إبراهيم عوض من بيروت: أطلق قطبان سياسيّان بارزان في أقلّ من ست وثلاثين ساعة quot;نداء استغاثةquot; موجهًا إلى المملكة العربيّة السعوديّة والجمهوريّة العربيّة السوريّة للمساعدة في إخراج عمليّة تشكيل الحكومة الجديدة من عنق الزجاجة. ففي الاحتفال بذكرى الإمام المغيّب موسى الصدر قبل غروب يوم الإثنين الماضي، كرّر رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في كلمته التي ألقاها بالمناسبة تعويله على المعادلة التي طلع بها منذ زمن والمتعارف عليها بعبارة quot;س - سquot; أيّ السعودية وسوريا، مؤكّدًا علىأنّه ما زال مؤمنًا بها كونها تشكّل المدخل للعبور إلى استقرار لبنان عبر الطابق العربي، كما أبقى على صيامه عن الكلام بشأن الحكومة quot;حتى يؤذّن مؤذّن الحكومة بالإفطارquot;.

لم يمض يوم على هذا الكلام حتّى قام رئيس اللقاء الديمقراطي النيابي رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط بزيارة مفاجئة إلى المرجع الشيعي السيّد محمد حسين فضل الله أبلغه خلالها موافقته على ما أعلنه برّي من أنّ ولادة الحكومة تحتاج إلى التّفاهم السوري ndash; السعودي، ثم عاد وكرّر هذا الموقف إثر لقائه برّي في مقرّه في عين التينة مساء أمس الأولمصرّحًا بأنّه لا بدّ من شراكة عربيّة - سوريّة - سعوديّة من أجل الوصول إلى تشكيل حكومة على ألاّ تكون هذه الشراكة معادية أو موجّهة ضدّ الإيراني.

وكان عضو كتلة المستقبل النيابيّة النائب نهاد المشنوق قد أبلغ quot;إيلافquot; قبل أكثر من شهر أنّ موضوع تشكيل الحكومة لن ينطلق في وجهته الصحيحة ما لم يسبقه تحرّك سعودي ndash; سوري، وقال إنّه ما زال عند وجهة نظره هذه حتى الساعة، ليطرح معه السؤال عمّا يحول دون قيام مثل هذا التحرّك.

وفي هذا الإطار، لفت ما نقل عن جنبلاط خلال اجتماعه مع فضل الله بأنّ أحدًا دخل على خطّ التّفاهم السعودي ndash; السوري لخربطته، فيما علمت quot;إيلافquot; أنّ الزعيم الدرزي، ولدى استقباله رئيس الحزب العربي الديمقراطي النائب العلوي السابق علي عيد ونجله رفعت قبل يوم، تحدّث عن دور quot;س - سquot; في التوصّل إلى صيغة الحكومة المنوي تشكيلها والمبنيّة على قاعدة 15- 10- 5، لافتًا في الوقت نفسه إلى أنّ إحدى quot;السينينquot;، وبعد الحماسة التي أبدتها في دفع عربة تفاهم بين الرياض ودمشق إلى الأمام، آثرت التريّث نتيجةً لاعتراض قوّة إقليميّة ودوليّة مؤثّرة على هذه الاندفاعة، من دون أن ينعكس ذلك على التطوّر الجيّد الذي بلغته العلاقات السورية- السعودية، وهذا ما عبّر عنه صراحةً وزير الخارجية السوري وليد المعلم بوصفه هذه العلاقات بالطبيعيّة والبنّائة وإشارته إلى وصول السفير السعودي الجديد إلى العاصمة السورية.

هذا ويرفض quot;حزب اللهquot; أن تحصر مسألة عدم التوصّل إلى تشكيل حكومة بالعامل الإقليمي والدولي وحده، موضحًا أنّ العقد الداخليّة لا تقلّ شأنًا عن التأثيرات الخارجيّة، متّهمًا الأكثريّة بمحاولتها إظهار أنّ العقدة الأساسية التي تحول دون ولادة الحكومة تكمن في quot;المطالب التعجيزيةquot; لرئيس quot;تكتل التغيير والإصلاحquot; النائب ميشال عون، فيما الواقع يظهر أنّ المشاكل موجودة لديها وبين صفوفها.

ويشرح رئيس quot;كتلة الوفاء للمقاومةquot; النائب محمد رعد أنّ فريق الأكثرية الذي أعلن موافقته على صيغة15 (الأكثريّة) 10 (المعارضة) 5 (رئيس الجمهورية) تبيّن له لاحقًا أنّ عليه توزيع سبع حقائب وزاريّة على الطوائف المسيحيّة بعدما ينال كلّ من السنّة (5) والدروز (3) حصّتهم وفق الصيغة المذكورة، لكنّه وُوجِه بصعوبة منح الوزراء المسيحيين حقائب وازنة على غرار ما سيحصل عليه الوزراء السنّة والدروز.

وذكّر رعد بالخلاف الناشب بين الحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية حول وزارة الأشغال التي يطالب كلّ منهما بأن تكون في عهدته، فيما المعلومات تفيد بقاءها في يد quot;الإشتراكيquot; ومع وزير الأشغال الحالي في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي، ويتساءل النائب رعد كيف سيعوّض الرئيس المكلف لـ quot;القوات اللبنانيةquot; خسارتها لوزارة الأشغال، وأي حقيبة سيتمّ إسنادها لحزب الكتائب الذي يطالب بأن يكون تمثيله قويًّا في الحكومة العتيدة.

وعن quot;عقدة عونquot; يقول النائب محمد رعد لـquot;إيلافquot; إنّ الأخير لم يكن في وارد المطالبة بحقيبة سيادية والتمسك بإعادة توزير صهره جبران باسيل لو لم يتمّ استفزازه من قبل فريق الأكثرية التي قوّلته ما لم يقله بشأن تأليف الحكومة وتوزيع الحقائب. وكشف رعد أنّ رئيس quot;تكتل التغيير والإصلاحquot; كان قانعًا بالاحتفاظ بما لديه في الحكومة الحالية لكنّه عمد إلى تصعيد موقفه إثر إعلان الرئيس المكلّف بأنّه ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان يعارضان توزير الراسبين فردّ على الأول بأن لا حكومة من دون بقاء باسيل في وزارة الإتصالات، وغمز من قناة الثاني عن مطالبته بحقيبة سيادية مسميًا الداخليّة أو الماليّة.

وإذا كانت الأوساط المتابعة لتأليف الحكومة تبدي تشاؤمها في إمكان التوصّل إلى حلّ قريب يفكّ أسرها، خصوصًا بعد اللّقاء الأخير الذيتمّ بين الرئيس المكلّف والوزير جبران باسيل وخروج الأول بعده ليؤكّد رفضه الإذعان لشروط الأقليّة، برزت مساء أمس الخميس مواقف سياسيّة لافتة أطلقها الوزير طلال إرسلان إذ قال بأن لا أزمة وزارية هناك بل أزمة نظام يهترئ وقد وصل إلى نهاياته، معلنًا رفض الدروز معاملتهم على أنّهم مواطنون quot;فئة خامسةquot;. كما طالب بالتوقّف عن التعرّض للمقاومة أو البحث في سلاحها مشدّدًا على أنّ بقاءها مرهون بزوال الخطر الإسرائيلي، محذّرًا من الرهان على الخلاف السوري- العراقي. هذه المواقف وغيرها قد تدفع أقطابًا وقيادات إلى إطلاق نداءات إستغاثة جديدة على غرار ما فعله برّي وجنبلاط.