إبراهيم عوض من بيروت: تزايدت المخاوف في الأسابيع الثلاثة الماضية من عودة الأوضاع إلى التدهور بين منطقتي باب التبّانة (السنيّة) وجبل محسن (العلويّة) جرّاء عدد من التفجيرات التي شهدها الجبل بصورة خاصة، والتي كان آخرها إطلاق قذيفة quot;إينرغاquot; على أحد منازله أصابت طفلة بجروح. وقد تزامنت هذه الحوادث مع بوادر توتّر سجّلت عند مخيّم البدّاوي (شمال طرابلس) بين الجيش اللبناني والفصائل الفلسطينيّة داخله نتيجةً لقيام عناصر من الجيش باتّخاذ إجراءات عسكريّة عند مدخل المخيّم. كما كان للتصريح الذي أدلى به القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علّوشمتّهمًا فيه quot;حزب اللهquot; بتسليح مجموعات معيّنة في طرابلس أثره في ارتفاع منسوب القلق في نفوس الطرابلسيين.

وقد جاء اتّهام علّوش هذا إثر الإعلان عن ضبط القوى الأمنيّة مخزنَ سلاح في منطقة الزاهريّة داخل المدينة وبعد المؤتمر الصحفي الذي عقده زميله في التيّار النائب محمد عبد اللطيف كبارة وحمل فيه على quot;حزب اللهquot; ورئيس تكتل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون.

هذا وتضاربت المعلومات حول قصّة مخزن السلاح الذي اكتشف أمره. ففيما أعلن علّوش عن أنّ المعطيات المتوافرة لديه تشير إلى أن مصدر الأسلحة هو quot;حزب اللهquot; مطالبًا الأخير بموقف واضح حول هذه القضيّة، امتنع الحزب عن التعليق على الموضوع، إلاّ أنّ المسؤول السياسي في الحزب العربي الديمقراطي (العلوي) رفعت عيد نجل رئيس الحزب النائب السابق علي عيد نفى وجود أيّ علاقة لـquot;حزب اللهquot; بهذا المخزن ملمّحًا إلى أنّ صاحبه ليس بعيدًا عن حركة quot;فتح الإسلامquot; فيما عمّه متعاطف مع quot;حزب اللهquot;، الأمر الذيتمّ استغلاله من قبل بعض الجهات لإقحام الحزب في هذه المسألة.

وأكّد عيد في حديث تلفزيوني أمس على أنّ أهالي جبل محسن مصمّمون على عدم الانجرارنحو الفتنة، مكرّرًا قوله بعدم علاقة أبناء التبانة بما تعرّض له الجبل أخيرًا من عمليّات تفجير، متسائلاً عن الدّور الذي يقوم به جهاز فرع المعلومات في التبانة محمّلاً إياه مسؤولية اهتزاز الوضع الأمني في طرابلس. واستغرب عيد الأخبار التي تحدّثت عن قيام والده بزيارة الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري وإبلاغه قيام quot;حزب اللهquot; بتسليح مجموعات وأفراد في طرابلس، وقال إنّه حاول الاتّصال بمدير مكتبه نادر الحريري لاستيضاح الأمر معتبرًا أنّ نشر مثل هذه الأخبار الكاذبة من الخطورة بمكان.

وقد كشف مصدر أمني مسؤوللـquot;ايلافquot; بعض الجوانب المتعلّقة بمخزن السلاح المذكور، فأوضح بدايةً أنّ مجموع الأسلحة التي صودرت ليس بقليل وهي من النوع الحديث وتتضمّن رشاشات ثقيلة، لافتًا إلى أنّ التّحقيق في إطلاق قذيفة quot;إينرغاquot; على جبل محسن أفضى إلى الكشف عن مكانه في الزاهرية، وقد أظهرت المعلومات الأوليّة أنّ هناك من يعمل على التحرّش بالجبل والتبانة فيعمد إلى إطلاق القذائف والرصاص على الطرفين في محاولة لجرّهما إلى الاقتتال مجدّدًا، خصوصًا مع غياب أيّ محاولات للمصالحة بينهما. ولم يشأ المصدر أن ينفي أو يؤكد علاقة quot;حزب اللهquot; بالأسلحة المخزّنة في الزاهرية لكنّه أفاد بلجوء أحد أصحابها المدعو quot;س.أ.quot; إلى منزل في الضاحية الجنوبية معروف مكانه وأسماء القاطنين فيه.

وليس بعيدًا عن طرابلس سوى كيلومترات قليلة حيث مخيم البدّاوي الذي لجأ إليه سكّان مخيّم نهر البارد، إستوقف المراقبون البيان الذي صدر أمس الأوّل عن تحالف القوى الفلسطينية في لبنان وأشار صراحة إلى خشيته من حصول فتنة بين الجيش ومخيّم البدّاوي على غرار ما حصل في مخيم نهر البارد. و دعا البيان إلى التنبّه من الوقوع في فخّ ينصب للإيقاع بين المخيمات والجيش هدفه النهائي فرض التوطين وتحميل مسؤوليّة المخيّمات للدولة الفلسطينية. كما طالب الحكومة اللبنانية الوفاء بالتزاماتها حيال مخيم نهر البارد والتعجيل في إعادة إعماره باعتباره محطة على طريق العودة إلى فلسطين.

وكانت وحدات من الجيش اللبناني المتمركزة حول المخيّم قد قامت أخيرًا بتعزيز مواقعها على مداخله واستحداث أخرى وتشديد الرقابة على حركة الوافدين إليه والخارجين منه، بعد ورود معلومات عن وجود تحرّكات لمجموعات فلسطينيّة وغيرها شبيهة بتلك التي قام بها أفراد من quot;فتح الإسلامquot; مع بداية نشأتهم في مخيّم البارد. كما ذُكر أنّ إجراءات الجيش هذه جاءت في أعقاب إحباط عمليّة فرار مجموعة quot;فتح الإسلامquot; المؤلّفة من ثمانية أعضاءمن سجن رومية بعدما كشفت التحقيقات عن عزم هذه المجموعة، لو قدّر لها النّجاح، على الاختباء في عدد من الأماكن في مقدّمها مخيم البداوي.