بيروت: لا تزال تشكيلة الحكومة اللبنانية محط جدال واسع بين أقطاب المعارضة والموالاة، إذ إن تشكيلة الحكومة المقترحة من قبل الرئيس المكلف قابلتها المعارضة برفض قاطع، وفي الوقت الذي ينتظر خلاله الرئيس المكلف جوابًا من رئيس الجمهورية العماد سليمان حول التشكيلة المقترحة، طلب الرئيس اللبناني من المعارضة تقديم اقتراحاتها لتعديل التشكيلة، فيما تحدثت أنباء عن امكانية تنحي الرئيس المكلف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة المقبلة.
فيما كانت دمشق تلوّح بلسان quot;الوطنquot; السورية بأن quot;مسودة التشكيلة الحكوميةquot; التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري quot;تضع لبنان على شفير تدهور سياسي خطرquot;، محذرةً من أن quot;لبنان يبدو على قاب أزمة متفرعة الأصول والمخاطر تبدأ بالحكومة المشوهة والمبتورة ولا تنتهي عندهاquot;.. كان وفد المعارضة الذي ضم المعاونين السياسيين لرئيس مجلس النواب وأمين عام quot;حزب اللهquot; النائب علي حسن خليل وحسين خليل، إضافة إلى الوزير جبران باسيل، يسلك طريق قصر quot;بيت الدينquot; حاملاً رفض التشكيلة الحكومية المقترحة من قبل الرئيس المكلف quot;شكلاً ومضمونًاquot; حسبما عبّر باسيل الذي اعتبر بعد لقاء رئيس الجمهورية أن ما أقدم عليه الرئيس المكلف quot;يُشّكل سابقةquot;، منبهًا من أنّ quot;طرح الامور بهذا الشكل سيأخذ البلاد الى المزيد من التأزمquot;.
وطلب الرئيس اللبناني ميشال سليمان من المعارضة التقدم باقتراحاتها لتعديل التشكيلة التي طرحها الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري أول من أمس عليه ورفضتها المعارضة، تضامناً مع موقف quot;التيار الوطني الحرquot; بزعامة العماد ميشال عون. وينتظر سليمان أن تستجيب المعارضة، وخصوصًا عون لطلبه هذا بعدما شدد على وجوب إعطاء فرصة أخيرة لاستئناف الحوار حول التشكيلة الحكومية لعلها تنجح في تدوير الزوايا بين الصيغة التي تقدم بها الحريري وبين ما يطالب به زعيم quot;التيار الوطنيquot;.
وذكرت مصادر واسعة الاطلاع لـ quot;الحياةquot; أن سليمان طلب من المعارضة تقديم اقتراحاتها البديلة بعدما تبلغ رفضها تشكيلة الحريري ولاحظ أن ممثلي quot;حزب اللهquot; و quot;أملquot; أظهرا استعدادًا للبحث وعدم إقفال باب الحوار، وهو ما أعلنه الوزير باسيل إثر الخروج من اجتماع المعارضة مع رئيس الجمهورية.
وكان رئيس الجمهورية قد إستقبل الوزير وائل أبو فاعور الذي قال بعد اللقاء: quot;نحن نتفهم ما قام به الحريري وهذا واجبه، سائلاً لماذا الرفض السريع من قبل المعارضة ولماذا لا يحصل نقاش حول الصيغة المقدمة؟quot;.
رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط الذي أوضح أنه أوفد الوزير أبو فاعور إلى رئيس الجمهورية لمعرفة الأجواء التي سادت لقاءه بالمعارضة، نفى لقناة quot;المنارquot; أن يكون قد قال إنه على استعداد لإعطاء وزارة الاتصالات إلى quot;التيار الوطني الحرquot;، وقال: quot;أنا لا أعرف حتى الآن ما هي الحقائب التي أُعطيت لي في التشكيلة التي رفعها الرئيس المكلّفquot;.
