ماتت فتاة هندية بعدما أشعلت النار في نفسها، احتجاجا على طريقة التعامل معها إثر اتهامها لأحد أعضاء البرلمان باغتصابها.

وسلط الحادث المروع الأضواء مجددا على حوادث الاغتصاب، والمعاملة السيئة للنساء، في الهند.

وأحرقت الفتاة (24 عاما) نفسها الأسبوع الماضي بعد تحدثها عن اضطهاد من قبل عناصر في الشرطة، والقضاء، بالنيابة عن عضو البرلمان الذي اتهمته باغتصابها في وقت سابق.

وقامت الفتاة وصديق لها ببث مباشر على فيسبوك، الأسبوع الماضي، قبل أن يقوما بسكب البنزين على نفسيهما، وإشعال النار.

ونقل أفراد الإسعاف الفتاة وصديقها إلى المستشفى، وكانا يعانيان من حروق شديدة، وتوفي صديق الفتاة السبت الماضي، بينما ماتت الفتاة الثلاثاء.

وسافرت الفتاة وصديقها من ولاية أوتار براديش الشمالية، إلى العاصمة دلهي، حيث أحرقا نفسيهما، أمام مقر المحكمة العليا، للفت الأنظار، إلى معاناتها، وهو ما سبب صدمة كبيرة في البلاد.

واتهمت الفتاة أتول راي، عضو البرلمان عن حزب "بهوجان سماج"، باغتصابها في منزله، في مدينة فارانساي، وقامت بتقديم شكوى ضده، لدى الشرطة، عام 2019.

واعتقلت الشرطة راي بعد شهر من الشكوى لكنه أنكر كل الاتهامات، غير أنه بقي محتجزا طوال العامين الماضيين.

وتقدم شقيق البرلماني بشكوى ضد الفتاة نهاية العام الماضي واتهمها بالتزوير، لكنها نفت ذلك، غير أن المحكمة أصدرت مذكرة اعتقال بحقها دون إمكانية إطلاق سراحها بكفالة.

وفي الفيديو الذي بثته الفتاة على فيسبوك، اتهمت عضو البرلمان، باستخدام نفوذه، ضدها، وذكرت وصديقها، عددا من أسماء عناصر الشرطة، والقاضي، وقالا إنهم متواطئون مع راي.

وقالت الفتاة "لقد وصلنا للنقطة التي أرادوها لنا، لقد بذلوا جهدهم طوال عام ونصف لدفعنا إلى هذه النقطة".

وأضاف صديقها "السلطات تدفعنا للانتحار، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وأردنا أن يسمع جميع أبناء أوتار براديش، والهند ذلك".

وقال قبل دقائق من إشعال النار في نفسه هو والفتاة "الخطوة التي نحن بصددها الآن، مؤلمة، ومخيفة، ونحن نشعر بالرعب، لكن ذلك كله لايعني شيئا".

وقامت سلطات الولاية، بإيقاف شرطيين، وبدأت تحقيقا في الموضوع.

وتشهد الهند تركيزا على جرائم الاغتصاب، والتحرش الجنسي منذ عام 2012، عندما تعرضت فتاة تبلغ من العمر 23 عاما للاغتصاب من عصابة مكونة من 6 أفراد في حافلة عامة في العاصمة، دلهي، قبل أن تموت بعد أيام من جراحها في المستشفى.

وأدت الواقعة إلى غضب شديد على المستوى العالمي، وهو ما دفع الهند إلى إقرار قوانين مشددة ضد جرائم الاغتصاب، والتحرش، وأصدرت المحكمة أحكاما بالإعدام، ضد خمسة من المتهمين، ونفذ الحكم بالفعل بحق 4 منهم العام الماضي.

ورغم ذلك لم تتراجع معدلات جرائم الاغتصاب والجرائم الجنسية الأخرى في البلاد، حيث سجلت السلطات نحو 34 ألف جريمة اغتصاب في عام 2018، وهو ما يعني وقوع جريمة كل 15 دقيقة، ويقول النشطاء إن الأرقام أكثر من المعلن بمراحل، بسبب إحجام غالبية الضحايا عن الإبلاغ عن الجرائم التي يتعرضون لها.

ويؤكد النشطاء أيضا أن التطبيق الانتقائي للقانون، يعني أنه عندما يكون المتهم نافذا إما بماله أو منصبه، فإن الضحية تفشل في الحصول على العدالة.

وليس هناك مكان آخر في الهند يفوق أوتار براديش في هذا الصدد.

ولا تعد عملية الانتحار التي أقدمت عليها الفتاة وصديقها، الأولى من نوعها.

فقد حاولت فتاة أخرى إشعال النار في نفسها عام 2018، بسبب فشل الشرطة في القيام بدورها، بخصوص شكوى اغتصاب تقدمت بها ضد كولديب سينجر، عضو البرلمان عن حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم.

مظاهرة نسائية ضد ثقافة الاغتصاب
Getty Images

واستمر سينجر في منصبه عدة أشهر بعد الشكوى، باستخدام نفوذه في المنطقة، واتهمت الشرطة في الولاية، بالتآمر معه، واعتقال والد الفتاة، الذي توفي رهن الحبس.

ولم تحول سلطات الولاية شكواها للقضاء إلا بعدما أقدمت على إشعال النار في نفسها، وفي عام 2019 أدانت المحكمة في العاصمة دلهي سينجر بالاغتصاب، وقضت عليه بالسجن مدى الحياة.

وفي واقعة أخرى، أشعلت فتاة النار في نفسها، بينما كانت في طريقها، لتقديم شهادتها ضد من اتهمته باغتصابها في المحكمة، ووصلت نسبة الحروق في جسدها إلى 90 في المائة، وتوفيت في المستشفى بعد 3 أيام.

وتلقت سلطات الولاية نفسها أوتار براديش الكثير من الانتقادات العام الماضي، بسبب تعاملها مع واقعة اغتصاب وقتل فتاة، تبلغ من العمر 19 عاما، من 4 رجال من الأثرياء في الولاية.

وتسببت الواقعة في انتقادات عالمية، لسلطات الولاية، خاصة بعدما قالت أسرتها إن السلطات أحرقت جثمان الفتاة دون موافقتهم.

ويقول النشطاء إنه لو كانت الهند جادة في سعيها، لمكافحة الجرائم الجنسية، يجب عليها معاقبة المجرمين، بغض النظر عن نفوذهم وأسرهم.