان خارج هذه المعايير والمفاهيم، وبالتالي نعتبر أن العودة إليها يعطينا نوعا من الاكتفاء رغم الخسائر التي دفعناها طيلة المرحلة الماضية، وربما يعيد المستقبل الاعتبار إليها ومن خلالها لليسار اللبناني الحقيقي كما فهمه حزبنا في الماضي واليوم، وبالتالي لا مشكلة عندنا لبناء علاقات وطيدة مع الحزب التقدمي، قياديا وقواعديا وقطاعيا، وبشكل تدريجي، بما يزيل الغبار عن الماضي القريب ويؤسس لمرحلة جديدة وفق المعايير الثلاثةquot;.
اما رئيس تيار التوحيد اللبناني وئام وهاب فقد قال لـquot;السفيرquot;: quot;نعم هذا هو وليد جنبلاط الذي نعرفه ابن الشهيد الرمز كمال جنبلاط.. وفي الموقع الطبيعي له بعد أن أمضى أكثر من أربع سنوات في موقع لم يكن طبيعياًquot;.
من جهة اخرى، وفي رد على مواقف النائب جنبلاط، قال رئيس مجلس قيادة حركة الناصريين الأحرار زياد العجوز quot;أننا لم نتفاجأ بموقف السيد وليد جنبلاط الذي مهد الطريق مسبقاً لإعلانه الإنقلابي على حلفائه، ونحن نقر ونعترف ونحترم مواقف أي فريق سياسي وخياراته التي يتخذها في تحديد موقعه ولكن ما لا نفهمه ولا نتقبله هو إلقاء الإتهامات جزافاً لتبرير هكذا مواقفquot;. وتابع العجوز quot;لقد فتح السيد جنبلاط في موقفه الأخير باب الجدل واسعاً أمام العديد من الإستفسارات حول معنى الشراكة والوحدة الوطنية، ونحن الذين استنكرنا نبشه لمفردات الماضي عندما بدأ يطلق اتهاماته للفريق المسيحي بالإنعزالية لنصل اليوم الى المعادلة القديمة اليمين واليسار، وعليه فنقول للأخ والرفيق وليد جنبلاط بأن الوحدة الوطنية والشراكة الحقيقية لبناء الوطن للحفاظ على عروبته وحريته وسيادته وإستقلاله تمثلت بقوى الرابع عشر من آذار وبثورة الأرز ونضالها وتضحيات أبنائها التي استشهد منهم خيرة رحالات الوطن وعلى رأسهم الرئيس الشهيد رفيق الحريريquot;.
وختم العجوز رده سائلاً الرئيس المكلف سعد الحريري quot;على أي فريق سياسي سيحسب وزراء الحزب التقدمي الإشتراكي في تشكيلته؟ وهل ستحصل المعارضة على الأغلبية في الحكومة العتيدة نتيجة لتبدل مواقف السيد جنبلاط ؟
الصحف لبنانية تخشى ان يؤدي quot;انقلابquot; جنبلاط الى تاخير الحكومة
بدورها اعربت صحف لبنانية الاثنين عن خشيتها من ان يؤدي quot;انقلابquot; الزعيم الدرزي وليد جنبلاط احد كبار قادة قوى 14اذار التي تمثلها الاكثرية النيابية على حلفائه الى تاخير ولادة الحكومة التي يعكف الرئيس المكلف سعد الحريري على تشكيلها منذ اكثر من شهر. وتحت عنوان quot;جنبلاط يعلن طلاقه مع 14 اذارquot; رات quot;النهارquot; المقربة من الاكثرية النيابية quot;ان المضاعفات الطارئة تهدد الاستحقاق الحكومي بجمود طويلquot;.
واشارت الى quot;ان الصدمة الضخمة التي فجرها (جنبلاط) لم تقف عند حدود الرد الفوري واللاذع لتيار المستقبل بل اتسعت لتقتحم على ما يبدو المنحى الذي تسلكه عملية تاليف الحكومة مما يستتبع تاخيرا اضافيا في ولادتهاquot;.
واضافت quot;الطلاق المعلن مع قوى 14 اذار والتحول الاستراتيجي في موقف احد اركانها الكبار يرتب على الاقل اياما لقراءة ابعاده سواء بالنسبة للاكثرية او للفريق الاخر في عز المخاض الحكوميquot; ونقلت عن اوساط متابعة quot;احتمال الذهاب بالاستحقاق في اتجاه اخر والى التفكير الجدي في حكومة تكنوقراطquot;.