وقد أكد جنبلاط أهمية quot;التطبيق الكامل لما ورد في اتفاق الطائف لناحية العلاقات المميزة مع سوريا، وتطبيق اتفاق الهدنة مع اسرائيل الذي لا يعني حالة سلم، بل حالة حرب تشهد هدوءًا عسكريًا، سواء أكان سلاح المقاومة مع الدولة او خارجها، ومناصرة الشعب الفلسطيني داخل الاراضي المحتلة واللاجئين في لبنان، وإلغاء الطائفية السياسيةquot;. كما أكد جنبلاط quot;بقاء الحزب التقدمي الاشتراكي ضمن الاكثرية النيابية وحليفًا لرئيس الحكومة المكلّف الشيخ سعد الحريريquot;.
الى ذلك عُلم أن ممثلي المعارضة بعد مراجعة قياداتهم عقدوا اجتماعًا تنسيقيًا ليل أمس في منزل المعاون لسياسي لأمين عام quot;حزب اللهquot; حسين خليل جرى خلاله بحث مستجدات الأمور على صعيد التشكيلة الحكومية في سبيل تنسيق المواقف والتوصل إلى قرار نهائي يصار إلى نقله إلى رئيس الجمهورية.
وأفادت مصادر لجريدة الشرق الاوسط quot;ان رئيس الحكومة المكلف لا يزال معتصما بالصمت في انتظار جواب من رئيس الجمهورية حول هذه التشكيلة قبل أن يقرر خطوته التالية التي قد يكون الاعتذار عن تأليف الحكومة احد احتمالاتهاquot;.
وتعليقاً على ردود الفعل التي صدرت بعد تقديم الرئيس المكلف سعد الحريري تشكيلته الحكومية، قال رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في حوار مع الصحافيين: quot;اعتقد ان ما قام به الرئيس المكلف اتى ضمن صلاحياته الكاملةquot;، مؤكدًا أنه quot;على تواصل يومي مع رئيس الجمهورية وان شاء الله سيكون لي خلال اليومين المقبلين زيارة لهquot;.
هذا، وعلق الرئيس نجيب ميقاتي في بيان امس على مستجدات الأمور قائلاً: quot;إستوقفنا إعتبار البعض أن المبادرة التي قام بها الرئيس المكلف تشكل خروجا عن المبادئ الديموقراطية والاصول الدستورية والاعراف المتبعة في تأليف الحكوماتquot;. وأضاف: quot;اننا، إذ نعتبر أن من حق كل طرف سياسي أن يبدي رأيه في القضايا المطروحة ومنها تشكيل الحكومة الجديدة، الا اننا نرى أنه من غير الجائز ولا المقبول أن يشمل الخلاف السياسي أحكام الدستور وروحه، وأن يتم الخلط بين الموقف السياسي والدستور، بحيث يتم التعرض لصلاحيات رئيس الحكومة المكلف، وتفسيرها على نحو يخدم توجه هذا الفريق أو ذاكquot;.
من جهته، وإذ لفت رئيس quot;حزب الكتائبquot; أمين الجميل إلى أن ما قرأه في الصحف عن مشروع هذه التشكيلة quot;لا ينسجم مع ما كان بحثه مع الحريري لجهة الأسماء أو الحقائب أو لجهة حجم الكتائبquot;، قال: quot;سنقوم بالاتصالات اللازمة مع الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية حتى يُعاد النظر في موضوع الدور الكتائبي في هذه الحكومة، وهذا للمصلحة الوطنية العامةquot;، مشيراً إلى أن quot;للكتائب دور في هذه المرحلة، ويجب أن يكون لديها في الحكومة الإمكانات لأداء هذه الدورquot;.
وفي سياق متصل، قال الوزير محمد الصفدي: quot;حسنًا فعل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بتقديم تشكيلته إلى فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان وفقًا لصلاحياته الدستورية معتمداً ما يعتبره الأصلح للحفاظ على ثوابت الوحدة الوطنية وإطلاق عجلة الدولة، على أن يتحمل كل واحد مسؤولياتهquot;.
