&في كتابه الشهير "الزهايمر الرقمي"، حذر الباحث الألماني مانفريد شبيتزر من العته المبكر بين القاصرين، بسبب ادمان الكومبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وغيرها. لكنّ الباحثين يحذرون من انتشار العته بين الرضع أيضًا.
&
سبق لدراسات أميركية جادة أن حذرت من "الادمان الرقمي" بعد أن ثبت أن المراهقين يخصصون 7,5 ساعات يوميًا للعبث بالأجهزة الإلكترونية، وينامون أقل من 7 ساعات. وتوقيت الساعة الداخلية للطفل بهذه الصورة يعني ضعف التركيز وانخفاض المستوى الدراسي وانتشار البدانة بين الأطفال والمراهقين، وبقية أمراض الكومبيوتر التي تمتد بين "العين المكتبية" و "يد لاعب التنس" والصداع الإلكتروني وغيرها.
&
الفضول
المثير للقلق هنا هو أن معدل ساعات الدراسة الاسبوعية في الولايات المتحدة لايزيد عن 4 ساعات يوميًا، وهذا يعني أن الطفل يتلقى الدروس من الأجهزة والانترنت وألعاب الكومبيوتر أكثر مما يتلقاه من دروس منهجية، وأكثر مما يتلقاه من توجيهات من والديه.&
يراقب الطفل الرضيع، بفضوله المعروف، والديه كيف يضغطون على أزرار الكومبيوتر والهاتف الذكي وغيره من الأجهزة، وسرعان ما يدفعه الفضول للعبث بالأزرار، لكنه سرعان ما يتعلم الكبس على أزرار معينة يعرف انها ستطلق صوتًا معينًا، أو تظهر صورة ما، أو تصدر اهتزازًا.&
هكذا، امتدت ظاهرة "الطفولة الرقمية" إلى الأطفال الرضع، لأن دراسة جديدة تقول إن الرضيع في هذا العمر يستخدم الأجهزة الإلكترونية ساعة كاملة كمعدل في اليوم.
&
فقدان الحياة الطفولية&
ويقول الباحثون الأميركيون من مركز اينشتاين في فيلادلفيا إن ثلث الأطفال الرضع في الولايات المتحدة اليوم من سن 6 أشهر يتعلمون الكبس على أزرار الأجهزة الإلكترونية. ويتعلم الأطفال الرضع من سن تزيد عن 6 أشهر العمل على الأجهزة بشكل محدود قبل أن يتعلموا الحبو ونطق كلمتهم الأولى. اما الرضع من عمر السنتين فيستخدمون الأجهزة المعلوماتية بشكل واعٍ، ويفعل بعضهم ذلك بمعدل ساعة في اليوم.
وتحذر الدراسة قبل كل شيء من فقدان الحياة الطفولية في سن مبكرة، والاعتماد على الأجهزة في التعلم بدلًا من التطور الطبيعي نحو المدرسة. وتخشى الدراسة أن تنتقل أمراض الكومبيوتر والادمان الرقمي إلى مرحلة الطفولة قبل أن ينجح المجتمع في معالجتها في مرحلة المدرسة.
وإذا كان ادمان الأجهزة والشبكة العنكبوتية يسلب الشباب النوم، فإنه يسلب الأطفال الرضع النوم العميق، وهذا أكثر ما تخشاه هذه الدراسة.
&
52% يتابعون عرضًا تلفزيونيًا
حذرت دراسة ألمانية، أجراها مركز حماية الشباب الألماني، من تأثير برنامج "توب موديل ألمانيا المقبلة" الذي تقدمه العارضة الشهيرة هايدي كلوم. وقالت الدراسة إن البرنامج يصيب الكثير من البنات الصغيرات بمرض القهم العصبي، الذي يعني تجويع النفس وصولًا إلى رشاقة عارضات الأزياء أو إلى الموت أحيانًا.
وتقول الدراسة الاميركية التي أعدتها هيلدا كابالي وزملاؤها من مركز اينشتاين في فيلادلفيا، إن 52% من الأطفال الرضع، الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة، يتابعون برنامجًا تلفزيونيًا معينًا واحدًا في الأقل بشكل منتظم. وتشير الدراسة إلى أن الأجهزة الإلكترونية، التي تسللت إلى غرف أطفال المدارس، صارت تتسلل إلى مهود الأطفال الرضع.
