على بعد 15 كلم من مدينة مكناس (وسط المغرب) يتواجد ضريح سيدي علي بن حمدوش الذي يعد أحد المزارات التي تستقطب الكثير من الباحثين عن الحظ سواء من قبل العوانس أو من قبل المثليين الذين يرون في شجرة لالة عيشة الساكنة بجوار الضريح الخير والبركة.


الرباط:شجرة بمحاذاة ضريح سيدي علي بن حمدوش، منحها نوعًا من القدسية، كأنها شاهدة تعد أعداد القرابين التي تذبح بجانبها تبركًا بسيد الضريح بمناسبة الموسم الذي يقام خلال أعياد العيد النبوي من كل عام على الخصوص.للناس اعتقاد أن زيارة ضريح سيدي علي بن حمدوش لا تكتمل إلا عبر تقديم طبق إلى ضريح سيدي أحمد الدغوغي، قبل النزول إلى حفرة يوجد بها ضريح لالة عيشة الحمدوشية التي تقدم لها القرابين وإشعال الشموع، لتليها زيارة قبة سيدي علي بن حمدوش، ولا تنتهي إلا بأخذ حمام سباحة داخل غرف يعتقد أن مياهها تنبع من سبع عيون تسمى عين لالة عيشة (السيدة عائشة) .

تجد العديد من الفتيات القادمات من كل حدب وصوب قصد زيارة المكان، ملاذهن وهنّ يجربن حظهنّ في محاولة طرد نحس العنوسة الذي يلاحقهن،تبتدئ طقوس الزائرات بإيقاد الشمع، قبل أن يعملن على وضعها على سور لالة عيشة الملقبة بـquot;مولات المرجةquot;، ثم يرششن الزهر والحليب والحناء قبل أن يضعن علبة من سكر ويشعلن قطع البخور رغبة منهن في الحصول على بركة سيدة المقام الولية الصالحة لالة عيشة.

لالة عيشة
حسب ما تورده بعض الروايات الشعبية، أنه حين عزم الشيخ علي بن حمدوش على الزواج استقدم له أحد مريديه الذي كان في زيارة إلى بلاد السودان، فتاة منها كان قد شغف قلبه بها وبأخلاقها، إلا أنه فوجئ بخبر وفاة الشيخ وهو أعزب حين عاد إلى المغرب برفقتها، لتنخرط التعيسة الحظ في بكاء على قبره طال حتى حصلت لها البركة، وهي الحكاية التي حولت عائشة إلى أيقونة للفتيات العوانس اللواتي تسكنهن الرغبة الجامحة في الزواج.

تحت شجرة للا عائشة تجري طقوس تمتزج فيها كل المتناقضات، الدم والحليب، فيما الساحة المقابلة تصبح أشبه بمسرح يشهد طقوس ذبح القربان ورقصات الجذبة (نوع من الرقص الصوفي)، خاصة من قبل النساء تبركاً وسط أجواء صاخبة من الرقصات الصوفية المعروفة محلياً باسم quot;الحضرةquot; وquot;الجذبةquot;.وتذبح يوميًا خلال أيام الموسم، أعداد هامة من الماعز و الأغنام والدجاج والبقر والجمال بجوار شجرة للا عائشة .

للفتيات العانسات هنا اعتقاد أن القربان المقدم يفضل أن يكون ذكراً لأنه يجلب لهنّ حظ الزواج، ما يبرر تقديمها كقرابين لـ quot;مولات المرجةquot; (سيدة المرجة)، ولا يتأتى تقديم الهدايا للا عائشة إلا على نغمات محلية مشهورة بالكناوية والعيساوية والحمدوشية، وهي كلها نغمات لها نفحات روحية.

المرجة

عبارة quot;المرجةquot; التي تلازم إسم للا عيشة (للا عيشة مولات المرجة)، عبارة عن مكان به ماء يوجد أسفل أحجار وكأنها أعدت لنصب الشموع وإعداد البخور، محاط بالقصب، فيما ترقب عين الزائر قطعاً من أثواب داخلية عالقة على القضبان القصبية.
وفي المرجة يستحم الزائرون والزائرات تبركاً، قبل أن يلقي المستحم بملابسه الداخلية على صخور وأعواد قصبية بغرض طرد النحس وجلب الحظ للزواج بالنسبة للعانسات، الذي سيأتي حسب رغبة quot;عيشة مولات المرجةquot;.

للمثليين أيضًا حصتهم من زيارة الضريح

يورد بعض أبناء منطقة سيدي علي، سكان الضريح، أن المثليين يحرصون على زيارة الضريح خلال الموسم، ويفسرون ذلك بكون أولئك المثليين يتمثلون أسطورة لالة عيشة لاعتقاد أنها جدتهم.
تورد الأسطورة أنه بينما كانت لالة عيشة نائمة في بيتها ذات ليلة، تفاجأت بأحدهم يقتحم عليها خلوتها قصد أخذ وطره منها عنوة، قبل أن تنطلق في الصراخ وتتحول بقدرة خارقة إلى رجل ذكر.
فيما أورد أحد مريدي ضريح سيدي علي بن حمدوش أن توافد المشعوذين على الضريح لم يبدأ إلا خلال ثمانينيات القرن الماضي، نتيجة الرواج التجاري الهام الذي تشهده المنطقة طيلة أيام الموسم، والتي تحرك آلتها بشكل كبير عرافات من مناطق مختلفة من المغرب اللواتي ينصحن بزيارة للا عائشة وطلب بركتها بحثاً عن حل لحظهنّ العاثر.