كشف وزير داخلية تونس عن معلومات استقتها وزارته بخصوص توصيات من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لعناصره، تقضي بتصفية جهاديي داعش الذين يبحثون عن موطئ قدم لهم في المنطقة المغاربية.


إسماعيل دبارة من تونس: تصريحات وزير داخلية تونس، لصحيفة محلية، والتي تحدث فيها عن إحتمال اندلاع معركة بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتنظيم "داعش"، فجرت مخاوف جدية لدى كل من تونس والجزائر من أن يتكرر سيناريو حرب تنظيم داعش وجبهة النصرة في المنطقة الحدودية بين البلدين المغاربيين.

وكشف وزير الداخلية لطفي بن جدو في تصريحات لصحيفة (الشروق) اليومية عن أن عددا من قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، "عقدوا مؤخرا اجتماعا في منطقة على الحدود الغربية التونسية حضره عبدالمالك دروقدال، والتونسي لقمان أبو صخر، وأوصوا بتصفية جماعة داعش لو اقتربت من قواعدهم".

وقال بن جدو: "نتابع تحرّكاتهم ونشاطاتهم بدقة سواء كانوا منتمين الى ما يسمّى "القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي" أو "داعش" ونعرف أن قادة الـ«اكمي» (قاعدة المغرب الاسلامي) عقدوا مؤخرا اجتماعا في منطقة على حدودنا الغربية حضره عبد المالك دروقدال والتونسي لقمان أبو صخر وأوصوا بتصفية جماعة «داعش» لو اقتربوا من قواعدهم. مازلنا نرصد اختلافات في الأداء بين الطرفين ونريد أن نتأكد من مسألة مبايعة ما يسمى كتيبة عقبة ابن نافع لتنظيم «داعش».

خلايا داعشية

ولكن الوزير بن جدو أشار في تصريحاته إلى أن الأجهزة الأمنية "لم تكتشف إلى حد الآن خلايا تابعة لداعش في تونس، غير أن تفاعل التكفيريين على فايسبوك، جعلنا نرصد وجود إعجاب شديد بما تحققه داعش في العراق وسوريا".

واعتبر أن "خطر هؤلاء موجود لأنهم يشكلون قاعدة متعاطفين يمكن أن تشكل خلايا مع العائدين من سوريا والعراق، ونحن نتابع تحركاتهم ونشاطهم بدقة".

وكانت مصادر أمنية قد أعلنت في وقت سابق أن الأجهزة الأمنية التونسية سبق لها أن رصدت أن عددا هاما من التونسيين تمركزوا في معسكرات تدريب في ليبيا غير بعيد عن الحدود مع تونس، كانوا قد وصلوها من سوريا التي غادروها بعد احتداد المعارك بين جبهة النصرة وداعش.

ولفتت إلى أن هؤلاء التونسيين الموجودين في ليبيا، اكتسبوا خبرة قتالية أثناء وجودهم في سوريا، وهم الآن يترصدون الفرصة للدخول إلى تونس للالتحاق بالعناصر الإرهابية الناشطة في غرب البلاد.

عقبة بن نافع تبايع البغدادي

والشهر الماضي، أعلنت مجموعة إسلامية مسلحة تونسية مبايعتها لتنظيم "داعش" المتطرّف، ودعته للتحرك خارج سوريا والعراق وفق ما أعلن المركز الأميركي لمراقبة المواقع الإسلامية (سايت).

وبحسب بيان ترجمه الموقع فإن "الإخوة المجاهدين في كتيبة عقبة بن نافع يدعمون بقوة ويبايعون تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ويدعونه إلى التقدم وتجاوز الحدود وتحطيم عروش الطغاة في كل مكان".

وتطارد تونس منذ نحو عامين مقاتلي "كتيبة عقبة بن نافع" في مناطق جبلية على الحدود التونسية الجزائرية خصوصا جبل الشعانبي الذي يعد معقلا لهذه المجموعة الإسلامية المسلحة التي تورطت في قتل عشرات الجنود ورجال الشرطة.

ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي قالت فيه السلطات التونسية إن مجموعات إرهابية تهدد الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تنظم في تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر لتنهي مرحلة انتقالية مستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وكانت "كتيبة عقبة بن نافع" تعلن سابقا أنها جزء من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، لكن مبايعتها لداعش والبغدادي تنهي بالضرورة انتماءها إلى القاعدة.

