تتواصل لليوم الثالث مشاورات تأليف الحكومة اللبنانية في ساحة النجمة بقلب العاصمة بيروت، وسط تفاؤل بدأ يلوح في الأفق، فيما يستعد لبنان لاستقبال وزير الإعلام السعودي عبد العزيز خوجة الذي سيلتقي جميع الأطراف في المعارضة والموالاة على حد سواء، بما في ذلك quot;حزب اللهquot; للتأكيد على أن السعودية كانت ولا تزال تقف على مسافة واحدة من الجميع، وأنها تأمل بولادة حكومة وفاق وطني قادرة على مجابهة التحديات التي تواجه لبنان واللبنانيين، وخصوصاً التحدي الإسرائيلي. وأشارت أوساط متابعة للقاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد الى صحيفة الحياة إلىأن لقاء جدة لم يقتصر البحث فيه على الوضع اللبناني بل تناول عدداً من القضايا العربية والإقليمية الساخنة، وكان إيجابياً وناجحاً وأن زيارة الملك السعودي لدمشق قد تتم في غضون 10 أيام، ما أوحى بأن الحكومة اللبنانية يفترض أن تُشكل خلال هذه المدة.

بيروت، وكالات: نقلت صحيفة quot;الحياةquot; عن الأوساط السياسية المتتبعة للقاء السعودي السوري من زاوية انعكاساته الإيجابية على معالجة أزمة تأليف الحكومة في لبنان، تلقيها معطيات عن أن المداولات التي جرت في جدة بين الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد قد تساعد في تسريع تأليف الحكومة. وذكرت هذه الأوساط اللبنانية ان لقاء جدة أكد الاتفاق السابق بين الجانبين والذي تم التوصل اليه في اللقاءات السورية السعودية في دمشق في حزيران وتموز الماضيين حول وجوب دفع اللبنانيين الى التوصل الى قيام حكومة وحدة وطنية، برئاسة الحريري، تليها زيارة الملك عبدالله لدمشق فور إنجاز الحكومة اللبنانية.

الأسد وعبد الله اتفقا على أن يدير اللبنانيون شؤونهم بأنفسهم

بدورها نقلت صحيفة quot;السفيرquot; عن مصادر سورية واسعة الاطلاع أن قمة الملك السعودي والرئيس السوري، quot;لم تكن مقتصرة على الملف اللبناني بل تطرقت إلى مجمل الأوضاع العربية والإقليميةquot;، مشيرة إلى أنه في ما يخص لبنان، فقد اتفق الجانبان على quot;أن يدير اللبنانيون بلادهم بأنفسهمquot;. وأشارت المصادر السورية الى أن الجلسة التي استمرت ساعتين بين الرئيس بشار الأسد والملك عبد الله ومستشاره الأمير عبد العزيز quot;جرت في جو إيجابي وودي وضمن أطر التنسيق الثنائي بين البلدين، وكانت ناجحة بكل المقاييسquot;. ورأت المصادر أن العلاقة السورية-السعودية بدأت تأخذ quot;إطارا أعمق وأشمل يشمل ملفات المنطقة عموما وليس ملفا بحد ذاتهquot;.

سليمان: ننتظر ولادة الحكومة لمباشرة الاصلاح

وفي أروقة الأمم المتحدة أعرب رئيس الجمهورية ميشال سليمان للعالم أجمع عن تطلع لبنان إلى quot;قيام حكومة وحدة وطنية في أقرب الآجال تسمح بإعادة إطلاق عجلة الحكم ومباشرة ورشة الإصلاحات السياسية والإدارية والقضائية التي يطمح اليها اللبنانيون وتخدم بالنتيجة شعبها لا سلطتها، فتنجح وتستمرquot;، مشيرًا في سبيل تحقيق هذه الغاية إلى أن quot;المشاورات الحكومية تأخذ حاليًا مداها وفقاً لأحكام الدستور ولما تستلزمه مقتضيات البحث عن التوافق الوطنيquot;.

