&
القلائل هم من لا يعرف البطاطا او البطاطس باللهجة المصرية؟ فهي نوع من الفصيلة الباذنجانية اي الدرنية التي تنمو تحت الأرض بعكس أنواع الخضار الأخرى، وتعتبر الأشهر والأكثر انتشار في العالم. ويمكن تحضير البطاطا بطرق عديدة مشوية أو مسلوقة أو مقلية أو مهروسة أو حساء او مطبوخة او على شكل شيبس، لكن رغم احتلالها في كل بلدان العالم صدارة قائمة الأطعمة فان القليل من الناس يعرف تاريخها أو أصلها.

فنتيجة دراسة وضعها معهد علوم الشعوب في كوستاريكا بعد إجراء تحليلات على أنواع مختلفة من البطاطا البرية او التي تزرع في حقول بمختلف أنحاء العالم اتضح بانها تعود الى أصل واحد زرع قبل حوالي 7000 قبل الميلاد في منطقة جنوب بيرو واقصى شمال غرب بوليفيا وارخبيل شيلوي على ساحل تشيلي وكان مركز زراعة البطاطا. والذين زرعوها في أودية جبال الانديز هم نساء قبائل الهنود الحمر الشعوب الأصلية ويسمون أيضا شعوب الانديز نسبة الى سلسلة جبال الانديز في أميركا &الجنوبية التي عاشوا فيها. ويعود الفضل الى هذه الشعوب أيضا في زراعة البندورة والفاصوليا والقرع والذرة. كما وان قبائل الانكا أول من طحن البطاطا وجعلها مادة ناعمة اطلقوا عليها اسم شونو استخدمت بدلا من القمح في عمل الخبز، وكانت تقدم قرابين للآلهة في مواسم الحصاد.&

ولقد زرعت بنات وابناء آلهة الشمس كما كان يطلق على شعوب الانكا البطاطا على مدرجات وهو نظام زراعة يتبع اليوم أيضا، وتمكنوا من تدجينها لانتاج أنواع متنوع منها البطاطا الحلوة.
&وفي أوروبا كان الأسبان أول من أكلها مسلوقة ومشوية واحضروها الى أوروبا منتصف القرن الـ 16 لكن الانجليز نافسوهم بالتجارة بها وجلبوا بذورها لزرعها فنمت بشكل جيد ومن هناك انتقلت الى ايرلندا التي أصبحت بالنسبة للكثير من الايرلنديين غذاءهم الاساسي. ورغم قرب أميركا الجنوبية من أميركا الشمالية الا ان البطاطا عرفت هناك بداية القرن الـ 17 مع ذلك لم تصبح معروفة الا بعد ان أدخلها المهاجرون الايرلنديون الهاربين من المجاعة الى الكثير من بلدان العالم منها الولايات المتحدة وزرعوها في حقولهم بالأخص في نيوهامشاير أواخر القرن الـ 17.
&
وعندما أصبحت البطاطا في اوروبا منافسة لأنواع اخرى من المزروعات حاول في القرن الـ 17 الكثير من أصحاب الحقول الزراعية في فرنسا ربط تناولها بانتشار مرض الجذام والفضل يعود الى الصيدلي الباريسي انطوان برمونتي السجين لدى البروسيين لادحاض هذه الأقوال وانتشارها لتصبح أحد أهم المواد الغذائية خلال حرب الأعوام السبعة بين بروسيا وبريطانيا من جهة والنمسا وفرنسا وروسيا.

ومع الوقت تحولت البطاطا الى طعام أساسي للفقراء لانخفاض سعرها في كل انحاء العالم وتعتبر أرخص أنواع المواد الغذائية، مع ذلك ظلت في المركز الرابع بعد القمح والأرز والذرة. ويوجد في العالم أكثر من 4000 نوع منها وبمختلف الألوان من الاخضر الى الاصفر وحتى الاحمر او الوردي ويزرع اليوم في أميركا الجنوبية لوحدها أكثر من 6 مليون هكتار بالبطاطا.
وتكريم للانكا والبطاطا يوجد في المركز الدولي للبطاطا في العاصمة ليما بالبيرو اكبر مصرف للجينات في العالم ويحتوي على ما لا يقل عن 3800 نوع من أصناف البطاطا المزروعة تقليديا وحوالي مائة نوع من البطاطا البرية.
&
وكما هو معروف فان درنة البطاطا الواحدة تحتوي على نحو 80 في المئة من ماء و 20 في المئة مواد صلبة، منها النشا بمعدل 80 في المئة وما تبقى فهو من البروتين، اضافة الى العديد من الفيتامينات منها فيتامين ب 1 و2 و6 وبعض الأملاح المعدنية كالكالسيوم والحديد والمغنسيوم والفوسفور والبوتاسيوم والصوديوم والكبريت. وميزات البطاطا انها تحتوي على ألياف ملينة للمعدة وأفضل واق من سرطان الامعاء، لكن من جهة أخرى فلها سلبياتها لأنها تحتوي على سكريات على شكل نشويات تلحق الضرر بالمصابين بالسكري.
&
وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية يزرع في العالم سنويا أكثر من 20 مليون هتكار بالبطاطا ويتجاوز حجم محاصيلها سنويا ال400 مليون طن ومن أهم المنتجين لها خارج القارة الأميركية الجنوبية روسيا والصين والمانيا والولايات&المتحدة الأميركية والهند وهولندا وايطاليا التي تنتج لوحدها سنويا اكثر من مليون ونصف مليون طن على مساحة تصل الى 60 الف هكتار وتستخدم البطاطا أيضا لانتاج علف الحيوانات وتدخل في عدد من المواد الخام الصناعية وحولتها بعض المؤسسات المنتجة لمواد تخفيض الوزن الى عقاقير طبية.
&
&