فُجِعَ عالم الموضة في عام 2022 بوفاة بعض أكبر الأسماء في هذه الصناعة، من أندريه ليون تالي مروراً ب تيري موغلر، وهانا موري وإنتهاء بإيسي مياكي أسماء رحلت لكن بصمتهم ستظل باقية إلى الأبد.

أندريه ليون تالي:
بدأ محرر الأزياء الذي وافته المنية في 18 يناير 2022 مسيرته المهنية في جامعة براون حيث درس الأدب الفرنسي. درس تالي اللغة الفرنسية في الجامعة، وحصل على درجة الماجستير، ثم دخل عالم صحافة الموضة. بعد عمله لفترات متقطعة في مجلات من أمثال «إنترفيو» التي أسسها الفنان الشهير آندي وارهول، و«ويمنز واير ديلي» و«دبليو»، ثم لفترة قصيرة في «نيويورك تايمز»، انضم تالي إلى «فوغ» كمدير لأخبار الموضة العام 1983، في السنة نفسها لانضمام رئيسة التحرير الحالية آنا وينتور.

وكان ذلك بداية علاقة استمرت ثلاثة عقود مع أشهر مجلات الموضة، حيث عمل كمدير إبداعي ومحرر مساهم ثم كمحرر متنقل حتى مغادرته العام 2013.

وقال تالي لجريدة «ذي غارديان» العام 2020 «لقد أحرقت الأرض بموهبتي وتركت نوري يسطع».

نشأته

وُلد تالي في واشنطن العام 1948، ونشأ على يد جدته إلى حد كبير في دورهام بولاية نورث كارولينا وكان مهتمًا بالموضة منذ سن مبكرة.

وقال تالي في مقابلة مع جريدة «ذي غارديان» البريطانية في مايو 2020 «كل يوم أحد، كنت أتنقل عبر خطوط السكك الحديدية إلى الجزء الثري من دورهام وأشتري فوغ وهاربر بازار، ثم أعود إلى منزل جدتي، وأقرأ مجلاتي». وأشار إلى أن هذه الهواية كانت تسمح له «بالابتعاد عن أجواء التنمر والاعتداءات الجنسية نحو عالم جميل».

لحظات معقدة
كان تالي شخصية بارزة في عالم الموضة؛ إذ رعى المصممين السود وضغط من أجل مزيد من التنوع على منصات عروض الأزياء.

إلى جانب صحافة الموضة، تولى تالي عضوية لجنة التحكيم في برنامج «America's Next Top Model»، كما ظهر في حلقات لـ«Sex and The City» و«Empire».

ألف تالي ثلاثة كتب، بينها مذكراته «Theiffon Trenches» التي حققت مبيعات كبيرة وتطرق فيها إلى خلافه الشهير مع آنا وينتور.

تييري موغلر:
أحدث تييري موغلر ثورة في عالم الموضة من خلال ادماجه لثقافة البوب، والشبك، والتصاميم المثلثية المقلوبة، محدداً جمالية الثمانينيات. أنشأ أوّل بوتيك ملابس له تحت إسم Café de Paris في سنة 1973، قبل سنة واحدة من إطلاق علامته Thierry Mugler، وقد اشتهر المصمّم بالقصّات الضيّقة المستوحاة من السريالية وعالم الخيال العلمي.
في سنة 1992، أطلق تيري موغلر عطره الخاصّ Angel الذي أصبح من بين العطور الأكثر مبيعاً في القرن العشرين.
وفي عام 2002، ابتعد تيري موغلر عن الموضة ليعود مجدداً عام 2013، ويطلق على علامته التجارية إسم MUGLER.4.

ارتدى ملابسه ديفيد بوي، كيم كارداشيان، وكاردي بي، على سبيل المثال لا الحصر. ارتقى موغلر بمظهر المنصة، حيث قام بدمج الموسيقى والموضة ورفع مستوى أداء عرض مجموعاته، مما جعل تصميماته محط أنظار على الفور. تم تعيين موغلر مديراً فنيا لجولة بيونسيه حول العالم، مرتدية زي الملكة كامرأة ومحاربة في ثوب ذهبي مرصع بالجواهر.

توفي موغلر في 23 يناير 2022.

ايسي مياكي:
توفي إيسي مياكي، الذي توج بلقب أمير الطيات في 5 أغسطس 2022. اشتهر بملابسه المبتكرة ذات الثنيات. مع خبرة امتدت لأكثر من 50 عاماً، كان المصمم الياباني يشير دائماً إلى تصميماته على أنها "ملابس" بدلاً من "أزياء"، مبتعداً عن فكرة أن عمله كان من المفترض أن يتناسب مع اتجاهات الموضة.