سليمان، وخلال إلقاء كلمة لبنان في الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إستهل خطابه قائلاً: quot;في حين يتابع لبنان باهتمام كل المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية المدرجة على جدول أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، فهو يتطلع بأمل واعتزاز الى انتخابه للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن الدولي لفترة 2010-2011، وذلك بدعم واسع، على ما نتمناه، من الدول الشقيقة والصديقةquot;، مؤكدًا أن quot;لبنان يتقدم من هذا الاستحقاق بثقة، فهو عضو مؤسس لهذه المنظمة الدولية الجامعة، وشارك بصورة فاعلة في صوغ الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وساهم شعبه منذ آلاف السنين في الحركة المكونة للحضارة، كما اضطلع بدور ناشط في نشر مبادئ الحرية والديمقراطية وتعميق مفهوم العروبة وبناء مداميك النهضة الفكرية والادبية في العالم العربيquot;.

وأشار سليمان الى أن quot;الشعب اللبناني يجدّد اليوم من على هذا المنبر التزامه ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها القرار 1701، واستعداده للمساهمة بمسؤولية وجدية خلال السنتين المقبلتين في مداولات مجلس الأمن وقراراته، لاسيما ما يخدم منها قضية الأمن والسلم في الشرق الأوسط، مع إيلاء اهتمام خاص بالمناقشات المتعلقة باصلاح الأمم المتحدة ومؤسساتها كي تصبح أكثر قدرة على رفع التحديات التي يواجهها عالمنا المعاصرquot;، لافتاً الى أنه quot;ليس غريباً أن يكون الدستور اللبناني الصادر عام 1926، أي قبل عقدين من إنشاء الأمم المتحدة، نص على أن quot;حرية الاعتقاد مطلقة في لبنان، وأن الدولة تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتهاquot;.

كوشنير: نحن مع مشاركة حزب الله بالحكومة ونريد المساعدة

في سياق آخر قريب قالوزير خارجية فرنسا برنار كوشنير لصحيفة quot;الأخبارquot; المقربة من المعارضة بعد لقائه سليمان، الى أن لقاء الرئيسين ميشال سليمان ونيكولا ساركوزي quot;كان إيجابياً للغاية، ونحن أصدقاء مقربونquot;، مضيفا: quot;قال لنا الرئيس سليمان إن سعد الحريري سيبدأ تأليف الحكومة اليوم. وهي أنباء سارةquot;، مؤكدا أن فرنسا quot;تريد المساعدة لا التدخل، كما لا تريد تقرير مصير الشعب اللبنانيquot;.

ورداً على سؤال عن مدى تقبّل بلاده لمشاركة quot;حزب اللهquot; في الحكومة المقبلة، أجاب: quot;لديهم بالفعل وزراء أعرفهم، لقد وجّهت لهم دعوة لزيارتي في فرنسا ولبّوها، لنبدأ الآن العمليةquot;. وعن مدى تقبل الإدارة الأميركية وجود ممثلين عن الحزب في الحكومة، قال الوزير الفرنسي: quot;لا أعرف ذلك، ليوجّه السؤال للأميركيينquot;.

الموسوي: لا نمانع في تطوير العلاقات مع الفرنسيين

في المقابل أشار عضو quot;كتلة الوفاء للمقاومةquot; النائب نواف الموسوي في حديث الى صحيفة quot;النهارquot; إلى أن quot;لا نمانع في تطوير العلاقات مع الفرنسيين، وأن الحزب قابل بارتياح سياسة فرنسا حيال سوريا وفتحها الحوار بين البلدينquot;. ووصف الموسوي هذا الأمر بأنه quot;الاتجاه الصحيح باعتبار ان الحوار هو خير وسيلة لمعالجة الأمورquot;.

وميّز بين السياستين الفرنسية والاميركية، لافتاً إلى أن quot;ثوابت الأخيرة لا تزال هي نفسها حيال اسرائيل وموضوع النفط في المنطقةquot;. ورأى quot;أن فرنسا تحترم الصيغة السياسية اللبنانية التعددية على عكس نظيرتها الاميركيةquot;. وعلمت quot;النهارquot; ان صفحة العلاقات بين فرنسا وquot;حزب اللهquot; quot;تكبرquot; حالياً.