خلافات حول البيعة

وتأتي مبايعتها، بحسب الموقع الأميركي، لداعش بعد أيام من دعوة فرعي القاعدة في المغرب الإسلامي واليمن المسلحين الإسلاميين المتشددين في سوريا والعراق إلى الاتحاد ضد التحالف الدولي الذي بادرت واشنطن لتشكيله بهدف القضاء على الدولة الإسلامية.

وكان "داعش" نأى بنفسه عن القاعدة وأعلن إقامة "خلافة" في قسم من العراق وسوريا في حين بقيت جبهة النصرة موالية لأيمن الظواهري.

وشن تنظيم "داعش "حربا ضروسا ضد جبهة النصرة الذراع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا، وفي حال حصل اختلاف جوهري بين جهاديي المغرب العربي في تحديد الولاء والبيعة، فإن سيناريو الإقتتال يظل قائما بين الطرفين رغم انسجام مرجعيتهما الجهادية.

إنجازات أمنية

في سياق متصل، كشف وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو في الحوار عينه، أن الأجهزة الأمنية تمكنت خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2014 من "إيقاف 2080 إرهابيا من بينهم 450 عنصرا عائدا من سوريا والعراق".

وأكد أن الوزارة باشرت "خطة أمنية جديدة ونوعية" للرفع من "جاهزية" قوات الأمن بعد أن تم "رصد" هجمات إرهابية خلال عيد الأضحى.

وقال بن جدو: "الخطة ساعدت في رفع جاهزية مختلف الأجهزة الأمنية الأمر الذي مكن من ارتفاع عدد الموقوفين من المفتش عنهم في قضايا مختلفة إلى 700 شخص يوميا"، لافتا إلى أن ذلك يعد "مؤشرا إيجابيا يجعل تونس في المرتبة الثالثة أو الرابعة عالميا من حيث سرعة إيقاف الأشخاص المفتش عنهم".

وأشار إلى أن الخطة الأمنية شملت "تحصين مداخل المدن وتكثيف التواجد الأمني ومد الأمنيين بالعتاد والمعدات اللازمة كما شملت تعزيز مداخل المدن بدوريات منتشرة في كامل أنحاء الجمهورية".

وشدد على أن قوات الأمن انتهجت "طريقة جديدة في محاربة الإرهابيين في المناطق الحدودية مثل محافظات القصرين والكاف وجندوبة حيث تم تركيز فرق ومجموعات من الشرطة والدرك (الحرس الوطني) والجيش دربتها عالية وجاهزيتها كذلك مزودة بالمصفحات علاوة على تركيز قيادات ميدانية مشتركة تتخذ القرار حينيًا دون الرجوع إلى مراكز القرار بالوزارة وهو ما يمكنها من رد الفعل بالسرعة والنجاعة اللازمتين".

غير أن بن جدو اعترف بأن قوات الأمن "تواجه صعوبات جدية في رصد تحركات الإرهابيين على الشريطين الحدوديين مع كل من الجزائر وليبيا"، قائلا إن "الإشكال يبقى قائما بالنسبة لحدودنا الغربية مع الجزائر وحدودنا الشرقية مع ليبيا.. ونحن نتجه إلى السيطرة على هذه الحدود بالكامل لتجفيف مسالك تسريب الإرهابيين والأسلحة وخنق المتحصنين منهم في الجبال".

وأكد أنّ الأجهزة الأمنية لديها معلومات متأكدة بأن سلاح الجماعات الجهادية التونسية متأتٍ بالخصوص من ليبيا، وبتمويل من مالي، ومن أثرياء خليجيين.

وأشار إلى أن الجماعات الجهادية نجحت في تكوين "خلايا نائمة" في المدن وخاصة في الأحياء الشعبية وهي تنتظر الأوامر لتنفيذ هجمات، غير أنه استبعد التنبؤ بأعدادها ولاحظ أن "النسيج الأمني الذي سخّرناه مع تفعيل الاستعلامات ووجود لجان للاستعلام في كل محافظة إضافة إلى وجود فرق مختصة للإرشاد ساعدنا على كشف عديد الخلايا النائمة".