أظهرت دراسة جديدة ان معدلات الاجهاض بين نساء البلدان المتطورة أقل اليوم منها في أي وقت مضى. وان عدد النساء في البلدان الغربية اللواتي يخضعن لعمليات إجهاض تراجع بدرجة كبيرة خلال ربع القرن الماضي وانخفض الى أدنى مستوى له حتى الآن.
وتبين الأرقام ان معدلات الاجهاض السنوية للنساء في سن 15 الى 44 انخفض خلال الفترة الواقعة بين 1990 و20154 من 46 إجهاضا لكل 1000 امرأة الى 27 في البلدان المتطورة ، كما وجد الباحثون الذين أجروا الدراسة.
وعزا خبراء هبوط معدلات الاجهاض الى تحسن طرق منع الحمل ، بما في ذلك الحبوب ولولب منع الحمل والأجهزة التي تُزرع لهذا الهدف. ولكن معدلات الاجهاض في البلدان النامية حيث يمكن ان تكون العملية خطيرة تهدد سلامة المرأة لم تهبط إلا من 39 لكل 1000 امرأة الى 37 في الفترة نفسها.
وعالميا أُجريت في المتوسط 56 مليون عملية اجهاض سنويا في الفترة الممتدة من 2010 الى 2014 من دون وجود علاقة بين معدلات الاجهاض وصرامة القوانين في البلد ذي العلاقة.
ففي البلدان التي تفرض قيودا قانونية على الاجهاض وبالتالي تُجرى العملية في ظروف تهدد سلامة المرأة ، كانت معدلات الاجهاض مرتفعة كما في البلدان التي تجيز عمليات الاجهاض بل أشار الباحثون الى ان القوانين التي تقيد الاجهاض لم تكن مجدية في الحد من معدلاته.
غياب الرغبة بتكوين أسرة صغيرة
ونقلت صحيفة الديلي ميل عن الدكتورة غيلدا سيدغ التي شاركت في الدراسة من معهد غاتماكر في نيويورك قولها "ان استمرار هبوط معدلات الاجهاض في البلدان المتطورة يعود بالدرجة الرئيسية الى زيادة استخدام موانع الحمل الحديثة التي اعطت المرأة قدرا أكبر من التحكم بتوقيت الانجاب وعدد الأطفال الذين تريد انجابهم. ولكن خدمات تخطيط الأسرة في البلدان النامية لا تواكب على ما يبدو الرغبة المتزايدة في عائلات أصغر".
وأشارت الدكتورة سيدغ الى ان أكثر من 80 في المئة من حالات الحمل غير المقصودة كانت مع نساء لم يستخدمن طرق منع الحمل الحديثة وان الكثير من هذه الحالات تنتهي بعملية اجهاض.
وجمع الباحثون من معهد غاتماكر ومنظمة الصحة العالمية بيانات عن الاجهاض من استبيانات تمثيلية وطنيا واحصاءات رسمية ودراسات منشورة وغير منشورة.
واشتملت هذه المعطيات على معلومات عن عدم توفر طرق منع الحمل ودرجة انتشارها. كما استُخدم نموذج إحصائي لتحديد اتجاهات الاجهاض في جميع مناطق العالم الرئيسية خلال الفترة الواقعة بين 1990 و2014.
وأظهرت النتائج ان أوروبا الشرقية شهدت أكبر نسبة هبوط في معدلات الاجهاض خلال هذه الفترة ، من 88 الى 42 لكل 1000 امرأة. وجاءت بعدها منطقة جنوب أوروبا (من 38 الى 26) ثم شمال أوروبا (من 22 الى 18) وأميركا الشمالية (من 25 الى 17).
وبالمقارنة مع ذلك ظلت معدلات الاجهاض في أفريقيا ثابتة عمليا خلال الفترة نفسها من 33 الى 34 لكل 1000 امرأة. وقالت الدكتورة سيدغ ان لدى النساء في البلدان ذات القوانين التي تقيد الاجهاض حاجة غير مستجابة الى منع الحمل أي انهن يريدن تجنب الحمل ولكنهن لا يستخدمن طريقة لتخطيط الأسرة ، أكثر من النساء في البلدان ذات القوانين الليبرالية في سماحها بالاجهاض.
ولاحظت البروفيسورة ديانا غرين فوستر من جامعة كاليفورنيا ان التفسير البديهي لهذه الظاهرة هو ان تحريم الاجهاض لا يمنعه بل يدفع النساء الى البحث عن خدمات وطرق غير قانونية.
وقالت الدكتورة بيلا غاناترا التي شاركت في الدراسة من منظمة الصحة العالمية ان ارتفاع معدلات الاجهاض في البلدان النامية يقدم دليلا آخر على ضرورة تحسين خدمات منع الحمل وتوسيع امكانية الحصول عليها داعية الى الاستثمار في طرق منع الحمل الحديثة.
وبحسب منظمة ماري ستوبس الدولية للصحة الجنسية فان هناك في العالم 225 مليون امرأة لا يرغبن في الحمل لكنهن لا يستخدم منع الحمل ودعت الى وضع طرق منع الحمل في متناول النساء كافة وبذلك تفادي الحاجة الى الاجهاض الذي يكون في احيان كثيرة غير محمود العواقب.
وقالت متحدثة باسم المنظمة ان امرأة تموت كل 11 دقيقة من مضاعفات ناجمة عن الاجهاض بطرق غير مأمونة واصفة ذلك بأنه امر "غير مقبول ويمكن منعه تماما" في عام 2016.
وأضافت "ان هذه الدراسة يجب ان تنبه المجتمع الدولي الى ان علينا ان نفعل المزيد".
التعليقات