&
نتائج مباغتة
شملت الدراسة أمهات وآباء 900 طفل تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وأربع سنوات، وتم عرضها في مؤتمر أكاديمية طب الأطفال في الولايات المتحدة. وجرى الاستفسار من هؤلاء الأهالي عن عدد الأجهزة الإلكترونية المعلوماتية في المنزل، وأية أجهزة يستخدمها الأطفال، وسن الأطفال عند بداية اهتمامهم بالأجهزة، ولأي غرض يستخدم الأطفال هذه الأجهزة... إلخ
وكانت النتائج مباغتة للباحثين، لأن الأهالي أقروا بأن أطفالهم تعلموا العمل على الأجهزة المعلوماتية قبل أن ينطقوا أو يتعلموا الحبو.
يعرف 36% من الأطفال تحت عمر سنة واحدة العمل على شاشة اللمس، ويستخدم 15% منهم مختلف التطبيقات الإلكترونية، مع نسبة 12% يلعبون ألعاب الفيديو المختلفة على هذه الأجهزة.
&
الهاتف الذكي جليس أطفال
قالت هيلدا كابالي: "لم نتوقع أن يبدأ الأطفال بسن 6 أشهر العمل على هذه الأجهزة، وان بعضهم يستخدم هذه الأجهزة طوال 30 دقيقة في اليوم. واصبح استخدام هذه الأجهزة بعمر سنتين تحصيلاً حاصلاً، وكان طفل واحد من كل سبعة أطفال شملتهم الدراسة يستخدم الأجهزة المعلوماتية لمدة ساعة في اليوم كمعدل".&
يعرف الأطفال تحت سن سنة واحدة كيفية تدوير قرص الماوس وتصفح الأجهزة، وتحول الهاتف الذكي عند بعض العوائل الأميركية إلى "جليسة أطفال" يعوض عن أجهزة الهاتف التي تخبر الأبوين الغائبين خارج المنزل عن حالة الرضيع أثناء نومه. وصار الرضيع يعبث بالجهاز اثناء استيقاظه بدلًا من البكاء أو العودة إلى النوم.
وكما هي الحال مع التلفزيون، أصبخ الهاتف الذكي ولوح المعلومات، جهاز تسلية يهدئ الطفل بينما تؤدي الأم عملها المنزلي أو تتفرغ لتقليب صفحات الانترنيت (65% من أهالي الأطفال). واعترفت نسبة 75% من أهالي الأطفال بأنهم يتركون الهاتف الذكي للطفل كي يلهو به، و33% يستخدمون الجهاز لتنويم الطفل.
قاطعوا الدراسة
شملت الدراسة 370 عائلة، بينما قاطعت 17 عائلة الدراسة ورفضت الاجابة على الاسئلة، وهذا يعني انهم كانوا على علم بخطأ ترك الأجهزة لأطفالهم. وكانت البنات يشكلن 51% من الأطفال الرضع، ومن الأهالي 74% من الأفارقة الأميركيين، و 14% من أصل لاتيني، و13% من الأهالي لم يكونوا يحملون شهادة اعدادية، و97% من العائلات لديهم تلفزيون، و83% لديهم كومبيوتر لوحي، و77% لديهم هاتف ذكي، ولدى 59% مدخل إلى الانترنت.
وتعترف الدراسة بأن عواقب "الطفولة الرقمية" ما زالت موضع خلاف، لكنّ هناك شكوكًا كبيرة حول تأثيرها على نوم الطفل ونمو دماغه. قد لا تختلف هذه التأثيرات عن نتائج الدراسات التي أجريت على الأطفال ومشاهدة التلفزيون، ومتابعة مسلسلات الاثارة والرعب، واللعب على الألعاب الإلكترونية التي تروج للعنف والاسلحة.
&
يوم مكتسب
تنصح كابالي بابعاد الرضع عن الأجهزة المعلوماتية وألعاب الفيديو. واستشهدت الباحثة بتحذير سابق من أكاديمية طب الأطفال في الولايات المتحدة، رأت في ألعاب الكومبيوتر ومشاهدة التلفزيون عزلًا للطفل عن واقع الحياة، وعن تأثير التربية المباشرة له من قبل الأم والأب.&
لا تدعو الدراسة هنا إلى قطع الطفل عن عالم يفرض نفسه بقوة باتجاه المستقبل، لكنه يدعو إلى تقليل ساعات لعب الطفل بالألعاب الرقمية. وتشير إلى أن كل يوم لا يلعب فيه الطفل على ألعاب الكومبيوتر هو يوم وظائفي مكتسب للدماغ، وتمرين لخلايا الطفل الدماغية بالضد من الادمان الرقمي. وتتحدث دراسة عن حالة علمية مفادها أن "الإعلام الرقمي" والألعاب الرقمية يمكن أن تؤثر سلبًا على تطور دماغ الطفل.
&
التعليقات