وقف مياكي ضد الموضة السريعة ودورة الموضة، وبدلاً من ذلك قام بالترويج لإعادة التدوير لأنه أراد أن يتمكن زبونه من ارتداء قطعه منذ 10 سنوات بتصاميمه الحالية. علاوة على ذلك، لم يكن يرى التكنولوجيا على أنها مشكلة ولكن كحل للإفراط في الإنتاج. ابتكر فكرة صنع الملابس عن طريق تقليل النفايات باستخدام أنبوب واحد من القماش واستخدام آلة الحياكة. اليوم، تعيش بعض تصميماته بشكل دائم في المتاحف، بما في ذلك متحف الفن الحديث.

نشأته

وكان إيسي مياكي الذي ولد في 22 إبريل 1938 في هيروشيما (غرب اليابان) في سن السابعة عندما ألقت الولايات المتحدة في 6 أغسطس 1945 أوّل قنبلة ذرية في التاريخ على مسقط رأسه، ممّا أسفر عن مقتل 140 ألف شخص وتَسبّب بصدمة نفسية عميقة للناجين تركت أثرها على حياتهم.

وتوفيت والدة إيسي بعد ثلاث سنوات من إلقاء القنبلة بسبب مضاعفات تعرّضها للإشعاعات.

وما إن تخرّج مياكي من جامعة تاما للفنون الجميلة في طوكيو، حتّى انتقل إلى باريس في العام 1965، حيث درس في معهد الغرفة النقابية الباريسية لتصميم الأزياء.

هناك تحوّل مياكي إلى واحدٍ من المصممين اليابانيين الشباب الذين تركوا بصماتهم في العاصمة الفرنسية منذ منتصف السبعينيات، إذ هزّت تصاميمه الحديثة الموضة الباريسية.

انتشرت تصاميمه اعتباراً من ثمانينيات القرن الماضي في كلّ أنحاء العالم، واشتهر باستخدامه مواد لم تكن معهودة حتّى ذلك الحين في عالم الأزياء.

طوال حياته المهنية التي امتدت لأكثر من نصف قرن، ابتكر مياكي ملابس مريحة ذات جودة عالية، إذ اختار تجاهل تصميم الأزياء الراقية المعقّدة أو غير المريحة لصالح ما سماه ببساطة "صنع الأشياء".

هاناي موري
كانت هاناي موري أسطورة حية في عالم الموضة اليابانية وأصبحت أول امرأة آسيوية يتم قبولها في Chambre Syndicale de la Haute Couture.

لُقبت هاناي موري بـ"مدام باترفلاي" (السيدة فراشة)، إذ إن نقشات الفراشات كانت تميّز تصاميمها وشكّلت علامتها الفارقة. وارتدت نساء شهيرات كثيرات أزياءها الفاخرة التي كانت تُخاط يدوياً، بينهنّ مثلاً السيدة الأميركية الأولى السابقة نانسي ريغان، والممثلة الراحلة غريس كيلي زوجة أمير موناكو، وهيلاري كلينتون،وبيانكا جاغر، وولية العهد الأميرة ميتشيكو.

وكانت هاناي موري واحدة من النساء اليابانيات القليلات اللواتي يترأسن شركات عالمية، وكانت بالتالي رائدة في تحرير المرأة في بلدها.

وكانت لها خلال مسيرتها المهنية الطليعية محطات في طوكيو - حيث بدأت في فترة ما بعد الحرب بصناعة الأزياء للسينما - وفي نيويورك وباريس حيث أصبحت علامتها التجارية عام 1977 أول دار أزياء آسيوية تنضم إلى صفوف الغرفة النقابية النخبوية جداً للهوت كوتور في باريس.

وتمحورت تشكيلتها الأولى خارج اليابان - أطلقتها في نيويورك عام 1965 - على موضوع اللقاء بين "الشرق" و "الغرب".

مهدت موري الطريق أمام عدد من مصممي الأزياء اليابانيين الذين لمعوا بعدها، على غرار يوجي ياماموتو، وري كواكوبو، وكنزو تاكادا، وإيسي مياكي.

وعلى الرغم من تفكك إمبراطورية هناي موري التجارية في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بفعل الصعوبات المالية، وإغلاق ورشتها الباريسية عام 2004 بعد عرضها الأخير في العاصمة الفرنسية، لا تزال هناك متاجر تحمل اسمها في اليابان، وتباع عطورها في أنحاء العالم المختلفة.

توفيت موري في 11 أغسطس 2022.