وكان الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري قد اعلنا الاسبوع الماضي التوصل الى صيغة توزيع الحصص على الاطراف السياسية بدون ذكر اعداد محددة لكن معلومات صحافية ومصادر سياسية مقربة من الطرفين اكدت ان الاتفاق رسا على ان تكون الحكومة ثلاثينية تتضمن 15 وزيرا للاكثرية وعشرة للاقلية وخمسة لرئيس الجمهورية.
وكان جنبلاط اعتبر في كلمة القاها الاحد امام مؤتمر حزبي ان تحالفه مع قوى الرابع عشر من اذار/مارس quot;كان بحكم الضرورة الموضوعية ولا يمكن ان يستمرquot;، داعيا الى quot;وجوب اعادة التفكير بتشكيلة جديدة (...) من اجل الخروج من هذا الانحياز والانجرار الى اليمين والعودة الى اصولنا وثوابتنا اليساريةquot;.
وكتبت صحيفة quot;السفيرquot; المقربة من الاقلية النيابية التي يعتبر حزب الله ابرز اطرافها quot;ان الاكثرية التي تباهت بحصولها على 71 نائبا تفقد اكثريتها بخسارة كتلة جنبلاط (11 نائبا) وانه quot;صار على 14 و8 اذار (الاقلية النيابية) ان يحسبا حسابات جديدة في محطات كثيرة quot;لاسيما منها الاستحقاق الحكومي القريبquot;.
ورات quot;السفيرquot; ان جنبلاط quot;اعلن رسميا انتهاء صلاحية هذا الاطار السياسي (قوى 14 اذار)quot; بعد ان quot;فقد عصبه السياسي الجنبلاطيquot; وبعد quot;انتفاء الاشتباك السعودي السوري وذهاب البلدين نحو مرحلة سياسية جديدة على صعيد العلاقات الثنائيةquot; في اشارة الى التقارب الاخير بين سوريا والمملكة العربية السعودية التي تعتبر ابرز داعمي قوى الاكثرية.
وعنونت صحيفة quot;الاخبارquot; المقربة من الاقلية في صفحتها الاولى quot;جنبلاط يقلب الطاولة وداعا 14 اذارquot;. ورات بان مواقف جنبلاط quot;تطرح الثقة جديا بالاكثرية كما تحد من قدرة الرئيس المكلف على التصرف بحرية كبيرة بصفته زعيما لاكثرية نيابية كبيرةquot;.
من ناحيتها رات صحيفة quot;السفيرquot; بان جنبلاط quot;زار الاحد عمليا دمشقquot; لان زيارته quot;باتت بحكم الحاصلة سياسياquot; بعد موقفه الاخير. واعتبر جنبلاط في كلمته الاحد ان quot;عهد الوصاية السورية ولى والجيش السوري انسحب فكفانا بكاء على الاطلالquot; رغم انه تصدر الداعين لخروج القوات السورية من لبنان بعد اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري عام 2005.
كما ابدى جنبلاط شكوكا حول عمل المحكمة الدولية التي ستحاكم المتهمين باغتيال رفيق الحريري وقال quot;لا نريد ان تتحكم بالمحكمة دول او ربما جهات تأخذها الى غير محلها (...) ربما الى تحريف المنهج الاساسي وهو العدالةquot; من دون ان يقدم تفاصيل اضافية.
وفي اول رد فعل من جانب قوى 14 آذار اكد في بيان تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة المكلف quot;تمسكه بمبادئ ثورة الارز عموما وبذكرى 14 آذار خصوصاquot; مشددا على ان هذه القوى quot;لم تكن يوما قوى رافضة للآخر بل كانت قوى انفتاح تطالب بتطبيق الطائفquot; وهو الاتفاق الذي وضع حدا للحرب الاهلية في لبنان التي دامت خمسة عشر عاما (1975-1990). وبدون تسمية جنبلاط مباشرة اضاف البيان quot;اذا اراد البعض ان يذكر بتاريخه فلا بأس شرط ان لا نعود الى التاريخ المعيب الذي كان فيه كثيرون شركاء في اعلاء مصالحهم الخاصة على مصلحة الوطنquot;.
جعجع هدد بالرد على جنبلاط
وعلمت صحيفة quot;السفيرquot; أن بيان تيار quot;المستقبلquot; جاء في ضوء مشاورات واسعة بين رئيس الحكومة المكلف الحريري وقيادات 14 آذار ولا سيما رئيس quot;القواتquot; سمير جعجع الذي هدد باعلان موقف وكذلك حزب quot;الكتائبquot; وبعض مسيحيي 14 آذار quot;المستقلينquot;، وتم التوافق على أن يكون هذا البيان هو بداية الرد على ما أعلنه جنبلاط.
التعليقات