الى ذلك، أبدت كتلة quot;المستقبل النيابيةquot; ارتياحها للخطوة التي قام بها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ، خاصة لما تتضمنه من تأكيد على الوحدة الوطنية، من خلال حكومة ائتلاف وطني انطلاقا من صيغة 15-10-5 ، ومن خلال تطبيق مبدأ المداورة بين الوزارات، واستنادا الى اهمية التاكيد على احترام نتائج الانتخابات النيابية.
وبشأن تشكيل الحكومة، أشار نائب الأمين العام لـquot;حزب اللهquot; الشيخ نعيم قاسم خلال الإفطار السنوي لوحدة النقابات والعمال في quot;حزب اللهquot;، إلى أن quot;البلد سابقًا مرّ بتجربتين: تجربة حكومة الاستفزاز الوطني وتجربة حكومة الوحدة الوطنية، في تجربة الاستفزاز الوطني لم يبقَ مرفق إلا وتعطَّل ولم يبقَ استقرار إلا واختلّ على المستوى السياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي، وجاءت تجربة حكومة الوحدة الوطنية بعد اتفاق الدوحة وهي تجربة ناجحة لأنها أعادت الاستقرار إلى البلد، وجعلت البحث بالقضايا ذات الاهتمام الوطني، ومن هنا دعونا بعد الانتخابات النيابية إلى حكومة وحدة وطنيةquot;.
في غضون ذلك، نفى عضو كتلة quot;زحلة بالقلبquot; وتكتل quot;لبنان أولاًquot; النائب عقاب صقر أن يكون الرئيس المكلف سعد الحريري قد استعجل في تقديم تشكيلته الحكومية الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أمس، معتبرًا أنه quot; استنزف كل الوقت والجهود المضنية وعشرات الاجتماعات مع كل الأطراف السياسيةquot;. وانتقد النائب صقر كون الوزير جبران باسيل هو من تولى الوساطة بين العماد عون والرئيس المكلف، وهو في الوقت عينه موضوع النزاع، ورأى في ذلك إصرارًا على افتعال إشكال. واستغرب كيف أن سقف مطالب العماد عون تدرج تصاعديًا مع تقدم المفاوضات، عوضًا من أن ينخفض.
وفي الإطار نفسه، إعتبر الوزير السابق وئام وهاب أن quot;التشكيلة الحكومية التي قدّمها الرئيس المكلّف سعد الحريري هي تشكيلة ملغومةquot;، متمنيًا quot;ألا تنفجر بصاحبها سياسيًا، وعلى الأقل ألاّ تمر هذه التشكيلةquot;. وهاب، وبعد لقائه العلامة السيد محمد حسين فضل الله، أعرب عن اعتقاده أن quot;رئيس الجمهورية ميشال سليمان أعقل من أن يمرر هذه التشكيلة التي لن تصل إلى مكانquot;، مضيفاً: quot;لا أعرف لماذا وضع الحريري نفسه على خط الاشتباك الإقليمي ـ الدولي، بدلاً من أن يضع نفسه ويضع لبنان على خط التوافق الإقليمي ـ الدوليquot;. ورأى أن quot;هناك عناصر خارجية ساهمت في هذا الأمر، ويبدو أن الحريري فاقد للمبادرة الذاتيةquot;.
أما quot;القوات اللبنانيةquot; فقد ذكرت مصادرها أن الهيئة التنفيذية ستعقد اجتماعًا قريبًا لدرس الصيغة الحكومية، ولفتت المصادر إلى أن quot;القواتquot; التي حظيت في التشكيلة المقدمة من قبل الرئيس المكلّف بحقيبتي الشؤون الاجتماعية للأرثوذكسي عماد واكيم، والصناعة للماروني جو سركيس، ستضع هذا العرض قيد البحث..
التعليقات