رأى بحث ألماني أن الادمان على التدخين له ارتباط جيني في منطقة وسط الدماغ مما يؤدي غالبا الى سرطان الرئة.


يودي التدخين سنويا بحياة أكثر من خمسة ملايين شخص في العالم، وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية فان سرطان الرئة هو في أغلب الأحيان سبب الوفاة. وهذا ما دفع بعلماء أوروبين الى زيادة البحوث من أجل الكشف عن سر ميول البعض الى التدخين والادمان عليه دون غيرهم. فلسنوات طويلة ظلت النظرية القائلة بان الادمان على التدخين له أسباب جينية مستبعدة جدا، حتى من قبل العلماء والأطباء، الى ان اتضحت مؤخرا صحتها، وذلك بعد تجارب بحثية في أحد المختبرات في برلين.

فحسب ما ورد في دراسة هي محصلة تجارب طويلة أجراها علماء من ألمانيا وروسيا وفرنسا في معهد ماكس دلبروك لطب الجزئيات في برلين، ان يصبح المرء مدمنا على التدخين فهذا له أسباب جينية، وتلعب منطقة وسط الدماغ التي يطلق عليها العلماء اسم هابنولا دورا رئيسيا في ذلك. وكانت عناصر التجربة فئران مختبر أعطيت لمدة عامين ماء شرب ممزوج بنيكوتين وماء صافي، فظهر بعدها تغير في جينة معينة قد تشكل عاملا مؤثرا لدى الانسان كي يصبح مدمنا على التدخين وقد يصاب نتيجة ذلك بسرطان الرئة.

وقالت الدكتورة ايناس ابيناس تالو من معهد ماكس دلبروك التي شاركت في البحوث من أجل إجراء دراسة أكثر دقة لهذه الآلية، quot;قمنا أيضا بفحص مستقبلات محددة اسمها اسيتلخولين العصبي، التي تصنع من الجينة العنقودية في بويضات الضفادع كما في المحورات الوراثية لدى الفئران، فاتضح ان مستقبلات اسيتلخولين تنشط لدى المدخنين بشكل خاص نتيجة النيكوتينquot;. فعلى الرغم من ان الجينة العنقودية تتواجد في كل خلية في الحمض النووي لكن منطقة هابنولا تلعب دورا في الادمان، لوجود حزمتين رقيقتين في الدماغ البيني القريب وتربط الغدة الصنوبرية مع المهاد لتصل الى البصلة الشمية، ومع ان دور هذه المنطقة ما زال غير معروف تماما لكن من المحتمل انها تلعب كمحطة تحويل لتجهيز محفزات حاسة الشم. وتتشكل الجينة العنقودية من ثلاث جينات، الا ان مستقبلات اسيتلخولين تتكون فقط في مناطق قليلة جدا من الدماغ منها منطقة هابنولا، واحد الجينات هي الفا 5. وكما هو معروف فان المدخنين لديهم نقطة تحول في هذه الجينة ما يجعل إمكانية ادمانهم على النيكوتين واردة جدا.

ومن أجل اكتمال البحوث نشّط الباحثون بعد ذلك في فئران المختبر جينة بيتا 4 التي تنتمي الى المجموعة وكانت النتيجة بعد أسبوعين ان هذه الفئران أظهرت عدم رغبتها بشرب المياه المختلطة بالنيكوتين والاكتفاء بشرب الماء من دون نيكوتين، لكنهم عادوا بعد أسبوع وبمساعدة فيروس إضافي تنشيط جينة الفا 5 فكانت النتيجة ان الفئران شربت الماء الممزوج بالنيكوتين، ما يدل على ان هذه الجينة هي المسؤول الاول عن الادمان على التدخين. ووفقا للباحثين يمكن القول ان نشاطا متوازنا لهاتين الجينتين يمكن ان يقيد استهلاك النيكوتين وبالتالي الادمان عليه، لكن اذا ما تعطل نشاط بيتا 4 فانها تفقد السيطرة وينتج عن ذلك القابلية على حدوث ادمان على النيكوتين.