غراتسيانو: لا حرب في الأفق إذا لم يحصل تغيير كارثي

وفي السياق الامني رأى قائد قوات الطوارئ العاملة في جنوب لبنان الجنرال كلاوديو غراتسيانو أن ما جرى في خربة سلم حادثة قاسية، وتعاملنا معها بمهنية، وهي لم تكن حادثة اكتشاف أسلحة وحيدة بل سبق واكتشفنا أسلحة سابقا، في أمكنة أخرى خلال فصل الشتاء. وأشار الى أن حوادث إطلاق الصواريخ لم تكن بالعملية السهلة، بل كانت لحظة توتر، وهي سببت بعض المشاكل، لكن لهذا السبب يوجد على أرض الجنوب 13 ألف جندي دولي، يعملون مع الجيش اللبناني، على تطبيق القرار 1701 الذي يمنع أي إدخال للسلاح الى المناطق المتواجدين فيها، لافتا الى أن هذه مهمة رئيسة يضطلع بها الجيش اللبناني ونحن نعاونه، وبالتالي نعمل على تسوية المشكلات التي تنشأ.

وعن مواجهة الشبكات الأصولية في المخيمات، قال غراتسيانو في حديث لصحيفة quot;السفيرquot;: quot;في هذه المنطقة تقع المسؤوليات كلها على عاتق الجيش اللبناني، وبالتالي لن نعمد الى مواجهة مع المخيمات الفلسطينيةquot;، مؤكدا أن صور منطقة آمنة، لافتا الى أن الجيش اللبناني أنجز عمليات ناجحة لجبه محاولات إرهابية، ونحن نقدّر عمله، quot;هذه التهديدات موجودة منذ بدء مهمتنا هنا، ونحن نتخذ تدابيرنا من دون تهاون ومن دون التقليل من خطورة التهديدquot;.

وعن عملية إطلاق الصواريخ أخيرا، أشار الى أن quot;اليونيفيلquot; قلقة وتتابع التحقيقات، ليس لأن هذه العملية هي خرق للقرار 1701 فحسب، بل لأنها قد تؤدي الى ازدياد عمليات العنف. معربا عن اعتقاده أن المجموعات الإرهابية تتحمل المسؤولية وهي مرتبطة ببعض المخيمات الفلسطينية. وعن الخروقات الإسرائيلية، قال غراتسيانو: quot;بالنسبة الى الخط الأزرق فالقراران 1701 و1884 يتضمنان نقطة محددة يطلب فيها مجلس الأمن الدولي من الأفرقاء احتراما كاملا وناجزا لهذا الخط الذي لا نزال نعمل بجهد لترسيمه، وعندما تنتهي هذه العملية بمعاونة الأطراف جميعا تنتهي معها أي عملية خرق ممكنةquot;، أما بالنسبة التي شهدت الاعمال الاسرائيلية في كفرشوبا، فأشار الى أنها جنوب الخط الأزرق وبالتالي فهي خارج إطار مهمة اليونيفيل من الناحية التقنية، مشيرا الى أن هذه النقاط التي اعترض عليها مدنيون لبنانيون أزيلت اليوم تماما من قبل الإسرائيليين.

وعن العوائق التي تقف اليوم أمام تحرير القسم المحتل من قرية الغجر، أكد أن ثمة خروقات إسرائيلية في هذا الموضوع وهي واضحة وغير قابلة للنقاش، مضيفا: quot;يعترف الإسرائيليون أنفسهم بأنهم يحتلون القسم الشمالي من هذه القرية ما يشكل خرقا للقرار 1701quot;. وأشار الى وجود اقتراح جديد في هذا الشأن قدمته قوات quot;اليونيفيلquot; وتم قبوله من حيث المبدأ من قبل الحكومة اللبنانية وهو لا يزال قيد الدرس من قبل الإسرائيليين ولم نتلق بعد أي جواب، ولما طرحت الموضوع أخيرا في الاجتماع الثلاثي كان الجواب بأن الحكومة الإسرائيلية لا تزال تقيّم الوضع.

