تلقى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بفرح نبأ الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد الى جدة أمس لمشاركة خادم الحرمين الشريفين إفتتاح جامعة العلوم والتقنية التي تحمل إسمه، وهي الحلم الذي راوده قبل أكثر من خمسة وعشرين عاماً فعقد العزم على إنشائها . وشاطر بري فرحته رئيس اللقاء النيابي الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي بات يطالب معه، بعد إعلان تميزه عن 14 آذار، بتفعيل المعادلة المتعارف عليها بـ quot; سين ndash; سين quot; أي السعودية وسوريا كونها تساهم في حل العديد من الازمات التي يعاني منها لبنان وفي مقدمها التعثر الحاصل في ولادة الحكومة .
وتسارع أوساط سياسية متابعة لملف تشكيل الحكومة الى القول إن الرئيس المكلف سعد الحريري بدأ اليوم استشاراته النيابية غير الملزمة على وقع الاصداء الطيبة التي خلفتها زيارة الأسد الى جدة والتي لا بد ان تنعكس إيجاباً على مجريات الأمور في لبنان ، كما عبرت عن ذلك صراحة قيادات في الأكثرية والمعارضة ووزراء ونواب في كتلة المستقبل النيابية بينهم النائب نهاد المشنوق الذي لطالما ربط مسألة فك عقدة تشكيل الحكومة بتحرك سعودي ndash; سوري إذ قال في تصريح صحافي اليوم إن زيارة الأسد للمملكة ليست زيارة شكلية بالتأكيد بل هي ذات مضمون جدي وتحمل في طياتها إيجابية ، وان لم تظهر نتائجها سريعاً ، مشيراً الى ان هذه الزيارة قد تؤسس لحالة متقدمة على صعيد العلاقات العربية ndash; العربية وفي حال تثميرها على النحو الصحيح فقد تؤدي الى زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى سوريا شرط عدم إجهاضها كما حدث بعد زيارة الرئيس فؤاد السنيورة الى دمشق عام 2005 . أما وزير الدولة جان أوغاسبيان القريب من الحريري فدعا الى الإستفادة من مناخات التهدئة الخارجية خصوصاً عقب زيارة الرئيس السوري الى المملكة العربية السعودية ، مؤكداً أن من شأن أي تقارب عربي ndash; عربي ان تنعكس إيجاباً على الساحة الداخلية وبصورة خاصة على عملية تشكيل الحكومة .
هذا وتابع اللبنانيون باهتمام مساء أمس عبر الفضائيات العربية حفل افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وراحوا يبحثون بين الحضور عن الرئيس المكلف سعد الحريري مترقبين لقاء قد يحصل بينه وبين الأسد في حضور العاهل السعودي لكن تبين ان الحريري لم يكن موجوداً في الحفل فيما حضر رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة ووزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري ، وقد إلتقى الأول الرئيس السوري لدقائق فيما حاول بعض وسائل الاعلام quot;التشويشquot; على اللقاء المذكور بالقول إنه لم يتعد المصافحة بين الرجلين .
ومهما يكن من أمر فإن الأوساط المتابعة لعملية تشكيل الحكومة تعتبرأن الأجواء الضبابية والتشاؤمية التي كانت سائدة قبل بدء الحريري إستشاراته آخذةً في الإنقشاع بعض الشيء من منطلق أن الوضع السياسي العام في لبنان قبل لقاء الأسد والملك عبد الله هو غيره بعد اللقاء ، خصوصاً انه وضع حداً لحالة الجمود التي لازمت حركة الاتصالات السعودية السورية ما يقارب الشهرين ، وكادت تعيد العلاقات بين البلدين خطوات الى الوراء بعد ما بلغته من تقدم في المرحلة الماضية مع ما يعني ذلك من إنعكاس سلبي على الساحة اللبنانية .
وكانت الأوساط السياسية المذكورة قد أبدت قبل أيام قليلة تخوفها من حصول ذلك نتيجة لما وصلها من معلومات نقلها زوار لدمشق والرياض أوحت بأن المآخذ التي يسوقها كل جانب على الآخر في طريقة تعاطيه مع الموضوع اللبناني بصورة خاصة ، كادت تتجاوز دائرة ما يسمى بـ quot;عتب المحبquot; لتبلغ حد تبادل الاتهامات .
فزوار العاصمة السورية سمعوا من مسؤولين فيها كلاماً مفاده ان السعودية أوقفت إندفاعها تجاه سوريا حتى لا تغضب القاهرة ومعها واشنطن ، كما تذرعت بعدم رغبة سوريا في تسهيل عملية تأليف الحكومة عبر الضغط على حلفائها لثنيهم عن مطالبهم التي وصفتها بـ quot;التعجيزيةquot; في الوقت الذي إمتنع فيه السعوديون عن الطلب الى الحريري بالعدول عن شروط غير منطقية وضعها امام تأليف الحكومة منها على سبيل المثال رفضه توزير الراسبين .
أما زوار الرياض فلمسوا إنزعاجاً سعودياً من الأداء السوري المتعلق بالشأن الحكومي في لبنان ، وهناك من ذهب الى حد التساؤل اذا ما كانت دمشق راغبة فعلاً في تسلم الحريري الإبن رئاسة الحكومة ، متوقفاً في هذا الإطار عند ما يجيب به السوريون لدى البحث معهم في مطالب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون بالقول ان عليكم التوجه الى الأخير لمحاورته وإقناعه بالرجوع عنها أو تعديلها باعتبار ان لا تأثير مباشراً لسوريا على الجنرال .
من هنا يرى دبلوماسي سوري كبير ان المفاجأة التي اعتمدها الأسد في زيارته الى جدة ، خلافاً لما كان سائداً عن عدم قيامه بمثل هذه الزيارة ، هدف منها وقف هذا quot;القيل والقالquot; والعودة بالعلاقات السعودية ndash; السورية الى صفائها الذي أخذ يتعزز إثر المبادرة التي اطلقها العاهل السعودي في قمة الكويت الاقتصادية وترجم تنسيقاً بين البلدين إزاء القضايا التي تهم المنطقة وحركة زيارات واتصالات نشطة لا بد ان تعاود وتيرتها بعد فترة الركود التي اصابتها . ويؤكد الدبلوماسي السوري الكبير ان الرئيس الأسد يدرك تماماً أهمية العلاقات بين بلاده والمملكة العربية السعودية وضرورة ان تبقى متينةً مبنيةً على الصراحة والثقة المتبادلة لمواجهة ما قد تتعرض له المنطقة من اهتزازات جراء التعثر الحاصل في عملية السلام .
هذا وعزا الدبلوماسي السوري غياب الرئيس المصري حسني مبارك عن المشاركة في حفل افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في جدة الى الهزيمة التي لحقت بوزير الثقافة المصري فاروق حسني في اليونسكو على يد من يعتبرون حلفاء اساسيين للنظام المصري ، متمنياً على الرئيس مبارك ان يتوقف ملياً عند ابعاد ما حصل في معركة الرئاسة على اليونسكو .
التعليقات