وعن اليخت البريطاني الذي غادر مرفأ جونيه متوجها الى عسقلان ولم واكبته quot;اليونيفيلquot;، لفت الى أن مهمة القوات البحرية هي تجنب تهريب غير شرعي للأسلحة الى داخل لبنان بالتعاون مع الجيش اللبناني، وهي مهمة واسعة، وبالتالي أية بواخر بحرية تأتي الى المياه الإقليمية للبنان تخضع للسؤال عن حمولتها وإن كانت تحمل إذنا بالعبور، فتواكبها قواتنا بالتعاون مع البحرية اللبنانية، مشيرا الى أنه عندما تغادر بواخر أو قوارب ما المرافئ اللبنانية فإنها تمر من دون مراقبة لأنه من المفترض أنها تحمل إذنا من الجهات اللبنانية ويمكن أن تتجه الى اي بلد، الى إسرائيل أو قبرص أو المغرب وأي بلد آخر فهذا الأمر لا يقع في نطاق مهمتنا.

ورأى غراتسيانو أنه من الأفضل بالنسبة إلى اليونيفيل أن تكون الأطراف اللبنانية كافة متفقة تماما في جوّ من التعاون والصداقة بينها، وأن تعمل المؤسسات في شكل طبيعي وهذا أفضل للاستقرار في الجنوب وفي لبنان كله. وأكد ردا على سؤال، أن لا حرب البتة في الأفق الجنوبي، معتبرا أنه إذا لم يحدث أي تغيير كارثي، فالسلام هو في أيد أمينة من الأطراف كلها، إذ لا أحد منها يريد حربا. وأضاف: quot;نحن نمر اليوم في مرحلة إيجابية تماما، وليست إعادة تجديد الثقة بقواتنا إلا دليلا على إرادة السلام والاستقرارquot;.

إسرائيل: لا حرب شاملة في الأفق

وفي تصريح لافت، طمأن رئيس شعبة الإستخبارات في الجيش الاسرائيلي أمير أيشل الاسرائيليين إلى أن quot;لا حرب شاملة في الأفق والقيام بعملية ضد quot;حزب اللهquot; ليس على جدول الأعمالquot;. وأوضح أن quot;هناك أموراً تقلق إسرائيل أكثر من حزب اللهquot;، معلناً أن quot;جيشه غير قادر على توفير حلّ سحري للصواريخ quot;.

ايشل، وفي حديث الى صحيفة quot;يديعوت احرونوتquot;، شدد على أن quot;الجيش الإسرائيلي قادر على المواجهة في حرب على جبهات عدة، ولكن نهاية الحرب لن تكون عدواً يرفع علماً أبيضquot;. وتابع: quot;اعتقدنا في السابق أنه إذا لم يرفع العدو العلم الأبيض في نهاية الحرب الأخيرة على لبنان فإن ذلك يعني أننا خسرنا الحرب، ورغم أنه تمّ تفويت الفرصة إلا أننا تعجلنا بالخسارة، فالحرب خلقت ردعاً غير عادي رغم أنه من الممكن أن يتفجر غداًquot;.

الى ذلك، أشار ايشل الى أن quot;إسرائيل لديها القوة الكافية لدفع الدول والمنظمات إلى إدراك أنهم سيدفعون ثمناً كبيراً سيؤدي إلى إبعاد الحرب والمواجهات لأطول فترة ممكنة، رغم أن حرب 1967 لم تمنع نشوب حرب الاستنزافquot;. ورأى أن quot;ميدان القتال معقد جداً، ولذلك يجب أخذ موضوع الوعي بالحسبان، فكل شيء مصور وموثق، ويجب دراسة طابع العمل في السياق العام، وحساب الربح مقابل الخسارة، وأنه يجب دوما طرح السؤال: quot;ماذا نفعل في المستوى العملاني، وماذا نربح في المستوى الإدراكي؟quot;.